عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

الصليب في حياتنا _ الحلقة الثامنة

*     

الصليب في حياتنا _ الحلقة الثامنة

 عِظَة: صلب المسيح - للقديس يوحنا الذهبي الفم
 
نُقيم اليوم عيداً احتفالياً لرفع سيدنا يسوع المسيح على الصليب فلا تعجبوا من احتفالنا بعيد ذكرى لحوادث مؤلمة. لقد كان الصليب سابقاً إسماً للقصاص الشديد. أما الآن فهو اسم للفخر والاحترام. كان الصليب سابقاً أداةً للعار والعذاب فأصبح اليوم أداةً للمجد والشرف. وهذا ما نتأكده تماماً من كلام سيدنا يسوع المسيح الذي أسمى الصليب مجداً: "والآن مجدني أنت يا أبتِ بالمجد الذي كان لي عندك من قبل كون العالم" (يوحنا 17: 5) إن صليب يسوع المسيح رأس خلاصنا ونبع الخيرات التي لا توصف. بواسطة الصليب حُسبنا في عِداد خراف الله نحن المنبوذين سابقاً، وخرجنا من الضلال، وعرفنا الحقيقة. بواسطة الصليب عرفنا مخلص الكل نحن الذين كنا نعبد الأشجار والحجارة. بواسطة الصليب توصَّلنا إلى حرية الصلاح نحن عبيد الخطيئة سابقاً. الصليب أنارنا نحن الجالسين في الظلمة. الصليب حررنا من الأسر. الصليب صيَّرنا جنوداً في السماء نحن الغرباء. هذه الخيرات كلها قدَّمها لنا الصليب. إذن يحق أن نقيم له عيداً احتفالياً. ولهذا يوصينا بولس الرسول أن نعيِّد قائلاً: "فلنعيِّد لا بالخمير العتيق ولا بخمير السوء والخبث بل بفطير الاخلاص والحق" (كورنثوس الأولى 5: 8) لماذا يأمرنا الرسول المغبوط أن نعيّد لأجل الصليب؟ لماذا صار الصليب سبباً للعيد؟ إن الرسول نفسه يقول: "فانه قد ذبح فصحنا المسيح" (كورنثوس الأولى 5: 7) على الصليب قدمت الذبيحة، وحيث الذبيحة تكون مغفرة الخطايا. هناك المصالحة مع السيد، هناك العيد والسرور. فالحق أن الصليب هو عيدنا وسرورنا لأن فصحنا المسيح قد ذُبح عليه. أتريدون أن تعلموا تأثيراً آخر للصليب يفوق كل عقل بشري؟ اليوم فتح الصليب باب الفردوس الموصَد وأدخل اللصَّ فيه! كيف يقدر المصلوب المسمَّر على الصليب أن يَعِدَ بالفردوس؟ إسمعوا ما يقوله الرسول شارحاً هذا: "فانه وإن يكن قد صلب عن ضعفٍ لكنه حيٌّ بقوة الله" (كورنثوس الثانية 13: 4) ولكي لا نقع في اليأس إذا نظرنا إلى صفة الصليب يرينا المصلوب قوّته وهو على الصليب، انه ما أقام ميتاً ولا خاطب بحراً، بل جذب بقوّته روح اللص الشريرة. إن محبة سيّد السموات العليا وخيراته لا يقدر على وصفها أي لسان. إن الدخول مع السيّد لأشرَف من الدخول إلى الفردوس! ماذا فعل اللص حتى استحقَّ فجأة أن يدخل الفردوس وهو على الصليب؟ إنه نظر بعين حقارته وبإيمان إلى المصلوب فعرف السيّد السماوي ووبَّخ نفسه بكلمَات موجزة تبيَّن منها أنه يستحق الفردوس: أما نحن فبعدلٍ لأننا نلنا ما تستوجبه أعمالنا. وأما هذا فلم يصنع شيئاً من السوء، وبعد هذه الكلمَات تجاسر أن يطلب منه: "اذكرني متى جئت في ملكوتك" (لوقا 23: 41) قل لنا أيها اللص كيف تذكرت الملكوت، ماذا رأيت الآن؟ فأمام عينيك المسامير والصليب والتهمة والاستهزاء والنميمة. فيجيب أن الصليب عندي علامة الملكوت، لذلك تراني أُسمّي المصلوب ملكاً لأني أراه مصلوباً ولا يموت عن الرعية إلا الملك كما قال: "أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) نرى الملك الصالح قد بذل نفسه عن رعيته. ولذلك أصرخ إليه كملك: اذكرني متى جئت في ملكوتك. أتريدون أن تعلموا كيف أن الصليب صار شعاراً للملكوت، وكيف انه تمجّد؟ لقد أخذ السيد الصليب معه وأدخله إلى السماء وسيأتي به معه عند مجيئه الثاني. إسمع ما يتكلم المسيح المخلص عن هذا: من المعلوم أنه سيأتي المسيح الدجَّال قبل مجيء السيد المسيح الثاني. ولكن لا ينغشّ أولئك الذين يفتشون عن المسيح قال السيد: "إنني أُبيّن لكم العلامات عن مجيء الراعي: فمثلمَا يخرج البرق من المشارق ويظهر في المغارب كذلك يكون مجيء ابن البشرمن السماء" (متى 24: 27- 30) إنها لعلامات ساطعة تفوق العقول. الشمس تظلم والقمر لا يعطي ضوءه. الكواكب تتساقط. وفيمَا بعد سيأتي وحده حتى نعلم أن نوره أشد بهاءً من نور الشمس، وضياءه أشد من ضياء القمر. فكمَا أن الجنود تتقدّم الملك حاملة شاراته ومبشّرة بقدومه، هكذا عند مجيء المسيح الثاني ستتقدّمه جنود الملائكة ورؤساء الملائكة حاملين شارات المسيح مبشّرين بقدوم الملك الذي تتزعزع أمامه قوات السماء. لماذا يأتي المسيح ومعه الصليب؟ حتى يتأكد الذين صلبوه حماقتهم وجهلهم. وإذ تظهر علامات ابن البشر ستهتزّ المسكونة كلها لأنها سترى من يكشف الخطايا. وهل من عجب إذا جاء المسيح مع الصليب؟ إنه سيأتي وآثار جراحه ظاهرة كما يشهد نبي الله: "فينظرون إليَّ أنا الذي طعنوه" (زكريا 12: 10) فكمَا أرى جراحه للرسول توما حتى صدق أنه حقاً قام سيرينا أيضاً جراحه وصليبه حتى يُظهر لمن صلبوه انه حقاً ذلك المصلوب. أجل ان هذا لنعمة عظيمة وشهادة واضحة لمحبة الله للبشر آمين. المطران أبيفانوس

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com