عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

القديسة تقلا الحلقة الثالثة 24 أيلول

عيد القديسة تقلا أولى الشهيدات المعادلة الرسل 24 ايلول

الحلقة الثالثة

اضطهاد المسيحية

نشعر، ونحن نقرأ في تاريخ المسيحية في مبادئها، كيف كان يهوج الشعب ضد المسيحيين. لم يكن دائماً هذا الكره بدافع ديني. أحياناً كثيرة تلاطمت أهواء بشرية مختلفة للتحريض على شجب المسيحية وتدميرها. خاف كثير من التجّار الوثنيين على تجارتهم، فمع ظهور المسيحية سيضيعون فرصاً تجارية رابحة في بيع التماثيل والمنحوتات وبيع الحيوانات المقدّمة للذبائح لتكريم الآلهة. ، فقيام المسيحية وانبعاثها وانتشارها إنما هو نذير موت للدين الوثني وغيره، وخاف الرؤساء والمسؤولون على ضياع هذه الجماهير من بين أيديهم. إنما في الأعماق أحسّت هذه الجماهير أن التعليم الجديد كان يلزمها بتغيير جذري في الحياة وبالاقلاع عن عادات قديمة، ولذلك أعلنت الحرب ضد المسيحيين. في القرن الأول توالت الاضطهادات. في انطاكية والقدس وروما، وحيث نبتت الغرسة المسيحية التي زرعها الله لاقت العواصف وواجهت الصعاب. فكما قال السيد المسيح: "إن حبّة الحنطة يجب أن تموت أولاً". ان القرون الأولى الثلاثة للمسيحية حافلة بأسماء الشهداء الذين ماتوا في سبيل الإيمان. لا يمكننا تعداد أسمائهم، فهي كثيرة جداً، ولا يمكننا رواية قصص استشهادهم، فهي مروّعة ومتشابهة. نكتفي بذكر أسماء البعض منهم. كما انه يمكننا القول أن الكنيسة الأولى سمِّيت بحق "كنيسة الشهداء".   3- أُمَّة من الشهداء كمَّل الشهداء ما نقص من آلام المسيح. هذه حقيقة واضحة، وهذا هو الرباط بين المسيح المعلم والمسيحيين تلامذته في كل الأرض. فقد كان تاريخهم البذل الكامل والعطاء السخيّ، وكان مثلاً تقتدي به الأجيال المسيحية على ممرّ العصور. وهكذا سارت القافلة. تذرّع الحكام بأن المسيحية هي ضد الدولة وبأن تعليمها يهدّد الأمن والسلام في الامبراطورية. كيف لا وهي، أي المسيحية، لا تعبد آلهة المملكة، ولا تقدّم لها ولأصنامها العبادة الكاملة العلنية: ولكم تساءل ترتليانوس المُدافع عن المسيحية ويوستينوس الفيلسوف: هل زحف المسيحيون لتدمير الهياكل، وهل عملوا على الإساءة إليها والحط من كرامتها؟ وهل صمموا على التخريب لنقض الدين الوثني؟ لا، إنما كان لا بدّ من جريمة تُلصَق بالمسيحيين، ولا بدّ من عِلَّة تُكتَب على صليب المسيحيين، كما كُتبَت علَّة على صليب المسيح المعلم. المسيحيون مثل معلِّمهم قد جُعلوا هدفاً للمخالفة. بهذا المعنى كتب ترتليانوس: "إذا فاض نهر التيبر، قالوا أن المسيحيين هم السبب؛ وإذا النيل لم يفض بطميه على وادي النيل نسبوا ذلك إلى المسيحيين؛ وإذا أُغلقت السماء ولم تنزل الأمطار، وإذا تزلزلت الأرض وإذا حدثت مجاعة أو حرب أو أوبئة ترتفع أصوات تصرخ وتنادي: "المسيحيون هم السبب، فليذهبوا إلى السجون ولتأكلهم الوحوش. ليموتوا. أليسوا علَّة كل الكوارث في العالم؟!". لا نتقيّد كثيراً بالعدد الذي ذكره كثيرون عن كابوس عشرة اضطهادات أرهقت المسيحيين. لا شكّ أنهم لما ذكروا هذا العدد فكّروا بالضربات العشر التي نزلت بالشعب اليهودي في مصر