عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

تعريب الإنجيل المقدّس _ يوسف جريس شحادة

تعريب الإنجيل المقدّس

متى البشير

www.almohales.org

الحلقة الاولى 

يوسف جريس شحادة

مقدمة:

الإنجيل لفظة غير عربية، وردت في اللسان {لسان العرب 648 :11 } تحت لفظة"نجل" {بشرح كتاب عيسى "يذكر أن اللفظة" من أصل عبراني أو سرياني وقيل انه عربي}.

إنّ كلمة "إنجيل" مشتقة من الكلمة اليونانية"ايفانجليون" والتي حملت في الأصل معان كثيرة منها {تادرس مالطي عن اوسكار كولمن 1968 ص 27 }:

+من الناحية اللغوية تعني المكافأة التي تقدم لرسول من اجل رسالته السارة. ثم أصبحت تطلق على الأخبار السارة عينها، كما جاء في 2 صم 10 :4 بحسب الترجمة السبعينية"كمن يقدم لي أخبارا سارة - إنجيلا"وفي 1 صم 9 :31 " عن أخبار النصر المفرحة" وفي ار 15 :20 عن ميلاد طفل.

+استخدمت في سفر اشعياء في الترجمة السبعينية، عن الأخبار الخاصة بمجيء الممسوح من قبل الله لخلاص شعبه" على جبل عال اصعدي يا مبشرة – مقدمة الإنجيل لصهيون"اش 9 :40 ،  ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام  المخبر بإنجيل السلام، المبشر بالخير المخبر بالخلاص ، القائل  لصهيون قد ملك إلهك 7 :52 .

أما في العهد الجديد فقد احتلت الكلمة مركزا أساسيا بكونها تعبّر عن الرسالة المسيحية في مجملها { مر 1:1 و 1 كو 1 :10 } فان الملكوت الذي أعلنه المسيح هو "بشارة الملكوت" أو "إنجيل الملكوت "، {مت 23 :4 ,53 :9 و 14 :24 }. وقد تكررت هذه العبارة 72 مرة في الإنجيل المقدس منها 54 مرة في رسائل بولس الرسول، لتعبّر عن أخبار الخلاص المفرحة السارة التي قدمها لنا الله في ابنه يسوع المسيح ليدخل بنا إلى حضن أبيه بروحه القدوس.

الأناجيل الازائية:

كلمة " synoptic  "مشتقّة من العبارة اليونانيةsunarao"  "، والتي تعني رؤية الكل معا وبنظرة تكاملية فهي تخص الأناجيل الثلاثة: متى ومرقس ولوقا، بكونها أناجيل تحوي هيكلا متشابها ومواد متشابهة وان وجدت أيضا مواد غير متشابهة.

أول من استخدم التعبير synoptic هو  Griesbach في القرن الثامن عشر ودعيت الأناجيل الثلاثة:Synoptic Gospel  ومن يترجمها: بالأناجيل التكاملية أو المتشابهة أو الازائية، كما عرف الإنجيليون الثلاثة ب Synopists  فقد جاء في الكتاب المقدس 2 تي 7-16 :3 و 2 بط 21-20 :1 والكتاب هم آلة الله كما في مز 1 :45 :" لساني قلم كاتب ماهر".

مطبّات في التّرجمة:

إنَّ عملية الترجمة فنّ ومهنة مضني،  ومن يتقنه قليل من عديد، فليس من اليسير أن تكون الترجمة مطابقة للأصل مُطابقة تامة حيث أن المعاني بنات فكر الإنسان وبالتالي هي كالإنسان روح وجسد يولد روحها وجسدها معا كما يولد روح الإنسان وجسده معا وعند عملية الترجمة يستلّ المترجم الروح من الجسد – اللغة- جاعلها في جسد آخر وهذا ليس بالشيء اليسير.

