عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E سير قديسين

بوا بعضكم بعضاً كما أَحببتكم الأب د. لويس حزبون

 

أَحبوا بعضكم بعضاً كما أَحببتكم

الأب د. لويس حزبون

2015/05/09

في إنجيل الأحد السادس للفصح يكشف يوحنا الانجيلي جوهر حياة الله التي يقدمها يسوع للبشر: فالمحبة التي توحّد الآب بالابن تصل الى التلاميذ فتدعوهم لكي يحبّ بعضهم بعضا، احب يسوع فبذل حياته، وهكذا يفعل التلاميذ. ننطلق من حب الآب فنصل الى حب الابن، ثم الى حب التلاميذ الذين يثبتون في الملكوت فيثبتون في المحبة وبالتالي في الله، لان الله محبة (1 يوحنا 4:8) ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النص الانجيلي وتطبيقاته.

اولاً: وقائع النص الانجيلي (يوحنا 15: 9-17)

9 "كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضاً. اُثبُتوا في مَحَبَّتي". ان محبة يسوع لأبيه بالطاعة، التي تقابلها محبة الآب الذي يمجّده، هي الأساس والمثال للوجود المسيحي الذي يُعبّر عنه بالمحبة. ان نموذج محبة التلاميذ وطاعتهم يرتكز على العلاقة بين الآب والابن. ان حب يسوع لنا، هو نفس حب الآب للابن. وإن اتحادنا بيسوع، هو نفس اتحاد يسوع بأبيه. يثبت التلاميذ في حب يسوع، كما يثبت يسوع في حب الآب. يجب ان نحفظ وصايا يسوع، كما يحفظ يسوع وصايا الآب.

10 "إذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي كَما أَنِّي حَفِظتُ وَصايا أَبي وأَثبُتُ في مَحَبَّتِه": اداة الشرط "اذا" تشير الى إبتاع يسوع بحريتنا. وعليه فإن علاقتنا بالله ليس علاقة آلية اجبارية. ان المحبة المتجاوبة مع محبة المسيح تُترجم في الواقع بخصب ناتج عن حفظ وصاياه (يوحنا 14: 15) او بوصية المحبة الأخوية (يوحنا 15: 12). وعليه فان علامة المحبة تكمن بحفظ الوصايا. سبقنا يسوع في هذه الطريق، ونحن نسير على خطاه. هذه هي القدوة الحسنة، هذا هي أمانه يسوع لآبيه وقد كلفته ثمنا باهظاً وهي الموت على الصليب "يا أَبتِ، إِن شِئْتَ فَاصرِفْ عَنِّي هذِه الكَأس… ولكِن لا مَشيئَتي، بل مَشيئَتُكَ!"( لوقا 22: 42).

11 "قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامّاً": في العهد القديم الفرح هو علامة الحياة وميزة الخلاص والسلام في نهاية الازمنة (أشعيا 9: 2). واما في انجيل يوحنا فيقدم يسوع القائم من بين الاموات هذا الفرح للتلاميذ الذي يحيون الحياة الجديدة. ولا بد ان يتملك الانسان هذا الفرح بكامله كما صرّح في صلاته الكهنوتية "يسوع لِيَكونَ فيهِم فَرَحي التَّامّ" (يوحنا 17: 13) وليس من المستحيل ان يتواجد الفرح مع الالم فالتلاميذ يفرحون حتّى وإن إنتابهم الآلام (يوحنا 16: 20-24).

