عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E الكتاب المقدس

رى آباء الكنيسة

 

"لكن واحدًا من العسكر طعن جنبه بحربة،وللوقت خرج دم وماء". (34)
لم ترد قصة طعن جنب المسيح إلا في هذا الإنجيل.
يسوع الذي مات حقيقة حسب الجسد، إذ فارقت النفس الجسد، يُعلن أنه مبدأ الحياة الغالبة للموت. بموته غلب الموت وأعاد إلينا الحياة الأبدية.
يرى آباء الكنيسة الأولى مثل القديسين أغسطينوس وأمبروسيوس ويوحنا الذهبي الفم في هذه الظاهرة إشارة أولى إلى سرّي المعمودية (الماء) والإفخارستيا، حيث يكون الارتواء مباشرًا من الجرح في جنب ربنا يسوع. ويرى كل من العلامة ترتليان والقديس كيرلس الأورشليمي والقديس جيروم أن الماء والدم هنا هما رمزان للمعمودية والاستشهاد. ويرى البعض أنهما رمز للعهدين القديم (الماء) والجديد (الدم) حيث فيه تم العهد وتمتع رجال العهدين بالخلاص.
يُقال أن هذا الجندي يُدعى لونجينوس Longinus، وأنه إذ خرج دم وماء من جنب السيد سقطت قطرات دم على عينيه العليلتين فبرئتا، فآمن به، وأنه كرز في كبدوكية، ونال هناك إكليل الشهادة. يرى البعض أن اسم لانجينوس جاء تحريفًا من كلمة Longchee اليونانية، ومعناها حربة أو رمح وردت هنا في النص. لازال النقاش مستمرًا حول موضع الحربة، هل على الجانب اليمين أم اليسار من السيد المسيح. وإن كان الروح القدس لم يعلن لنا خلال الأناجيل عن ذلك، مكتفيًا بأنه طعن بالحربة تحقيقًا للنبوة. يرى البعض في طعن السيد المسيح بالحربة حتى قلبه إنما كان ذلك أشبه بنافذة تطل من خلالها النفس على أحشاء المسيح الداخلية أو قلبه، لترى فيض حبه الإلهي، أو لهيب الحب الفائق نحو البشرية. إنه النافذة المفتوحة التي من خلالها يمكن للمؤمن أن يلتقي بالله، ويرسل إليه مشاعر حبه. إنها نافذة القلب التي لا تُغلق قط أمام أي تائب.سمح الله للجندي أن يضرب قلب السيد المسيح بالحربة لكي نرى في القلب الصخرة المضروبة لأجلنا (١ كو ١٠:٤)، والينبوع الذي يفيض علينا (زك ١٣:١)، وآبار الخلاص التي حُفرت من أجلنا (إش ١٢: ٣)، والنهر الذي يفيض بمجاريه لكي يفَّرح مدينة الله.
جُرح الرب في آلامه، ومن هذا الجرح خرج دم وماء... الماء للغسل، والدم للشرب، والروح لقيامته. فالمسيح وحده هو رجاؤنا وإيماننا وحبنا. رجاء في قيامته، وإيمان في الجرن، وحب في السرّ. 
القديس أمبروسيوس

جاء الجند وكسروا سيقان الآخرين ولم يكسروا ساقي المسيح. لكن هؤلاء ضربوا جنبه بالحربة ليبهجوا اليهود، وكنوعٍ من الإهانة للجسد الميت... الآن تحققت النبوة: "ينظروا إلى الذي طعنوه" (راجع زك 12: 10). ليس هذا فقط، وإنما صار هذا العمل برهانًا على الإيمان بالنسبة للذين لم يؤمنوا بعد ذلك، مثل توما ومن على شابهته. هذا أيضًا حمل سرًا فائق الوصف قد تحقق، إذ خرج دم وماء. لم يحدث هذا بلا هدف، ولا مصادفة، حيث صدر الينبوعان. لأن بهذين الاثنين معًا تتكون الكنيسة. يعرف ذلك المبتدئون في الأسرار، فإنهم بالماء ينالون الميلاد الجديد، وبالدم والجسد ينتعشون. هكذا وُجدت الأسرار في البداية حتى عندما تقتربون إلى الكأس المهوب تقتربون كما من جنبه ذاته لتشربوا.

 القديس يوحنا الذهبي الفم

كما أن عمله الأرضي (خدمته على الأرض) بدأت بالماء، هكذا انتهت به. طُعن جنبه بالحربة، وفاض دم وماء، رمزان للمعمودية والاستشهاد.

