عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التقويم الطقسي

الأحد الخامس للصوم الأب بيتر مدروس

الأحد الخامس للصوم

الأب بيتر مدروس

2015/03/27

الأحد الخامس للصوم

قد يكتشف بعضهم، وكأنّهم اهتدوا إلى القمر أو اخترعوا الديناميت، أنّ عبارة "عهد جديد" موجودة في وثائق أسيانيّة منها "وثيقة دمشق" أو أنّ الجماعة في قمران (منطقة البحر الميّت) أو نفرًا منها كانوا يسمّون أنفسهم "نوتسريم" والتي تبدو كأنها "نصارى" بحيث يتوهّم بعض الباحثين –وأحسب "تايلور" منهم– أنّ يسوع وبالتالي المسيحيّة ما أتيا من جديد والأقرب إلى فكرهم أنّ لا مسيحيّة بمعنى أنّ لا "أصالة" فيها بل ما هي سوى تعبير آراميّ يونانيّ عن الفكر القمراني الأسيانيّ.

 ومثل عدد كبير من الاعتراضات –والمغالطات– تبدو الضّربة قويّة قاضية وتنشرح بها صدور كثيرة. ولكن، في هذه الحالة أيضًا، تنهار النظريّة بنفخة من علم وبنسمة من نزاهة. أوّلاً، لا "جديد" في عبارة "عهد جديد" عند قوم قمران بل هي واردة في نبوّة إرميا (31:31، قراءة اليوم الأولى). ومن جهة، بين النص التوراتي والقمرانيّ الأسيانيّ (بدل "الإسينيّ"، من الآرامية "آسيانايا" اي الشّافون، في اليونانية "ثيرابوفتس)، وبين نصّ الإنجيل الطّاهر، من جهة أخرى، فرق جوهريّ هو بمثابة الفرق بين الغبراء والسّماء والثّرى والثّريّا: فابن عناتوت ("عناتا") إرميا والجماعة الأسيانية "ياحاد" وسواها يذكران "عهدًا جديدًا" واللفطة نكرة. والناعمون من هذا الميثاق بشر، خصوصًا رجال، يهود ويهود فقط (في إرميا 31: 31) فالإله الأمين وفيّ على خيانة شعبه وثابت على ذبذبة قوم ميثاقه القديم! ويحسب بعض قوم قمران أنفسهم من "أهل بلد دمشق" أي الأطهار الطهرانيين المتعرّفين عن "سائر البشر الخطأة الخاطفين" الفاعلين التاركين! أمّا يسوع فقد قطع بدمه هو لا "عهدًا جديداً" محدّدًا نكرة بل "العهد الجديد الأبديّ"، واللفظة معرّفة، والميثاق مقطوع لا مع فئة محصورة محدودة ضيّقة بل مع "الكثيرين" وهو تعبير آراميّ يعني "الكلّ"، حتّى الوثنيين "المساخيط"، الذين – حسب التلمود - "نجسة نساؤهم منذ مولدها" "وحيوانية أطفالهم" "وأفضلهم يجب قتله"!.

ثانيًا، لا تقضي كلمة "نوتسريم" على المسيحيّة لأنّ معناها عند قوم قمران "المحافظين" ويقابلها الفعل الآرامي "نطار" (ومنه كلمة "ناطور" في لهجتنا العامّيّة) وأيضًا مجموعة "ناطوري كارتا" أي "المحافظين على البلد" غير المعترفين بالكيان السياسي اليهودي المعاصر الذي جلب لنا النكبات والنكسات وسائر بلايا العراق وسورية ومعاناة لبنان وسائر الشرق الأوسط. يسوع هو المسيح ولم يهتمّ بالمحافظة على شرائع وتوصيات بقدر ما وعظ عن المحبة ومارسها حتّى الموت موت الصليب. وبما أنّ يسوع أعلن أنه المسيح- وهو كذلك عندنا مسيحيين ومسلمين- فأتباعه "مسيحيّون" وإن أُطلِق عليهم هذا اللقب في إنطاكية أوّلاً ولاحقًا عند الرومانيين ولا سيّما تاشيتوس من باب السخرية والاحتقار والاستهتار.

 وفي المفردات اليهودية القديمة والمعاصرة، يدعونا العبرانيّون "نوتسريم" بمعنى "أتباع الناصري" يسوع من الناصرة لعدم اعترافهم بأنه المسيح.

"المسيح في أيّام بشريّته رفع الدعاء" (عب 5)

 ليس فقط في زمن بشريته بل بسبب طبيعته الإنسانية أو ناسوته خاف الموت وحزن وصلّى. ولكن هذا لا ينفي إلوهيّته التي ما أنقصت من بشريّته شيئًا سوى إمكانية الخطيئة والخطأ. وربّ سائل يسأل: كيف تقول الرسالة إلى العبرانيين أنه "استجيب له" بسبب تقواه" ولم يتمّ إنقاذه من الموت. الجواب أنّ تخليصه من الموت بمعنى نجاته قبل أن يُقتَل ويُصلَب معجزة، ولكن المعجزة التي تفوقها بلا قياس هي أن يُصلَب ويُقتَل ويقوم في اليوم الثالث. "وأنا إذا رُفعتُ" أو "ارتفعتُ" عن الأرض، جذبت إليّ الكلّ" (يو 12: 32)يشير هنا يسوع المسيح إلى "أيّة ميتة كان سيموتها" لا إلى ارتفاعه مجيدًا إلى سماء السماوات. وقد يتساءل القارىء العربيّ، وقد تعوّد من الديانات الأخرى على حرفيّة التنزيل: "هل الفعل "رُفعتُ" في المجهول أم "ارتفعت" على وزن "افتعل"؟ ولعلّ الجواب أنّ "رُفعتُ" (مجهول) نقل للنص اليونانيّ υψωθω لأنّ اليونانيّة لا تعرف في مثل هذه الحالات إلاّ صيغة المجهول. ولكن حسب نطق السيّد المسيح الأصليّ الآراميّ، تحت الطّبقة اليونانيّة، وزن "هتفعل" أو "إتفعل" ويعني "ارتفعت" (وزن "افتعل") حيث يعود الفعل إلى الفاعل.

خاتمة

أنعم الله علينا أن ننعم بالميثاق الجديد الأبديّ ومنّ علينا نحن أهل الكهنوت أن "نكون خدّامًا للعهد الجديد"، فليجذبنا المصلوب من جديد "ويتجدد وجه الأرض"!.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com