12 "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً كما أَحبَبتُكم": لم يستعمل يسوع صيغة الجمع (وصاياي) بل استعمل صيغة المفرد "وصِيَّتي" (وصية واحدة). يوصي يسوع تلاميذه بان يحب الواحد منهم الآخر لكونهم موضوع محبته. فهي وصية يسوع الكبرى فيما يتعلق بالقريب، وتهم يسوع كثيراً. وهذه الوصية هي جديدة، لأنه يجعل منها شرطا جوهريا للدخول في الجماعة المسيحية، وهي جديدة أيضا بقدر ما تقتضي تواضعاً ورغبة في الخدمة يحملان على اختيار المكان الأخير وعلى الموت في سبيل الآخرين. وصية جديدة لأنها تتطلب حتى بذل الذات في سبيل من تحب. ولا حدود لها على مستوى القرابة والوطن والدين. هي شاملة، بل هي تحب حتى الاعداء. اما عبارة " كما أَحبَبتُكم" فتشير الى ابعد حدود الحب؛ اذ وهب يسوع كل شيء حين ضحّى بحياته من اجلنا، ولم يدخّر لنفسه شيئا. والصليب هو قياس حب يسوع لنا. يتسم الحب بان نبذل الغالي والرخيص في سبيل احبائنا. وبعبارة أخرى اعطى يسوع مثال محبتنا لبعضنا البعض مثال محبته لنا، لا محبة البشر بعضهم لبعض والتي هي تبادل بشري " أعطيك فتعطيني". هذه المحبة هي العلامة التي تدل على التلميذ، وبدونها لا يدّعي أحد أنه تلميذ يسوع (يوحنا 13: 35) .

"13لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه" : كان موت يسوع على الصليب اسمى تعبير عن محبته للاب ( يوحنا 14 : 30)، ولكنه كان ايضا ذروة محبته للتلاميذ الذين جعل منهم احباءه ( 13: 1). مضى يسوع الى آلامه حبا بالآب وحبا بأصدقائه ممَّا دل على اساس الحب الاخوي وقاعدته. والجدير بالذكر ان ما يُضحى به فريد لا نظير له، هو حياة ابن الله الذي يموت طوعا من اجل أحبائه، انهم يكونوا احباء اذا كانوا يفعلون ما اوصاهم به. وكثيرا ما استعملنا هذه الآية كإيضاح للمحبة التي تصل الى التضحية بالحياة من أجل الآخرين.

14فَإِن عَمِلتُم بِما أُوصيكم بِه كُنتُم أَحِبَّائي.": "إن" هي اداة شرط وعليه فان التلميذ يصبح من أحباء يسوع اذا حفظ وصاياه.

15"لا أَدعوكم خَدَماً بعدَ اليَوم لِأَنَّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي" : إن كلمة "الخادِمَ" باللغة اليونانية δουλους تشير الى الطبقة الاجتماعية التي كانت تتواجد ايام المسيح وهي طبقة العبيد. ويقارن يسوع بين العبيد والاحباء. العبيد ينفذون الأوامر ولا يدركون معناها، أما الاحباء فإنهم يعرفون حب الآب، ويطيعونه عن بصيرة وإدراك وينفذون عملهم بحرية. وعليه فإننا احباء يسوع ولسنا عبيداً. ويسوع يعامل تلاميذه معاملة الاحباء الاصدقاء، بما انه كشف لهم مقاصد الآب كشفا تاماً، أي محبة الآب. ولذلك فإن طاعتهم، التي هي عمل محبة، هي أيضا عمل حرية ( يوحنا 8: 31-36) بما فيه من تعارض بين عبد وابن وروابط بين حرية ومعرفة الحق. اما عبارة "احبائي" فيشير الى وحي يسوع كامل، لكنه لن يُفهم إلا تدريجيا بفضل موهبة الروح القدس ( 16 :13).

