عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E صلوات وتاملات

ضرورة الإتـجـاه نـحو الشرق أثناء الصّلاة

ضرورة الإتـجـاه نـحو الشرق أثناء الصّلاة _ الاب الدكتور انطوان يعقوب
Praying Toward EAST
عن الكتب التالية : الإختلافات العقائدية والطقسية :
ج1 "البروتستانت"، ج2 :الكنيسة الللاتينية الكاثوليكية
و "تُحفة السائلين في معرفةِ أسّرار المسيحيين"
و "أسّرار الخلاص، ج1
للأب الدكتور انطوان يعقوب
سألني أحد المُؤمنين مستغربًا ومستنفراً عن سببِ إختلاف الطوائف أو الكنائس في إتجاههم أثناء قيام الإكليروس بالليتورجيا أو بالطقوس الأُخرى. فالبعض يتّجه نحو الغرب والبعض الآخر يتّجه نحو الشرق؟ وقال أنه سأل أكثر من كاهن عن السبب وراء ذلك ولكنه لم يحصُل منهم على إجابة، بل قال أحدهم لاتهتم بهذه الأمور السطحية!
في الحقيقة أتعجّب من مثلِ هذه الإجابات التي ان دلّت عن شيءٍ فإنها تدُل عن جهلٍ وعدم دراسة أو فهم لأصول الطقوس المسيحيّة. لذلك أعود وأُكرر فاقد الشيء لايعطيه . والذي سيمَّ كاهناً أو شماسًا أو أُسقفًا ويستعمل هذه الدرجات كوظيفة يتعايش منها ، فأُبّشره بأن حسابه سيكون عسيراً يوم الحسّاب الذي لايرحم ولن يفلت منه أي شخص.
على أي حال ، نعم أخي السائل الكنيسة اللاتينية وكلّ من لفّ لفيفها من طوائفٍ تكثلكّت في الشرق أو في الغرب ، وحتى الكنائس البروتستانتية على اختلاف أقسامها وفروعها، وان لم يكُن لها ليتورجيات ولا طقوس كليتورجياتنا وطقوسنا ، إلاّ أنها بدورها لاتتّجه إلى الشرقِ أثناء الصلاة ، بل نراها ، شأنها في ذلك شأن اليهود،- بعض الطوائف الكاثوليكية الشرقيّة التي تغرّبت أو إتبعّت العادات اللاتينية الغربية ،كالـموارنة والسريان، تتّجه صوب الغرب ، إذ نرى الكاهن يتّجه إلى الغربِ بينما ينظر الشعب إلى الشرق.
أمّا كنيستنا الانطاكيّة ، بفرعيّها ، الكاثوليكي والأرثوذكسيّ ، وسائر الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية الخلقيدونية –القائلين بالطبيعتان - وحتى الكنائس اللاخلقيدونية المعروفة بالـمونوفيزية – القائلين بالطبيعة الواحدة -أيضًا ، ينظرون إلى الشرق أثناء الصلاة.
ولا أشك البتة في أن الصّلاة تجوز في كلّ مكان ، وفي أي إتجاه ، لأن الله ، سبحانه وتعالى ، مالىء الكّون ، فأينما إتجهنا فهو هناك، لكنّنا نُصّلي مُتّجهين ناحية الشرق للأسباب التالية:
-
أعدّ الله ، سبحانه، الشرق للإنسان كنور قبل خليقته ، ولهذا نقول عن ظهورِ الشمس شروق الشمس ، لأنها تشرق من الشرقِ لتُنيـر عـلينا ،لأن الله خلقَ الشمس في اليوم الرابع ، وأمَّا الإنسان فخلقه في اليوم السادس (تك 1) وشروق الشمس رمز لنور الـمسيح الذي سُميّ شمس البّر"(ملا4: 2).
-
غرسَ الله جنة عدن شرقًا (تك2: 8) فلمّا خلّقَ الإنسان أقامه فيها وفيها كانت شجرة الـمعرفة والحياة . فجنة عدن رمز للفردوس الذي نتطلّع إليه ، ولهذا أصبحَ إتجاهنا للشرق يعني تطّلعنا للفردوس الذي حُرِمنا منه بسبب سقوط أبوينا آدم وحواء في الخطيئة.
-
الـمسيح ولِدَ في الشرق والـمجوس رأوا نجمه في الـمشرق (متى2:2) ،والـمسيح الذي ولِدَ في الشرق، وظهرَ نجمه في الـمشرق شبهت أمه البتول بباب في الـمشرق (حز44: 1-2) ، لهذا نحن نُرّتل في عيدِ الـميلاد السيّد الـمسيح قائلين:"ميلادك أيها الـمسيح إلهنا قد أطلّع نور الـمعرفة للعالم ، لأن الساجدين للكواكب ، به تعلّموا من الكوكب السجود لك ياشمس العدل ، وأن يعرفوك أنك من مشارق العلو آتيت يارب الـمجد لك".