اللغات تشبه بعضها البعض بقدر ما تختلف عن بعض،  ومقياس نجاح المترجم في عمله أن تكون ترجمته آمنة وذات مصداقية للجوهر والفحوى وبأقّل خلل من العرض هذا بما يختص بالمعاني والدلالة اللغوية semantics  وأمّا ما يختص بالإنشاء والأسلوب أوجز قدس الأب لويس شيخو في مؤلفه القيم – علم الأدب 1 : 342 : " ولمّا كانت اللغات متباينة القرائح، مختلفة التعابير يتحتم على الناقل، لاستيفاء غرضه، أن يتبصّر طوراً بعد طور في الأساليب العربية الموافقة لتأدية المعاني التي تحرى استخراجها إليها،  مع دفن الالتباس وسلامة الكلام مما ينكره ذوو الذوق السليم من أهل اللغة،  حتى إذا وقف عليه العربي لا يجد فيه أثراً للتعريب،  وإذا عرضه الأعجمي على أصله الذي نقل عنه،  لا يكاد يراه شاذاً عنه بشيء ". hapax legomenon   .

إن ترجمة الكتب الدينية مقيّدة للمترجم،  وحصراً لمن يؤمن أن هذه الكتب، كتب مقدسة تحتوي على كلام الرب معبّراً عنها بلغة بني البشر،  فان المترجم يخشى أن يحسب جوهراً عرضاً أو أن يحسب عرضاً ما هو جوهر لذا يتردد محتاراً،  وما من مناص في اللجوء إلى الترجمة اللفظية خوفاً من أن يفسد كلام الله عوضاً عن تقريبه إلى ذهن القارئ،  ففي هذا النوع من الترجمة تجيء العبارة بعيدة عن التراكيب العربية لاختلاف طبيعة الأسلوب في اللغتين،  لغة المصدر واللغة المترجم إليها وهذا من اكبر عيوب فن الترجمة،  ولكن الترجمة اللفظية لا تأتي دوماً بالهدف المنشود،  فالتزّمت في استخدام عبارة ما قد يقتل المعنى وان لم يقتله فيطمسه ويغميه بدلاً من التوضيح والإبانة .

كثيراً ما تكون الترجمة اللفظية ركيكة في اللغة المنقول إليها،  ينفر القارئ من قراءة كلام الرب،  في الوقت الذي تكون فيه الغاية الأساسية من الترجمة الترغيب في قراءة النص وربما ما يصف ذلك الرغبة في حفظ التوازن بيت أمانة الترجمة للمعاني كما هي في الأصل وإخراج هذه التعابير والمعاني في لغة جيّدة وأسلوب سلس يلذ للقارئ عند قراءتها.  هذا ما جعل في الماضي أناساً من بعض الديانات يدعون إلى تحريم ترجمة الكتب التي يحسبونها وحياً من الله ومنزلةً.  الأصل دوماً أفضل من الترجمة ولكن لو استطاع جميع البشر أن يستغنوا عن الترجمة ويقرأوا الأصل ويتفهموا معانيه تفهمّاً صحيحاً سليماً كان به،  ولكن هذه أمنية لن يكتب لها أن تتحقق إلى يوم القيامة،  وكقول القديسة تريزا: "لو كنت كاهناً،  لدرست العبرية واليونانية لاستطيع أن اقرأ كلام الله كما تلطف وعبّر عنه بلسان البشر".

الدراسات حديثة كانت أم قديمة للعهد الجديد،  تبحث في أدق المعاني والألفاظ والتعابير،  وهناك العديد من المؤلفات وكتب القواعد الخاصة باليونانية المستعملة في أسفار العهد الجديد وكتب التفسير،  ومن أعظم هذه المؤلفات كتب قدس الأب لاغرانج الدومينكاني Lagrange  ،  الذي كرّس حياته في مدينة القدس ولم يترك أي شاردة ولا واردة في كتب العلماء الذين سبقوه أو عاصروه إلا واطلع عليها وناقشها وصدّر تفسيره بمقدمة للعهد الجديد توازي مجلّداً واحداً مفعمة بالدرر اللغوية ناهيك عن الفوائد اللاهوتية والتاريخية.