" 16لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي" : كل صداقة تفترض وجود اختيار متبادل حُرٌّ، وهو موضوع هام من مواضيع العهد القديم ( تثنية 7: 6-7؛ واشعيا 41: 8) لكن يوحنا يركّز على اهمية الاختيار الذي قام به يسوع. ويبدو اختيار يسوع المعلق بالتلاميذ خاصة ( 6: 70) تعبيرا عن اختيار الآب ( يوحنا 6: 44) ويتحقق الاختيار الاولي بدعوة التلاميذ التي لبّوها بالإيمان. اما عبارة "أَقمتُكُم" ان الفعل اليوناني εθηκα يعبّر عن وضع المرء في منصب وتزوده بما يمكنه من القيام به قياما فعّالا ( اعمال الرسل 13: 17) . فالرب يولِّي تلاميذه منصب الرسالة كما ورد في انجيل مرقس 4فأَقامَ مِنهُمُ اثنَي عَشَرَ لِكَي يَصحَبوه، فيُرسِلُهم يُبَشِّرون" ( مرقس 3: 14). اما عبارة "يَبْقى ثَمَرُكم" فتشير ان هدف الرسالة هي اشراك البشر في الحياة الابدية الموهوبة في يسوع ( يوحنا 4: 36). اما عبارة "يُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي" تشير الى ان الصلاة الواثقة والمتكلة على عون يسوع هي وجه جوهري من وجوه الصداقة والرسالة. وعليها تعتمد الفعالية الرسولية (يوحنا 14: 13). المحبة تفترض اختيارا بين واحد وآخر، ولكن يسوع يشدد هنا أنه هو الذي بدأ واختارنا. هكذا فعل مع كل من التلاميذ: اتبعني، فتبعه. اختار التلميذ، واقامه، أي أعطاه وظيفة ودوراً ومهمة مع الوسائل الكفيلة بالقيام بما يطلب منه. اما عبارة "يَبْقى ثَمَرُكم" فيه تشير الى الحياة الابدية التي يعطيها يسوع، لان الآب يعرف كيف يجازي. اما عبارة "تَسأَلونَهُ بِاسمي" فتشير ان كل رسالة ترافقها الصلاة لا يمكن إلاّ أن تعطي ثمرا الآب كما جاء في تصريحات يسوع " كُلَّ شيءٍ سأَلتُم بِاسْمي أَعمَلُه لِكَي يُمَجَّدَ الآبُ في الِابْن" ( يوحنا 14: 13).

17 ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً.

ثانياً: تطبيقات النص الإنجيلي

بادر الله وأنشأ حوار محبة معٍ البشر خاصة بواسطة المسيح. وباسم هذه المحبة، يدعو يسوع المؤمنين أن يحبوا بعضهم بعضاً ويعلمهم كيف تكون هذه المحبة. من هنا يمكن ان نستنتج من وقائع نص انجيل (يوحنا 15: 9-17) نقطتين: محبة المسيح لنا ومحبتنا لبعضنا البعض.

1) محبة المسيح لنا:

في لغة العهد القديم، كلمة "أحب" بالعبرية (אָהַבְ) وباليونانية (ἀγαπάω) هي نادرة الاستعمال، ويقتصر استعمالها في العهد الجديد على النطاق الديني. المسيح جسّد الحب. فهو، بصفته إنسان، عاش في حب بنوي مع الله. كرّس نفسه للاب (لوقا 2: 49)، وعاش في جو من الصلاة والشكر (مرقس 1:35)، خصوصاً في تميم الإرادة الالهية (يوحنا 4:34)، وكان في حالة الاصغاء الدائم الى الله (يوحنا 5: 30)، الامر الذي يضمن له استجابته دائما (يوحنا 11: 41-42) .

واما بصفته اله، فأتي يسوع ليعيش حبه في البشر وبينهم. جاء يسوع ليعطي حياته كلها، ليس فقط لبعض أحبائه (يوحنا 11: 3)، بل للجميع (مرقس 10: 54). فكان يمضي من مكان الى آخر يعمل الخير (اعمال الرسل 10:38)، في تجرد تام (لوقا 9: 58). وقد اعتنى بالجميع، وخاصة بالمنبوذين والخطأة (لوقا 7: 36-50). واختار من يشاء لكي يجعلهم تلاميذه وأحباءه (يوحنا 15: 10-16).