وهكذا نرى أن الـمُخلِّص آتى من الشرق ليُخلِّصنا ، وماتَ على خشبةِ الصليب في الشرقِ لهذا ينبغي علينا أن نتطلّع أثناء الصّلاة إلى الشرق.
ونسمع آشعيا النبي يتغنى بالشرق قائلاً:" من الـمشارقِ مـجِّدوا الرّب ومن مشرقِ الشمس مجده"(أش59: 19)،كما يقول زكريا الكاهن: "فيخرج الرّب ويُحارب تلك الأُمم كما في يومِ حربه يوم القتال ، وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبلِ الزيتون الذي قُدام أورشليم من الشرقِ فينشق جبل الزيتون من وسطهِ نحو الشرق" (كز14: 3-4)
حزقيّال النبي يقول:" ثُمَّ ذهبَ إلى البابِ الـمُتّجه نحو الشرق ، وإذا مجد الرّب إله إسرائيل جاءَ من طريقِ الشرق"(حز43: 1-2)
كذلك يوحنا الرائي يقول:" ورأيت ملاكاً طالعاً من مشرقِ الشمس معه ختم الله الحيّ ليختم به عبيد الله في جباههم"(رؤ7: 2- 3)
إليشّع النبيّ ، خليفة إيليّا النبيّ ، لـما بارك يوآش وأنبأه بأنه يضرب آرام ثلاث مرات ، "قال افتح الكرة لجهة الشرق ، ولـما فتحها رمى منها السهم فقال سهم خلاص للرب"(2مل13: 17).
-
وفي الشرق بدأت الديانة الـمسيحيّة ، وتأسَّست الكنيسة ، وفي أورشليم قامت أول كنيسة في العالم ،
ومن الشرقِ إنتشرت الـمسيحيّة إلى العالم كلّه .
وفي الشرق سالت دماء أول شهداء الـمسيحية ، ولهذا يقول سفر الأعمال" أن الـمجيء الثاني سيكون من الشرقِ وكما صعدَ هذا يأتي"(أع1: 11).
وها هو قول داود النبيّ يُرّنم للشرق قائلاً:" رتلِّوا للربِّ الذي صعدَ إلى سماءِ السموات نحو الـمشارق"(مز67: 8) وقال أيضًا:" ومن مشرقِ الشمس إلى مغاربها إسم الرب مُسبّح"(مز113: 3).
ثُمَّ أن الإتجاه إلى الشرقِ يُذّكرنا بـمسيحنا الذي وُلِدَ وصعدَ من الشرق ، فنتطلّع إليه لننطّلِق إليه في الفردوسِ الذي أعدّه لنا .
كما أننا نّنظُر إلى الشرقِ لنتّميز على اليهودِ الذين صلّبوا مسيحنا وهُم يُصّلون إلى جهةِ الغرب.
فهل النظر إلى الغربِ بدعة لإحياء مجد اليهودية في بعض الطوائف الـمسيحيّة؟ ففي كل طقوسنا ، والخدم الدينية ننظر إلى الشرق.
ففي سرّ الـمعمودية يقف الطفل الـمُعمّد وأشبينه تجاه الغرب، ليجحدا الشيطان وكل أعماله ، ثُمَّ يتجهان نحو الشرق لتلاوة قانون الإيمان ، وبهذا نحن في أول أسرارنا الـمسيحيّة ننتقل من الغرب إلى الشرق ، أو من ظُلمة الشيطان إلى النور الـمسيحيّ.
-
قال القديس أفرام السرياني:" ان اليهود كانوا يستقبلون أورشليم في صلاتهم ، لأنها مدينة مقدسهم . ونحن مقدسنا الفردوس مسكننا القادم من حيث أنه كان في الشرق أُمرنا أن نجعله قُبلتنا في صلاتنا".
-
قال حامي الإيمان القديس أثناسيوس:" أن يسوع لـما عُلِقَ على الصليب كان وجهه نحو الغرب ، ولهذا وجبَ علينا أن نتطلّع إلى الـمصلوب إلى ناحية الشرق" (منارة الأقداس للروم الأرثوذكس ، ص19).
-
قال القديس باسيليوس ، في ميمره على الإعتراف:" ننصب راية الصليب إلى الـمشرق لكي نتأمل بأبصارنا رجوعنا إلى الفردوس".
وقال أيضًا في ميمره على الصّلاة الربانية:"أننا نتّجه إلى الشرقِ ليس لأن الله الذي لايُرى كائن هناك ، لأنه في كلِّ مكانٍ ولايتجزأ ، لكن لنذكر وطننا الذي في الشرق ، لنلتمس الفردوس الذي نُفينا منه ، وما سبب رفع أبصارنا إلى الشرق ، إلاّ لنذكر ذلك الـمكان الـمُنير الـمُفعم سعادة".
وقال أيضاً:" إنه تقليد قد يم غير مكتوب أن نتّجهَ للشرق عندما نُصّلي، ولكننا أيضًا نتطلّع إلى وطننا القديم الفردوس الذي غرّسه الله في شرقِ عدن"(مقالة عن الروح القدس).
