عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

لأحد التاسع من لوقا الأب بطرس جنحو

الأحد التاسع من لوقا

الأب بطرس جنحو

2014/11/28

-فصل شريف من بشارة القديس لوقا

قال الربُّ هذا المثَل: انسانٌ غنيٌّ أَخصَبَت ارضَهُ * ففكَّر في نفسهِ قائلاً ماذا اصنع. فاَّنهُ ليس لي موضِعٌ أخزَنَ فيهِ اثماري * ثمَّ قال أَصنعُ هذا. أَهدِمَ أَهرائي وأَبني اكبرَ منها واجمعُ هناك كلَّ غَلاَّتي وخَيراتي * واقول لنفسي يا نفسَ انَّ لكِ خيراتٍ كثيرةً موضوعةً لسنينَ كثيرةٍ فاستريحي وكلُي واشرَبي وافرَحي * فقال لهُ اللهُ يا جاهلَ في هذه الليلةِ تُطلَبَ نفسُك منك. فهذه التي أَعدَدَتها لَمن تكون * فهكذا مَن يدَّخِرُ لنفسِهِ ولا يستَغني بالله * ولَّما قال هذا نادى مَن لهُ أُذَنانِ للسمَعِ فليسمَع.

بسم الاب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

أيها الأحباء أحتل المال عبر العصور، مكانة عالية وهامة في حياة البشر، جعلت الإنسان يلهث طامعاً وراء تحقيق الثروة وجمع المال وأقتناء الممتلكات، لعله يشتري به أو يكون له تعويضاً عن "الحب والقبول والقوة ".

وفي لهاثه المستمر وراء المال استخدم كل الوسائل والطرق الممكنة لتحقيق ذلك كالعمل لفترات طويلة، والسفر إلى مسافات بعيدة.

هاجر إلى عوالم جديدة وجمع حيلاً وخططاً لا عدد لها، وسار حسب مبادئ العالم، رامياً بمبادئ السماء عرض الحائط، مغيراً مسميات الأمور، معتبراً الغش شطارة والسرقة ذكاء والاحتيال والرشوة حق، وكل هذا لتحقيق أغراضه، مستخدماً مبدأً في قمة الخطورة وهو: "الغاية تبرر الوسيلة".

وفي هذا المقطع الإنجيلي من بشارة لوقا البشير نرى بوضوح حب المال منذ أن تكلم بها مخلصنا يسوع المسيح. فعندما رأى هذا الإنسان أن محصولاً غير عادي في أرضه فإنه بدلاً من أن يشكر الله من أجله أو يفرح بالفرصة التي هيأها له ليعمل خير أوفر وأزعج نفسه بهذا القول: "ماذا أعمل لأن ليس لي موضع أجمع فيه خيراتي"، كبرت همومه لحفظ ما معه اذ وقع في ارتباك شديد لم يعد يقدر أن ينام لكثرة تفكيره فيما يعمله. ليس حب المال فقط بل يكون أيضاً مصاحباً بالبخل.

البخل فيه خطيئة محبة المال وعدم انفاقه، خاصة للذين يبتغون ويركضون وراءه، كما يقول الرسول بولس: "لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة". (1 تيموثاوس 6: 10) والرب يسوع يعتبر المال نوعا من العبادة تنافس عبادة الله.

كان السيد له المجد يكلمهم عن الكرازة بلا خوف والضيقات التي ستأتي. فارتفع صوت شخص يشتكي أخيه الذي ظلمه في الميراث. ويظهر هنا التناقض، فلو فهم هذا الشخص كلام المسيح الذي يعني أنه في هذا العالم سيكون ضيق مستمر، ولكن الروح القدس يساندنا وفي النهاية من يثبت يعترف به المسيح، لاحتقر هذا الشخص الماديات كلها فماذا ستنفعه أمواله وقت الاضطهاد والاستشهاد، وماذا سيخسر هذا حينما يقف مُعْتَرَفَا به أمام الله.

أن الطمع هو أخطر عدو يقابل المسيحي، لذلك أسماه بولس الرسول عبادة أوثان. ومنع الطمع المفسد للحياة السماوية. ولاحظ فإن المسيح لا يدين الغني بل الطمع. والطمع هو الشعور الدائم بعدم الاكتفاء والنهم للأرضيات والماديات، والانشغال بالماديات عن الروحيات، وعدم الاهتمام بأن يكون للشخص كنز سماوي. فالمسيح أتى لنرث السماء.

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذا الغني قد أخطأ إذ دعا غناه "خيرات"، فإن الغنى ليس خيراً في ذاته ولا يُحسب شراً. الخير هو الفضيلة مثل العفة والتواضع وما إلى ذلك، أن اختاره الإنسان يصير صالحًا، والشر هو الرذيلة ومن يختاره يُحسب شرِّيرا، أما الأمور الأخرى فهي طبيعيَّة ليست صالحة ولا شرِّيرة، إنما يمكن توجيهها للخير كما للشر، فالغنى أن استخدمناه في العطاء صار خيرًا، وإن حمل طمعًا صار شرًا. وقد وأضح القدِّيس هذا المفهوم في أكثر من موضع، خاصة في مقالة: "لا يقدر أحد أن يؤذى إنسانًا ما لم يؤذِ الإنسان نفسه" موضحًا أن الغنى كما الفقر لا يؤذيان الإنسان، لكن ما يؤذيه هو شر قلبه الداخلي وإساءة استخدام الغنى أو الفقر.

وآباء الكنيسة يميزون ثلاث صفات لخطيئة البخل:
أولاً : تعلق القلب بالمال وهذا هو البخل بالمعنى الصحيح.
ثانياً: الرغبة في كسب المال دوما وبدون توقف وهذا يعني الطمع.
ثالثاً: التشدد في التملك.

أحبائي: ما اجمل وما أصدق الكلمة "الملك لله" نعم كل المخلوقات هي ملك الخالق، لا وجود لملكية الفردية المطلقة في المسيحية، لأن من يسعى وراء المال ليحتفظ به لنفسه، فإنه لهذا المال عبد ولا يمكن للانسان أن يعبد الله والمال معاً.

كلمة أخيرة أيها الأحباء: أن من حق الإنسان أن ينال ما يفضل من الغير من الخير. كم هو عدد الفقراء في العالم. كم هو عدد الجائعين. كل يوم يموت في الهند وافريقيا وأميركا اللاتينية مئات بل الألوف من الناس بسبب الجوع والعطش. نصف العالم غنيّ، ونصفه الآخر فقير.

المحرومون بين البشر لا عدَّ لهم ولا حصر. ربما هم يسكنون معنا وهم في بلدنا، وهم من عشيرتنا. أين هي حصتهم، والأموال والخيرات تفيض عند البعض حتى انهم يجهلون ماذا يعملون بها. أحياناً كثيرة يرمونها في البحر. أليس هو عدم التكافؤ بين الغني والفقير، وعدم التوزيع العادل لخيرات العالم. فالإنسان يحتفظ بأنانية بالفائض من الخيرات.

إعلموا يا أخوتي وأخواتي: أن الإنسان إذا أخذ فقط ما يكفي حاجاته وترك الفائض وغير الضروري له للفقراء يكون بهذا قد تغيرت جميع المسميات من غني وفقير وبائس ومسكين.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com