وعلى الصليب، كشف يسوع شدة حبه وطابعه الدرامي بطريقة حاسمة. كان يجب أن يتألم يسوع (لوقا 9: 22) لكي يسطع ببهاء طاعته للآب (فيلبي 2: 8) ومحبته لخاصته "كانَ قد أَحَبَّ خاصَّتَه الَّذينَ في العالَم، فَبَلَغَ بِه الحُبُّ لَهم إِلى أَقْصى حُدودِه" (يوحنا 13: 1). واحتمل آلام الصليب بملء حريته كما صرّح "إنّني أَبذِلُ نفسي بِرِضايَ" (يوحنا 10: 18). كذلك أحتمل صمت الله الظاهري كما يظهر من صرخته على الصليب "إِلهي، إِلهي، لِماذا تَرَكْتني؟" (متى 27: 46)، وقاسى العزلة الإنسانية المطلقة كما يؤكد مرقس الإنجيلي "تَركوهُ كُلُّهم وهَرَبوا" (مرقس 14: 50). رغم ذلك كله؟ نراه يصفح ويفتح قلبه للجميع "يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون" (لوقا 23: 34) وهكذا وصل يسوع إلى هذه اللحظة الحاسمة، لحظة الحب الأعظم "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه" (يوحنا 15:13). وفي هذه اللحظة أعطى يسوع ذاته لله "يا أَبَتِ، في يَدَيكَ أَجعَلُ رُوحي!" (لوقا 23: 46)، ولجميع الناس بدون استثناء كما جاء في الكتاب المقدس "جادَ بِنَفْسِه فِدًى لِجَميعِ النَّاس" (1 تيموثاوس 2: 5).

وعليه فإنه بالصليب مجَّد الله تماماً "إِنِّي قد مَجَّدتُكَ في الأَرض" (يوحنا 17: 4)، وأستحقَ يسوع لنفسه وللإنسانية جمعاء أن يكونا موضوع حب الله بدون حدود "إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي" (يوحنا 10: 17). وهكذا التقى الله والإنسان في الوحدة، كما جاء في صلاة يسوع الكهنوتية "فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً" (يوحنا 17: 21) مع مراعاة توجب على الإنسان أن يقبل طوعاً هذا الحب الكامل بكل مطالبه، وقد يصل به الأمر إلى التضحية بحياته على مثال المسيح "أُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضاً مُكَرَّسينَ بِالحَقّ" (يوحنا 17: 19). وقد يجد المرء في طريقه عثرة الصليب التي ليست إلا عثرة المحبة. وعليه يدعو حب المسيح لنا الى المعاملة بالمثل. ومن هنا جاءت وصية يسوع "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً كما أَحبَبتُكم".

2) محبتنا لبعضنا البعض:

محبتنا ليسوع تعني المحافظة التامة على وصايا "إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي" (يوحنا 14: 15) "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً كما أَحبَبتُكم". (يوحنا 15:12). فمن أول صفحات العهد الجديد إلى آخرها، تظهر المحبة الاخوية غير قابلة للانفصال عن الحب الإلهي: فالوصيّتان هما قمة الشريعة ومدخلها (مرقس 12: 28-33).

"المحبة الأخوية هي تمام العمل بالشريعة" "لأَنَّ تمامَ الشَّريعةِ كُلِّها في هذهِ الكَلِمةِ الواحِدة "أَحبِبْ قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ "(غلاطية 5: 14)، وهي في آخر الأمر، الوصية الوحيدة "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً كما أَحبَبتُكم. (يوحنا 15: 12)، وهذه الوصية هي العمل الوحيد لكل إيمان حي كما جاء في قول بولس "إِنَّما القِيمةُ لِلإِيمانِ العامِلِ بِالمَحبَّة" (غلاطية 5: 6). "لأَنَّ الَّذي لا يُحِبُّ أَخاه وهو يَراه لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه." (1 يوحنا 4: 20) "ونَعلَمُ أَنَّنا نُحِبُّ أَبناءَ الله إِذا كُنَّا نُحِبُّ الله ونَعمَلُ بِوَصاياه "(1يوحنا 5: 2).

