عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

يلة الإيـمَان في المسيحية The Virtue of Faith بقلَّم الأب الدكتور انطوان يعقوب

فضيلة الإيـمَان في المسيحية
The Virtue of Faith
بقلَّم الأب الدكتور انطوان يعقوب
الإيمان هو التصديق التام لأقوال الله . والإيمان يعني الثقة التامة بمواعيد الله، أي الثقة بحقائق إلهيّة غير منظورة .يقول مُعلّمنا بولس" وأما الإيمان فهو الثقة بِمَّ يُرجى والإيمان بأمورٍ لا تُرى"(عبر11:11). وبدون هذا الإيمان لا نخلُّص. فنسمع الربّ يسوع يقول"من آمن واعتمد خلُّصَ"(مر16: 16) وهنا أشارَ ربّ المجد إلى فعلِ الإيمان أولاً ، الإيمان به سبحانه وبقدرته وبوحدانيته ، الإيمان بما لا يُرى . هذا هو الباب الذي يُدخلنا إلى معرفةِ الله، ومن ثمّ نعتمد باسمه له المجد.
الإيمان هو الفضيلة الإلهية التي بها نعتقد بوجود الله ، وكل ما كلّمنا به وأوحي وتُقدّمه الكنيسة الجامعة المُقدّسة الرسولية لنا لنُؤمن بها، لأن الله هو الحقّ ذاته. فبالإيمان "يُسلّم الإنسان أمره كلّه لله، لذلك يسعى المُؤمن إلى معرفةِ إرادة الله وإلى فعلها، "البار بالإيمان يحيا(رو1: 17) والإيمان الحي" يعمل بالمحبة"(غل5: 6).
يقول مُعلّمنا بولس الرسول:"إنه بدون إيمان لا يمكن إرضاء الله.لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يُؤمن بِأنه مَوجود، وأنه يُجازي الذين يطلبونه "(عبر11:6) ويقول أيضاً:"كل ما ليس من الإيمان فهو خطية"(رو14: 23).فما أعظم الإيمان الذي به نقترب إلى الله، ونرتبط به ! إذ بواسطته يسكُن الربّ يسوع قلب الإيمان "ليحلّ المسيح بالإيمان في قلوبكم"(اف3: 17) ولهذا فيُعتبر الإيمان أعظم هِبَة يَهبها الله للبشر مجاناً، إذ به نحصُل على الخلاصِ من الخطيئةِ والموت الآبدي.لأنه كما يقول القديس بولس:" إنه الثقة بما يرجى والإيمان بِإمور لا تُرى"(عبر11: 1). فالإيمان الحقيقي يعني اعتماد الإنسان على الله ، وهذا يُعطيه أماناً وثقة أساسية بالله،فيجد فيه الطمأنينة. ونجد ذلك مُتجسّداً في أمثلةٍ كثيرة في الكتاب المُقدّس، نذكُر منها:
-
إبراهيم أبو الأباء والمُؤمنين ، يقول لصوت الله عندما نداه لإمتحان إيمانه"هاء نذا"(تك22: 1)
-
موسى ، كليم الله، عندما نداه الرب من وسطِ العليقة، قال "هاءنذا(خر3: 4)
-
صموئيل عندما نداه الرب في رابع الليل قال هائنذا(1صم3: 4-10)
-
مريم العذراء: قالت مُجيبة"ها أنا آمة الربّ فليكُن لي بحسب قولك"(لو1: 38)
والإيمان هو تصديق واقتناع العقل للحقائق والأمور الإيمانية الإلهية، بقبول ورضى بدون مُقاومة أو بحث أو تدقيق ، وعليه فقد تمتْ مُعظم مُعجزات السيّد المسيح ، بُناءً على قُوّةِ إيمان المريض بِقُدرتهِ وبِسُلطانهِ على الشفاء.
كما أننا نُلاحظُ أيضًا أن الربَ يسوع في مُعجزاتهِ كلّها كان يقرن العمل بِإيمان المريض.قالَ لبارتيماوس" إيمانك قد شفاك وللوقت أبصرَ..وقالَ للمرأة الكنعانية "يا إمرأة عظيم إيمانك ، ليكُن لكِ كما تُريدين" وقالَ عن قائدِ المئة الذي جاءَ يتوّسله لِشفاءِ غُلامه"الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بِمقدار هذا. ثُم التفتَ اليه وقال له" إذهبْ وكما آمنت ليكن لك".راجع كتابنا"مُعجزات السيّد المسيح")
فالسيّد المَسيح أجرى مُعجزاته حسب إيمان الشخص ، فَإن كان حقاً يُؤمن بِقُدرة المَسيح ، كان ينال نعمة الشفاء . هذا هو أهمية فعل الإيمان ، ولهذا قال:"إن كان لكم إيمان كحبة الخردَل وقُلت للجبلِ إنتقل ينتقل"(متى21: 21) ، وكم من المُعجزاتِ تُجرى حتى يومنا هذا بفعل الإيمان..
