عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E التقويم الطقسي

الأحد الذي بعد عيد ميلاد المسيح الأب بطرس ميشيل جنحو

الأحد الذي بعد عيد ميلاد المسيح

الأب بطرس ميشيل جنحو

2015/01/08

فصل شريف من بشارة القديس متى (2: 13-23)

لما انصرف المجوسَ اذا بملاكِ الربّ ظهر ليوسفَ في الحلم قائلاً قُم فخُذِ الصبيَّ وامَّه واهرَب الى مصرَ وكُن هناك حتى اقولَ لك * فانَّ هيرودس مُزمعٌ ان يطلب الصبيَّ ليُهلكهُ * فقام واخذ الصبيَّ وأمَّهُ ليلاً وانصرف الى مصر * وكان هناك الى وفاة هيرودس ليتمَّ المقول من الربّ بالنبيّ القائل: من مصر دعوت ابني * حينئذٍ لَّما رأَى هيرودس انَّ المجوسَ سخروا بهِ غضب جدًّا وارسل فقتل كلَّ صبيانِ بيت لحم وجميعِ تخومها من ابن سنتينِ فما دونَ على حسب الزمان الذي تحقَّقهُ من المجوس * حينئذٍ تمَّ ما قالهُ ارمياءُ النبيُّ القائل: صوتٌ سُمع في الرامةِ نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيل تبكي على اولادها وقد أَبَت أن تتعزَّى لانهَّم ليسوا بموجودين * فلمَّا مات هيرودوسُ اذا بملاكِ الربِّ ظهر ليوسف في الحلمِ في مصرَ قائلاً: قُم فخُذِ الصبيَّ وامَّهُ واذهب الى ارض اسرائيل فقد مات طالبو نفسِ الصبي * فقام واخذ الصبيَّ وامَّهُ وجاء الى ارض اسرائيل * ولَّما سمع ان ارشيلاوُس قد ملكَ على اليهودية مكانَ هيرودوس ابيهِ خاف ان يذهبَ الى هناك وأُوحيَ اليه في الحلم فانصرف الى نواحي الجليل * واتى وسكن في مدينةٍ تُدعَى ناصرة ليتمَّ المقول بالانبياء إنَّهُ يدعَى ناصريًّا.

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

أيها الأحباء:

أن القديسة والدة الإله مريم التي حملت في أحشائها الطفل الذي كانت تذكره في كل يوم بتأمل خاص عبر الأشهر التسعة التي بقي فيها داخل بطنها، وخلال تلك المدة عاشت مريم عيشة إلهية مميزة، فالطفل يتكوّن ويُكوّنها، تتكوّن من خلاله بالروح الذي اصطفاها لكي تكون تلك الأم. يوسف الذي تحيّر مستغرباً تلك الولادة، ولكنه علِم يقيناً بأنها من الإله آتية، فكرّس حياته ليكون أباً لطفلٍ ليس هو ابنه بالجسد. وأخوه يعقوب الذي يكبره بضع سنين، تشكّلت أيضاً شخصيته بحيث أنه صار فيما بعد، الأسقف الأول على أورشليم باختيار التلاميذ له، ليكون هو حامل تلك الأمانة، أمانة الرسالة، وأمانة الكنيسة التي كوَّنها يسوع.

واليوم في المقطع الإنجيلي والمختص بهذا الأحد نرى هروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر هرباً من هيرودوس الظالم الدموي الشرير والذي نال عقابه الذي يستحقه، لأنه مات موتاً مخيفاً في قصره في مدينة أريحا، معذّباً عذابات لا توصف من خارج ومن داخل. فمن يقدر أن يتصور لسعات ضمير الشرير في ساعات الموت، وكانت علته لا ترحمه؟

