عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

إستعمال البخور والـمباخر في الكنيسة للأب الدكتور انطوان يعقوب

إستعمال البخور والـمباخر في الكنيسة
The use of incense and incense burners
in the Church
عن الكتب التالية: " الكنيسة المُقدّسة"حياة وتقليد"
"
تاريخ الليتورجيا ومعنى ورموز الأواني المُقدّسة"
"
الإختلافات العقائدية والطقسية، ج1 البروتستانت"
للأب الدكتور انطوان يعقوب
غابت المباخر وأهمية تقديم وحرق البخور من بعض الطوائف المسيحية، بل وحتى الكنائس التي تستعملها اليوم لاتعطيها تلك الأهمية الموجبة. قد يكون ذلك بسبب عدم معرفة بعض الإكليروس لأهميتها ولطريقة التبخير التي نراها اليوم.
فالطوائف البروتستانتية لا تستعمل البـخور ولا الـمباخر في كل كنائسهم، بل أننا لا نجد بعض إكليروس الكنائس الكاثوليكية لا تستعملها أيضًا اليوم ، مع أن استعمال البخور في الكنيسة أثناء الصّلوات الـجمهورية والطقوس الكنسية ، أوامر جاءت في أسفارِ الكتاب الـمُقدَّس ، وكذلك في أوامرِ الرسُل أيضًا ولأهميتها نورد هنا بعضها للأهمية:
-
في سفر الخروج : أمر الله ، سبحانه، أن يُقام له مذبح خاص لإيقاد البخور(خر30: 1) .
-
وجاءَ أيضًا:" وحيـن يصعد هرون السرج في العشيّة يوقده بخوراً دائـماً أمام الرّب في أجيالكُم ، لاتصعدوا عليه بخوراً غريبًا ولامحرقة أو تقدمة"(خر30: 8- 9).
وقد إهتمَ الرّب بـمذبح البخور إهتماماً شديداً ، فأمرَّ أن يكون مُغشّى بالذهب من كلِّ ناحية ، وله إكليل من ذهب، ويحمل على عضويّن مغشيّين بالذهب ، ويُوضع قدام الحجاب الذي أمام تابوت العهد(خر30: 3-6) حيث يجتمع الله بـموسى.
-
كما جاءَ أيضًا في سفر الخروج على مواد البخور العطرية (30: 34) وقيل عنه:" يكون عندك مقدّساً للرب(خر30: 37) .
وهكذا نجد أن عبارة البخور العطر قد وردت في أماكنٍ كثيرة في العهدِ القديم (خر25:و37: 29ولا16: 12)، فكان ولازال البخور يُمّثل رائحة ذكية فلا يصنع أحد منه لنفسه.
قال البعض خطأ، أن البخور كان يُقدّم مع مُحرقاتِ العهد القديم لإزالة رائحتها ، والآن وقد أُلغيّت الذبائح الدموية ، فلابد أن يُلغى البخور أيضًا.
ان هذا الفهم خاطىء تـماماً ، لأن البخور كان لوناً من العبادة ، مُستقلاً بذاته، كما كان له مذبح خاص غير مذبح الـمحرقة ، بل وكان له طقس خاص في تقديمه. وكان مقصود لذاته كصّلاة ، وليس كرمز لشيء آخر .
وقد أوردَ الكتاب الـمُقدّس شواهد كثيرة نذكر منها:
-
عندما سقطَ الشعب في الخطيئة ، وتذمرَ على الله ، وعلى موسى ، ضربه الله بالوباء الفتاك ، وحينئذ أمرّ موسى هرون ، رئيس الكهنة أن يوقد البخور ليشفع في النّاسِ أمام الله ، وأخذَ هرون الـمبخرة وبخرّ الشعب ، فاختفى الوباء ، لأن الله اقتبلَ منه البخور كصّلاة تشفعيّة(عد16: 44- 48).
-
أمرّ الله أن يقوم الكهنة فقط بتقديم البخور ، لهذا عندما تجرأ قورح وداثان وإيبرام ، وقرّبوا بخوراً إنشقّت الأرض وابتعلّتهم جميعاً أحياءً هُم وكل بيوتهم (عد16: 31- 32) ولم يكُن ذلك بسبب تقديمهم ذبيحة ، وإنما لتقديـمهم طقس البخور . وهذا يثبت أن طقس البخور غيـر طقس الصّلاة .
ففي إستطاعة أي شخص أن يقوم بتقديم الصّلاة ، أما تقديم البخور فقد أمرّ الله ، سبحانه ، ألاَّ يُقدّمه غير الكهنة.