ترجمة العهد الجديد:

المرحلة الأولى في فن الترجمة – فهم معنى النص الأصلي،  وبعد ذلك يختار المترجم من طبقات الإنشاء الطبقة الملائمة لأسلوب الأصل. وفي هذا المضمار يحار العرب عن سائر المترجمين،  فالعرب امة تحب الكلام الفخم والأسلوب العالي والمفردات العسيرة وحصراً في المؤلفات التي تعبّر عن معان دينية،  وقد عرّف الأب لويس هذا النمط من الأسلوب { علم الأدب 1 : 144}: " الإنشاء العالي ما شحن بغرر الألفاظ،  وتعلق بأهداب المجاز،  ولطائف التخيلات وبدائع التشابيه فيفتن ببراعته العقول ويسحر الألباب،  وهذا الإنشاء يتّسم بكل ما لطف وجاد من المحسنات البيانية،  والألفاظ المنمقة والمعاني الشريفة فالرونق ميسمة والجزالة من شيمه".

بيد أن العهد الجديد كتاب فريد في نوعه فهو مع سمو معانيه وجليل ما يروى فيه من كلام الرب وأعماله الخالدة مكتوب بإنشاء سلس موجز بقليل من الألفاظ وبوفرة وغزارة في المعنى، فهناك كتب تبحث في فقرة واحدة من الإنجيل،  فعلى سبيل المثال فقط كتاب بوسمارد Boismard  يبحث في مقدمة إنجيل يوحنا " في البدء كان الكلمة "،  والكتاب من 185 صفحة يبحث معنى العبارة وصلاتها بسائر إصحاحات الكتاب المقدس.

وهذا الأسلوب السلس،  ليس من سبيل الصدفة لأن المسيح أتى كي يكشف للناس أسرار الآب ولان النعمة والحق بيسوع حصلا { يو1 : 17-19  } وكان يخاطب الناس: "على حسب ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا " { مر 4 : 33-34}. فكان الشعب اجمع مولعاً بالاستماع إليه: " كانوا متعلقين بالاستماع له " { لو 19 :48 } وحتى الذين أتوا ليعتقلوه طفقوا يتفوهون: " انه ما نطق إنسان قط بمثل ما ينطق هذا الرجل " { يو 7: 45-46 }.

إنّ لغة الإنجيل لم تكن في الأصل بالعربية،  وعند نقل المادة فلا حاجة إلى أسلوب منمّق مزخرف ولا حاجة إلى جزالة في الألفاظ ولا حاجة إلى بذل المعنى في سبيل المبنى والفحوى والجوهر في سبيل العرض،  ولا من حاجة للتنقيب عن الألفاظ العويصة المعقدة،  مضطربة التركيب مما يمجه الذوق السليم،  فقد امتاز متى البشير العشّار بأسلوب بالغ الإيجاز شحيح الألفاظ غزير وفير خصب بالمعاني خالٍ من كل زخرف وتأنّق وجزالة،  ومرقس البشير بأسلوب بسيط يكلم الناس،  أسلوب الشعب حين يروي الأحداث،  وأمّا إنشاء لوقا الإنجيلي فهو أجود إنشاء،  كان طيباً وتأدب بالأدب اليوناني،  وإنجيل يوحنا ابسط الأناجيل لغةً،  كلماته قليلة العدد قليلة التنّوع،  أسلوبه خالٍ من الزخرف اللفظي والتنميق والكلام الطّنان الرّنان إلا أنّ إنجيله " إنجيل روحاني " كما وصفه اكلمنضوس الاسكندراني،  إلا أن عمق المعاني الروحانية واللاهوتية أدهشت الباحثين حتى ألّفوا كتباً عدّة حول فصل أو بعض من الإصحاحات كما ذكرنا آنفاً. 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com