وعليه فإن محبة القريب تتّخذ طابعاً دينيّاً، وهي ليست مجرد محبة طبيعية للبشر، فهي دينية بمثلها الأعلى ألا وهو محبة الله نفسه "إِذا كانَ اللهُ قد أَحبَّنا هذا الحُبّ فعلَينا نَحنُ أَن يُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا" (1 يوحنا 4: 11-12). وهي دينية بالأخص من حيث مصادرها، إذ هي عمل الله فينا: لن يتّسنى لنا أن نكون رحماء مثل الآب السماوي "كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم" (لوقا 6: 36)، ما لم يعلّمنا الرب "لأَنَّكم تَعلَّمتُم مِنَ اللهِ أَن يُحِبَّ بَعضُكم بَعضًا" (1 تسالونيقي 4: 9)، وما لم يسكب الروح في قلوبنا المحبة "لأَنَّ مَحَبَّةَ اللّه أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا" (رومة 5: 5)

ويلفت الانجيل المقدس النظر الى الميزات المحبة الاخوية. فيوضح يوحنا ان المحبة الاخوية يجب أن تعبِّر عن شركة تامة، يلتزم فيها كل واحد منهم بكل ما فيه من طاقات المحبة والإيمان. يحبَ المسيحي أخوته بمحبة مضحّية وواقعيّة (1 يوحنا 3: 11-18)، خاضعة لقانون إنكار الذات والموت التي بدونها لا توجد خصوبة حقيقية (يوحنا 12: 24-25). وبواسطة هذه المحبة، يبقى "المؤمن في شركة مع الله" (1 يوحنا 4: 7). وفي هذه الصدد جاءت صلاة يسوع الكهنوتية "لتكن فيهم المحبة التي إياها أحببتني فأكون أنا فيهم" (يوحنا 17: 26). وإذ يحيا التلاميذ هذه المحبة الأخوية في العالم (يوحنا 17: 11)، فيصبحون بمثابة شهادة تُثبت للعالم من خلالها أن يسوع هو المرسل حقاً من الآب (17: 21) "إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضاً عَرَف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تَلاميذي" (يوحنا35:13).

واما لوقا فيصف المحبة الاخوية انها محبة شاملة لا تقبل أي حاجز اجتماعي أو عنصري، ولا تزدري أحداً (لوقا 14: 13. في حين انجيل متى يطالب ان تشمل المحبة محبة الأعداءّ ايضا (متى 5: 43-47)، وبالمبادرة الطيّبة نحو الخصم (متى 5: 23-24)، محبة لا تعرف اليأس، وتتميز بالصفح " بدون حدود(متى 18: 21-22)، بالصبر.

واما القديس بولس فيصف المحبة الاخوية هي التي تقابل الشر بالخير (رومة 12: 14-21،). اما في الزواج فتتّخذ المحبة شكل الهبة الكاملة، على مثال ذبيحة المسيح (أفسس 5: 25- 32). وهي للجميع خدمة متبادلة (غلاطية 5: 13)، ينكر فيه المرء ذاته مع المسيح المصلوب (فيلبي 3: 1-11). وفي نشيده للمحبة (1 قورنتس 13)، يوضح بولس طبيعة المحبة وعظمتها. رغم انه لا يهمل أياً من التزامات المحبة اليوميّة (1 قورنتس13: 4-6)، ويؤكّد أن لا شيء له، قيمة بدون المحبة (1 قورنتس 13: 4-6)، بل يؤكد أن لا شيء له قيمة بدون محبة الغير، كما أحب المسيح، وتجعل الإنسان كاملاً في يوم الرب (فيلبي 1: 9-11).

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com