-
وقول ملاخي النبيّ القائل:" في كلِّ مكانٍ يُقرّب لإسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن إسمي عظيم بين الأُمم"(ملا1: 11).
وقد يقول قائل أن هذا الكلام خاص باليهود فقط ؟ لكننّا ببساطة نرُد ونقول كان القصد به الـمسيحيين قبل اليهود ، لأن البخور كان قاصراً في اليهودية على هيكّلِ سليمان (تك13: 12) ، لكن نُلاحظ هُنا أنه قصدَ به في أرجاءِ الـمسكونة كلّها ، وهو وصف لاينطبق إلاَّ على الكنائسِ الـمسيحيّة التي ترفع وتُقّدم البخور على مذابحها في مشارقِ ومغارب الأرض.
وهل ننسى أن زكريا الكاهن ظهرَ له ملاك الرّب واقفاً على يمينِ مذبح البخور، فيما كان زكريا يُبّخر في دورته (لو1: 8-11) الأمر الذي يدل على وجودِ البخور في ذلك الوقت .
كذلك الّلبان أحد مواد البخور، كان من الهدايا التي قدّمها الـمجوس للسيّد الـمسيح، وكانت رمزاً لكهنوته، أو إعتـرافاً منهم بكهنوته، وكان الذهب رمزاً لـملكه ، والـمُر رمزاً لألوهيته. ودعنّا نسمع ماذا قال العهد الجديد أيضًا:
-
قال مُعلّمنا يوحنا:" أن الأربعة وعشرين شيخاً أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخوراً هي صلوات القديسين"(رؤ5: 8).
ويقول أيضًا:" رأى ملاكاً جاءَ ووقفَ عند الـمذبح ومعه مبخرة من ذهب وأعطى بخوراً كثيراً لكي يُقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش . فصعدَ دخان البخور ، مع صلوات القديسين من يد الـملاك أمام الله"(رؤ8: 3-4).
-
دلائل ورموز البخور والـمبخرة
للبخور وللمباخر دلائل لاهوتيّة ينبغي أن تكون في الكنيسة نذكُر منها:
-
إحتراق البخور التي تحترق رمزاً لـمن يُقدّم نفسه لله فيحترق في سبيلِ الله ، وكل القديسين قدّموا ذواتهم كحبّة البخور التي تحترق لتصعد أمام العرش الإلهي.
فالبخور يحترق ويصعد دخانه إلى فوق إلى العرشِ الإلـهي .
رائحة البخور الزكيّة ، تُذّكرنا بأننا يجب أن نكون رائحة زكيّة أمام الله (2كور2: 14-15) فالبخور له معاني روحية كثيرة ، ويكفيه أنه لون من ألوان العبادة لله.
-
رموز الـمبخرة
للمبخرة معاني روحية كثيرة منها:
-
السلاسل: للمبخرة ثلاث سلاسل وهذه تُشير إلى الثالوثِ الأقدّس ، فإرتباطها سوياً إشارة إلى وحدانيّةِ الله.
-
الجلاجل الـموجودة والـمربوطة على السلاسل ، لتنبيه الـمؤمنين على ضرورةِ فعل الخير.
-
الخطّاف وجزئه الـمُدلى منه يُشير إلى تنازلِ السيّد الـمسيح وقبوله الجسّد البشري من أجلِ خلاصنا.
-
القُبّة العُليا للمبخرة ترمز إلى السماء ،
-
الجُزء الـمُجوّف - بطن الـمبخرة - يُشير إلى بطنِ العذراء التي حبلّت بالطفل الإلهي يسوع .
-
الـمواد الزكيّة أو البخور التي تُوضع فيها تُشير إلى هدايا الـمجوس الـمُكّونة من الذهب واللّبان والـمُر ، وإلى الأطيّاب التي وضعها نيقوديـموس على جسّدِ الـمُخلِّص أثناء دفنه.
-
إحتراق البخور دلالة على قوّة آلام السيّد الـمسيح على الصليب .
-
الرائحة الزكيّة الـمُتصاعدة إشارة على أن الآلام الـمُقدّسة كلّها بركة للمؤمنين ، لتحثهم على التمّثُل بالسيّد الـمسيح فتكون أعمالهم وسيرّتهم رائحة زكية للعالم .
-
الجمر - الفحم - يُشير إلى جمرِ اللاهوت ، الفحم يُشير إلى الجسّد البشري الأرضي الذي سريعاً ما يحترق ويذوب .
-
إشتعال الجمر يُشير إلى إتحادِ اللاهوت بالناسوت في السيّد المسيح فهو إنسان وإله معًا .