والإيمان يجب أن يظهر في حياتنا وفي أعمالنا وفي أقوالنا، فلا إيمان بدون تتميم لوصايا الله، لأنك بماذا تُؤمن؟ اليس كلام الله هو الذي جعلك تُؤمن به. فإن قُلت آمنت ولكنك لا تُنّفذ وصاياه، فبأي إيمان أنت تُؤمن؟ فالإيمان ليس كلّمة تُطلّق ، إنما عمل وإرادة ومحبة تظهر في عمل الإنسان، لذلك أقول صراحة أنه لايُوجد كلمة أُسيء استخدامها أكثر من كلمةِ مُؤمن وإيمان، حتى فقدّت معناها الحقيقي المقصود بها، بل وأضحت تُطلّق على مُجرّدِ الإعتراف بالعقائد، فكل من اعترف بوجود الله أصبح في نظرِ الناس مُؤمناً، وكل من يُصّلي ويصوم أصبح في نظرِ الناس مؤمناً وهذا بالطبع غير صحيح، لأن المُؤمن الحقيقي هو الذي يٌؤمن ويُطّبق وصايا الله ويعمل بها ، بل ويكون قدوّة للآخرين بإيمانه . فلا يُمكن أن أرى شخصًا يقول أنه يُؤمن بالله بينما يكسر الوصايا كلّها ويعيش في الخطيئة، فهُناك كثيرين ممن يعترفون بوجود الله ولكنهم يرتكبون خطايا كثيرة في كلِّ لحظةٍ من حياتهم ضد إرادة الله ، فإنهم بخطاياهم قد كسروا العلاقة الصحيحة بينهم وبين الله ،لأن الخاطىء هو بعيد عن حياةِ الشراكة مع الله، ومثل هذا الإنسان بكل تأكيد، يكون إيمانه ضعيفاً جداً، أو إيماناً إسميًا. فليس كل من يقول ياربّ ياربّ يدخل ملكوت السموات، بل الذي يعمل مشيئة الله.
فأنت إذا اعتنقت المسيحية لسمو مبادئها وأخلاقياتها وحقائقها ومُعجزاتها وتعاليمها، وتُصّلي وتصوم ، ولكنك لا تُنّفذ الوصايا والتعاليم فأنتَ مسيحيًا بالإسم فقط...هل تذكرون سيمون الساحر الذي آمنَ واعتنقَ المسيحية، ولكنه لم يكُن إيمانه مُستقيماً أمام الله، بل كان إيماناً نفعيًا (أع8: 9-23) -وقد أوردت قصة إيمانه في كتبنا " كتبة البشائر والرسائل" و "البدّع والهرطقات في تاريخ الكنيسة"- لذلك نقول"آمنت لذلك تكلّمت"(2كور4: 13ومز116: 10) ان كنت مُؤمناً فاظهر أعمالك الإيمانية"لتُضيء أعمالكم الحسنة أمام الناس، فيُمجدوا أباكُم الذي في السموات""لأنكُم بالنعمة مُخلّصون، بالإيمان وذلك ليس منكم بل هو عطية الله"(أف2: 8) فلنقُل "يارب زد إيماننا"(لو17: 5) و"يجب أن نجتهد من أجلهِ (يهو3) بل نطلبه بأوّفر اجتهاد "(2تس1: 13-18).
وصفوة القول، الإيمان هو أساس الحياة المسيحية المُستقيمة، وهو بمثابة جذور ومنبع سائر الفضائل والسلوكيات المسيحية المطلوبة، وبهذا الإيمان القوي الثابت يستطيع المُؤمن مُواجهة كل التحدياتِ والصعاب التي تُواجهه بدون أن يتزعزّع. ومثل هذا الإيمان يأتي كنعمة من الله. فبدون لمس الله لبصّر ولبصيرة الإنسان،في عقله وقلبه وحواسه، لايكون إيماناً مُستقيمًا. إنها فضيلة مُعطاة بواسطة الروح القدس .فمثلاً في سرّ المعمودية، ما يُعلّنه وما يطلبه الأهل والأشابين للطفل المُعمّد المُغطّس في جُرنِ المعمودية ، وبواسطة الصلوات المرفوعة من أجله يجعل قوّة الروح القدس تحلّ فيه وعليه وتمنحه إلى جانبِ نعمة التقديس، سائر الفضائل الإيمانية الأُخرى رغم صغر سنه.- (راجع ما كتبناه في سرّ المعمودية" و "أسرار الخلاص")- ولكنه يُنّميها ويعمل بها في كبره . فلو أهمل النعمة التي حلّت عليه في صغرهِ فإنها تُصبح لاقيمة لها، ويُصبح مسيحيًا بالإسم فقط.
فيا حبيب المسيح، جرِّب إيمانك ، هل هو إيمان صادق؟ هل أنتَ تعمل من أجلِ تثبيت هذا الإيمان الذي فيك؟ هل أعمالك وسلوكياتك تّتمشى مع إيمانك المسيحي؟ يقول مُعلّمنا يعقوب" أرني إيمانك من أعمالك ، وأنا أُريك من أعمالي إيماني. إيمان بدون أعمال ميت " (يع2: 17)و يقول أيضًا" ما المنفعة يا اخوتي ، ان قال أحد أن له إيماناً ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يُخلّصه"(يع2: 14) وعليه يقول مُعلّمنا بولس" جرّبوا أنفسكُم، هل أنتُم في الإيمان؟ امتحنوا أنفسكُم"(2كور13: 5). أخيراً أقول اثبتَ على إيمانك مهما تعرضت لزوابع الحياة وصعابها، فإن الذي آمنت به وعملت بوصاياه قادر أن يُخلِّصك وقُل مع الرسول" لست أخجل، لأنني عالمٌ بمن آمنت، ومُوقن أنهُ قادرٌ أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم"(2تيمو1: 12). من له أُذنان للسماع فليسمع. ولإلهنا كل السُبح والمجد إلى الأبد أمين.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com