هنا نرى وحشية هيرودس، فمن قتل أولاده وزوجاته وأقربائه من المؤكد أنه يفعل هذا فهو قتل أولاده وزوجاته لنفس السبب الذي قتل أطفال بيت لحم بسببه ألا وهو خوفه وحرصه على عرشه. وهذا يرينا نتائج الحسد والغضب ومحبة العالم. وصار هؤلاء الأطفال أول شهداء المسيحية، صاروا رمزاً للكنيسة المضطهدة المتألمة لأجل المسيح، الكنيسة التي رجعت وصارت كالأطفال بسيطة كمسيحها، هذه الكنيسة لا يحتملها إبليس ولا يحتملها العالم ويريد قتلها واختفاءها. ولكن ما لا يفهمه العالم، أين ذهب هؤلاء الأطفال؟ هم في السماء... ولكن ما مصير من قتلهم ليتمسك بالأرض!

ظن هيرودس لما قتل أطفال بيت لحم أنه يعيش وأن الصبي الذي خشي أن يهدد عرشه قد قُتل. لكن بعد أيام قليلة كان هيرودس في قبره، بينما كان الصبي يسوع حياً محروساً، قد عظُم شأنه حسب ما نراه في هذا اليوم.

ملاك الرب ظهر ليوسف في الحلم قائلاً له قم وخذ الصبي وأنه وأهرب إلى مصر. إذا كان المولود هو يسوع المخلص فلماذا لا يخلصنا من هيرودس وحينما قال له الملاك إذهب إلى مصر ذهب حتى دون أن يسأله كيف أو متى أعود. وكان أعظم فرح ليوسف والعذراء مريم أن المسيح في أحضانهم بل قل أنهم هم في أحضانه، فنحن نرى هذه الصورة في سفر النشيد "شماله تحت رأسى ويمينه تعانقني" (2: 6).

وبعد مكوث العائلة المقدسة في مصر. نرى ملاك الرب مرة أخرى يظهر ليوسف قائلاً له: «إذهب إلى أرض إسرائيل»، ومن الملاحظ أن الملاك في كلامه مع يوسف سمى الأرض هذه التسمية ليُذكِّره أن الله لم يزل يحسب الأرض لهم مهما كانت حالتهم محزنة. ويظهر أن يوسف كان قاصدًا أن يرجع إلى اليهودية وربما إلى بيت لحم. ثم عدل عن قصده بوحي من الله «وانصرف إلى نواحي الجليل وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة» ونعرف من إنجيل لوقا أنه كان ساكنًا هناك قبل ولادة المسيح (لوقا 26:1-27) وصار ذلك «لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سَيُدْعَى نَاصِرِيًا». وفي الإنجيل استعمل اسمها للدلالة على الاحتقار حتى بالجهد صدّق نثنائيل إمكانية خروج شيء صالح منها (يوحنا 46:1). فأُخذ الطفل الإلهي إلى هناك حتى يتم ما قيل في نبؤة أشعياء النبي: "فقد جعلتك نوراً للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض" (أشعيا 49: 7). فهو لم يسكن في بيت لحم مدينة داود، ولا في أورشليم مدينة الملك العظيم، بل في الناصرة المحتقرة.

كلمة أخيرة ومهمة هو أن يسوع واسمه عمانوئيل الذي تعني الله معنا، وهو المخلِّص الذي يخلّصنا، وأيضاً يبقى خلاصه معيناً لنا، فماذا نفعل؟ وماذا نفكر؟ وماذا نقول؟ بعد أن علمنا بأن يسوع منذ نعومة أظفاره يغادر مع يوسف وأمه مريم البتول وقد مر بتجارب كثيرة. ولكن يسوع أحبنا وجاء إلى خلاصنا. هل نفتح له أذرعنا ويكون هو معيناً ومخلصاً لكل نفس تتوق إلى حياة التوبة لتنعم في حياة متجددة معه.

يبقى علينا في كل يوم أن نُبارك هذا اليوم بمَن باركنا، وأن نجعل في كل يوم يومنا، يوم يختلف عن الذي سبقه، أن نزداد قداسة، أن نزداد سمواً، أن نزداد تغيّراً.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com