-
البخور أو الدّخان الـمُتصاعد يُشير إلى صّلوات الـمؤمنين التي تتّصاعد أمام العرش الإلهي .
وفي البخورِ إشارة إلى رائحةِ الـمؤمنين الزكيّة الذين كلّما كثرت تجاربهم ، كثرت صّلواتهم وتسابيحهم لله.
وهكذا قال القديس أفرام السرياني:" قد جعلت ذاتي كنيسة للمسيح ، وقرّبت له داخلها بخوراً طيباً أعني أتعاب جسمي".
والكاهن الذي يُبّخر أمام الـهيكّل إنما يُعّبر عن رغباتِ وإحتياجات شعبه ، وحين نتأمل الكاهن وهو يُبّخر وسط الناس تشعر بأن نعمة الروح القدُس تُظّلِلهم كما ظلّلت تلك السحابة بنيّ إسرائيل في البرية .
-
كيفية التبخير: أتعجّب من أخطاء طريقة تبخير بعض الإكليروس أثناء الليتورجيات وسائر الطقوس. لذلك نرجو أن يهتم الأساقفة بمن سيُرسّم شماسًا أو كاهنًا إتقانه استخدام المبخرة وطريقة التبخير. بدءًا من إعدادِ الذبيحة حتى الإنتهاءِ من التناول.
-
ينبغي أن يكون التبخير على نغمةٍ واحدة. فتُسمّع رنات الجلاجل لشدِّ إنتباه المُؤمنين.
-
يتم تبخير الهيكّل ( من جهةَ الشرق) من كلِّ جوانبهِ بل وكلأ أيقوناته ومذبح القرابين، قبل تبخير الكنيسة. فقدس الأقداس بما فيه أولاً.
-
يخرج الكاهن من الباب حيث جهة أيقونة السيّدة ، ويقف أمام الهيكّل متوّجهاً جهة الشرق أولاً قبل إنتقاله للغرب.
-
إذا كان الأسقف موجوداً في كرسيهِ يتوّجه إليه فيُبّخره تسع مرات ثُمّ يُقبل يمينه والصليب ( إشارة إلى نوالهِ بركة وسماح الأسقف له بالتبخير ) ويبدأ في تبخيرِ الأيقونستاس. وقد يقف الأسقف على بابِ الهيكّل ومن ثمّ يقوم الكاهن بتبخير الأسقف تسع مرات مُنحنيًا ثُمّ يُكمل تبخير الأيقونستاس.
-
يتّجه إلى إيقونة السيّد فيُبّخرها مُنحنيًا ثلاث مرات ، ثُمّ يتّجه نحو إيقونة السيّدة فيُبّخرها ثلاث مرات ، ثُم أيقونة المعمدان ثُمّ شفيع الكنيسة، وسائر أيقونات الأيقونستاس من اليمين إلى الشمال.
-
ثُمّ يقوم بتبخير المُؤمنين من جهةِ أيقونة السيّدة ، وينتقل إلى الجهةِ الأُخرى لينتهي بأيقونة السيّد،
فمن الضروري جداً أن يقوم الكاهن أو الشماس الإنجيلي بعد حصوله على بركةِ كاهنه أو أسقفه بتبخير المؤمنين وصحن الكنيسة. وان كُنا نرى اليوم كهنة، لا يقومون بالتبخير لا في البداية ولا خلال الليتورجيا.
بل أننا نجدهم في حالةٍ من التعجُل أثناء الليتورجيات، فتتم قراءة الطلبات عوض ترتيلها ، ونفس الشيء في الإنجيلِ والرسالة، وتقصير العظة، وحذف أجزاء من الأفاشين السّرية والعلنية. ولا أعرف لماذا يُتعبون أنفسهم في التقديسِ وإقامة الليتورجيا بهذه الطريقة؟
والجواب الوحيد انهم يقومون بذلك باعتبار أن الكهنوت بالنسبة لهم ،مجرّد وظيفة يتقاضون عليها راتبًا ، فلا داعي من الإطالةِ، ففي نظرهم الضيق اللاديني، ضياع للوقت.
فلهؤلاء أقول وأُبّشرهم بسوء عاقبة وقسوّة الحساب من مُؤسسِ الكنيسة ورأسها ورئيسها .فاتعظوا يعظكم الله.
أخيراً نسأل أليس جديراً بنا جميعًا إذن أن نستعمل البخور والـمبخرة في كنائسنا رأفة بجماعة الـمؤمنين حتى ترتفع صّلواتهم مع دخان البخور إلى عرشه الإلهي؟
من له أُذنان للسماعٍ فليسمع. ولإلهنا السُبح والمجد إلى الآبد آمين.ر

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com