القديس جيروم

لقد أُعلن عن ذلك مقدمًا عندما أُمر نوح أن يقيم بابًا في جنب الفلك (تك ٦:١٦)، حتى تدخل منه الحيوانات لكي لا تهلك من الطوفان، والتي كانت تشير إلى الكنيسة. لهذا خُلقت المرأة الأولى من جنب الرجل وهو نائم (تك ٢:٣٢) ودُعيت الحياة (حواء) وأم كل حي (تك ٣: ٢٠)... أحنى آدم الثاني هذا رأسه ونام على الصليب حتى تتشكل العروس مما يصدر عن جنب النائم... أي شيء أطهر من مثل هذا الدم؟ أي شيء يهب صحة أكثر من هذا الجرح؟
القديس أغسطينوس

"والذي عاين شهد، وشهادته حقٌ،وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم". (35)
"
لأن هذا كان ليتم الكتاب القائل:عظم لا يُكسر منه". (36)
بقوله هذا يشهد القديس يوحنا أنه عاين ذلك بنفسه، وأن ذلك حدث معجزيًا. وقد أشار إلى ذلك لأن الإنجيليين الآخرين لم يشيروا إلى هذا الحدث، وهو يؤكد حقيقة موته.
لقد تم الكتاب حسب الوعد الذي قُدم لكل الأبرار كإشارة لما يتحقق مع يسوع البار (مز ٣٤: ٢٠) أن الله يحفظ كل عظامه، وواحدة منها لا تنكسر. ويقول داود بالروح: "كل عظامي تقول: يا رب من هو مثلك؟" (مز ٣٥: ١٠). هذا وقد مُنع اليهود من كسر عظمة من عًظام خروف الفصح (خر ١٢: ٤٦؛ عد ٩: ١٢). فالمسيح فصحنا ذُبح لأجلنا (١ كو ٥: ٧)، إنه حمل الله (يو ١: ٢٩)، لذلك لا تُكسر عظامه.

تشير العظام في العبرانية إلى قوة الجسم، بكونها تكَّون الهيكل العظمي للإنسان. فعدم كسر عظامه يرمز إلى أن السيد المسيح وإن كان قد قَبِلَ أن يصلب كما في ضعفٍ، لكن في ضعفه قوة. فالخطية تكسر عظامنا وتنزع عنا قوتنا، لذا يقول المرتل داود في مزمور التوبة: "تبتهج عظامي المنسحقة" (مز ٥١: ٨). لكن الخطية لم تقدر أن تكسر أو تسحق عظام المسيح، إنما وقف بثبات يحمل ثقل خطايانا حتى يخلصنا منها.

لقد تمت تلك النبوة، إذ لم يكسر اليهود للسيد المسيح عظمًا، وأن هذا القول قيل في وصف الخروف عند اليهود، إلا أن الرسم حاضر من أجل الحق، وفي هذا خرج أكثر وضوحًا، ولهذا السبب اقتاد البشير ذكر ما قاله الكتاب إلى وسط كلامه.

يعلن القديس يوحنا بصوتٍ عالٍ عن الأسرار اللازمة مقدمًا، وإذ رأى الكنز ملقيًا فيها كان دقيقًا بخصوص ما حدث وكيف تحققت النبوة أيضًا... "عظمة واحدة منه لا تنكسر" (راجع خر 12: 46؛ مز 34: 20). فإن هذا قد قيل بخصوص حمل اليهود، وذلك من أجل الحقيقة التي سبق فتنبأ عنها الرمز، ففيه تحققت النبوة بأعظم كمالٍ. لهذا فإن الإنجيلي قدم النبي. وإذ هو يقدم نفسه على الدوام كشاهدٍ ربما يبدو أن شهادته غير موضع ثقة جلب موسى (كشاهدٍ) وقال أن ما حدث لم يكن بغير هدفٍ، بل سبق فكُتب عنه قبلاً في القديم.

القديس يوحنا الذهبي الفم

"وأيضًا يقول كتاب آخر: سينظرون إلى الذي طعنوه". (37)

تم قول الكتاب أيضًا بخصوص طعنه بالحربة، إذ جاء في سفر زكريا النبي ينظر إليه الذين طعنوه وينوحون (١٢: ١٠؛ رؤ ١: ٧)، وأنه جُرح في بيت أحبائه (زك ١٣: ٦).
سيتطلع هؤلاء البؤساء إلى الذي سخروا به، إذ رأوه معلقًا على الصليب الثمين. سيروه متوجًا بالمجد الإلهي، وسينحدرون إلى هوة الدمار في مجازاة عادلة على شرهم من نحوه.
القديس كيرلس الكبير

مرة أخرى يثبت كلمات النبي بشهادته هو. 

أخبرتكم بهذه الأمور لتتعلموا العلاقة العظيمة بين الرمز والحقيقة. ألا ترون بأي اجتهاد أخذ هذه الأمور لكي يؤمنوا من خلال ما يبدو خزيًا وعارًا؟ 

إهانة الجندي للجسم الميت كانت أشر من صلبه... لكن ولا خلال العار يقدر أحد أن يؤذى قضيتنا. فإن ما يبدو خزيًا عظيمًا للغاية هو نفسه سجل مهيب للغاية عن الأمور الصالحة.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com