-
قال القديس ساويرس ، في ميمره الذي ضمّنه السجود إلى الشرق ، لأن الفردوس في الشرق موضوع(تك2: 8) ومنه خرجنا فنرجو الرجوع إليه".
-
قال العلامة إكليمنضص الإسكندري:"المسيحيين يُصّلون ناحية الشرق، لأن الشرق مكان ميلادنا الروحي، ومنه يشرق النور أولاً، فلا يسطع في الظُلمة. والشرق رمز ليوم الـمعرفة الحقيقية الذي يشرق مثل الشمس، ويُضيء على الذين دُفِنوا في ظلامِ الجهل"(المُتنوعات ك8: 85).
-
قال القديس كيرلُس الأُورشليمي:"بعد أن تجحدوا الشيطان تُحطِّمون تماماً كل عهد معه، وعلى الفورِ يُفتّح لكُم فردوس الله الذي عرّسهُ شرقي عدن ، والذي منه طُرِدَ أبوانا الأولان"(تعليم الموعوظين1: 9).
-
قال القديس أمبروسيوس:" ان الإتجاه للشرق هو أن نرى المسيح وجهاً لوجه"(الأسرار:7).
-
قال القديس غريغوريوس النيسي:" إذا كُنا نرجو الله في المعموديةِ أن يُنير علينا وأن يشرقَ بنوره، في كلِّ مرةٍ نتجه إلى الشرقِ ليس لأنّنا نتأمل الله فقط، بلأ لأننا ننظرُ إلى وطننا الأوّل الفردوس الذي طُرِدنا منه، والذي كان في الشرق، ولذلك السبب الحسن نقول مثل الإبن الضال "أغفر لنا خطايانا"(العظة الخامسة على الإتجاه ناحية الشرق).
-
قال لاكتاتيوس:" ان الشرق يُنسّب إلى اللهِ أكثر من كُلِ الإتجاهاتِ الأُخرى، لأن الله هو ينبوع النور والذي يُنير كل شيء، وهو سيُقيمنا إلى حياةِ النور، أي الحياة الأبدية.
أما الغرب فإنه يُنسّب إلى الشريرِ، وروح الضلال ، لأنه يختفي من النورِ وينشر الظُلمة دائماً بين البشر، لكي يسقطوا ويهلكوا في خطاياهم".
-
هذا وقد أمرّ الرسُل أن تُقام الصّلاة والـكنائس جهة الشرق ، وفي الصّلاة يجب الإتجاه نحو الشرق ، لأنها الجهة التي قال الـمسيح أنه يظهر منها في مجيئه الثاني"(متى24 وأيضًا دسق1و30).
وقيل عن القديس أرسانيوس:"أنه كان يقف خارج قلايته في ليلّةِ الأحد والشمس ورائه ، ويبسط يديه للصّلاة حتى تطلّع أمامه ومن ثمَّ يجلس".
كان المسيحيون الأُوّل يُعلِّقون صليبًا على الحوائطِ الشرقية لتحديد أماكن الصّلاة، ومن أجلِِ هذا وجبَ أن تتمَ المعمودية والمُعتمِّد مٌتجهاً ناحية الشرق حتى يفتح له الربّ باب الفردوس ويسطع عليه بنوره الذي يشرق من المشارقِ دائماً.
فالإتجاه ناحية الشرق تقليد قديم، حتى أن الميت يُوضع مُتجهاً ناحية الشرق لأن المسيح سيأتي من هذا الإتجاه ، وكما يقول مُعلِّمنا متى البشير:" لأنه كما أن البرقَ يخرجُ من المشارق، ويظهر إلى المغارب، هكذا يكون أيضًا مجيء إبن الإنسان"(متى24: 27).
فلستُ أعرف لـماذا لا تّتخذ الكنيسة اللاتينية وكلّ من لفّ لفيفها الإتجاه نحو الشرق ، فبهذا أيضًا نحن مُختلفون ؟ فالشرق في حدّ ذاته يحمل لنا معان روحيّة جميلة للمُتمعن فيها، ولايوجد أي خطأ عقائدي يـمنع من التوّجهِ نحو الشرق ، لذلك نحن نطلُب من كل الطوائف الـمسيحيّة ، أن تعود للإتجاه نحو الشرق في الصّلاة حتى تكون مُغايرة لليهود.
ونظهر متحدين في قبلة صلاتنا التي اجمعت أغلبية الكنايس الرسولية عليها بل وحتى كرسي روما كان يتجه في الصلاة نحو الشرق قبل تغيير هذا الاتجاه أليس غريبا ان يتجه الشعب نحو الشرق بينما الإكليروس يكسر هذا الاجماع ويقف مصليا نحو الغرب فكفى انقسام واختلاف. حتى في قبلة صلاتنا. من له أُذنان للسماعِ فليسمع ولإلخنا السُبح والمجد إلى الآبدِ آمين .

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com