أو بالقرون العشرة لوحش سفر الرؤيا ليوحنا الحبيب. لقد أثبت التاريخ أن هناك اضطهادات قاسية الوطأة ألَمَّت بالمسيحيين لو أردنا تعدادها فهي تفوق العشر والعشرين. ان الاضطهاد كان مرحلة طويلة امتدّت ثلاثة قرون تقريباً، تخلّلتها فترات راحة، تنسجم مع أخلاق الامبراطور الحاكم ومزاجه... فبعض منهم كان رؤوفاً، وبعض آخر كان متأثراً بفلسفة المحبة اليونانية، لكنهم جميعا صمّموا بعزيمة ثابتة على اجتثاث بذرة المسيحية، فهي التهديد الأقوى للامبراطورية. كان مثلاً "بلين" من أشراف روما ووجهائها. عاش في العزّ في بيت تحيط به المناظر الخلاّبة. فنشأ رجلاُ رضيّ الأخلاق طيّب السيرة لطيف المعاملة. وأراد الامبراطور تريانوس أن يجعله معتمداً له في اقليم البنطوس ووالياً على آسيا الصغرى. وقبل هذه المهمة. وأثناء ادارته للولاية واجه مشاكل كثيرة مع المسيحيين، فكتب لتريانوس يسأله ماذا يجب أن يعمل مع المسيحيين. فأجابه الامبراطور: "لا يجب ملاحقة المسيحيين دون سبب، لكن إذا شكوا وثبتوا في معتقدهم، فليقاصصوا. وإذا الواحد منهم أنكر مسيحيته وبرهن على ذلك بالتوجه إلى الآلهة فليُعفَ عنه". هذه كانت سياسة الامبراطورية في فترات من الزمن في القرون الأولى. نعجب من المشاهد المثيرة والعجيبة التي نراها في حياة المسيحيين المعذّبين. كان الصلب عادة استعملها كثير من الملوك والغزاة، وكذلك التعذيب حتى الموت وفي ساحات عامة وأكل الوحوش للفريسة في حلبة الصراع. وقد ورد ذكر مثل هذه التعذيبات حتى في القوانين، وبالخصوص جلب بعض المتهمين إلى مسرح روما الكبير. إن الإنسان مهمَا تقدّم في الحضارة والثقافة تبقى فيه نزعة حيوانية عميقة شرسة تحمله على التعذيب والقهر والانبساط في رؤية إنسان يموت بتعذيب بطيء. أليست مصارعة الثيران والديَكَة دليلاً على هذه النزعة الإنسانية المقيتة؟ يظن البعض أن في وصف تلك المشاهد تخيّلات ومغالاة، لكن الجواب هو ان المؤرخين حتى الوثنيين أجمعوا على أن التعذيب الشديد كان نصيب تبّاع الجليلي. لكن كما قال ترتليانوس: "ان الدم المسيحي كان بذاراً صالحاً لتكثير المسيحيين". وكذلك الاضطهاد الشديد قوّى من عزيمة المسيحيين، وضاعف جهودهم وثبّت تمسّكهم بالإيمان وجعلهم أمّة من الشهداء. إنما هي أمة يُحتذى بها ويُقتدى بأمثلة أبطالها ويُعمل بنهجها. ان الاضطهاد بشّر بانتشار المسيحية إلى أقاصي الأرض عِوَض أن يحبسها في حدود ويلجم انتشارها ويوقف زحفها. وسرّ انتشارها يكمن في قوّة الروح فيها ومدى فعالية محبة الله ومحبة الإنسان في داخلها.   4- الاستشهاد وأبعاده في المسيحية يقف الإنسان حائراً أمام هذه الظاهرة الفريدة في التاريخ وهي الاستشهاد الكثيف العدد والرائع القسَمَات. فما سرّ هذا الحماس حتى الموت؟ وما سرّ هذه الجرأة أمام الحكّام؟ ولماذا هذا الزحف إلى الموت في سبيل المسيح؟ اننا نرى في التاريخ طغمات كبيرة من الناس ذاقت الموت في سبيل قضية وفي سبيل إنسان احتلّ مكانة كبيرة في القلب. لكننا لا نجد العدد الكبير وخصوصاً من النساء الذي حفل به تاريخ كنيسة الشهداء وتاريخ المسيحية حتى يومنا الحاضر.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com