عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

يا مسيحي الشرق والبلاد المقدسة

الاب خريستوفوروس

يا مسيحي الشرق والبلاد المقدسة
"لا تضطرب قلوبكم ولا تَرْهَبْ، آمنوا بالله وبي أيضاً آمنوا" (يوحنا 1:14)

عندما ننظر للذي يحدث في سوريا والعراق وغزة وللعديد من الدول حولنا، وما يرافقه من صمتٍ دولي قاتل أكثر من آلة الفتك والدمار والقتل، نصطدم بحقيقة واحدة وهي انهيار المنظومة القيميّة والاخلاقية والروحية والإنسانية في عالمنا، وهذه هي الكارثة.

إن بيلاطس البنطي الوالي، الذي كان يعلمُ بأن يسوع أُسلم للأمة اليهودية للموت ظلماً، إعتقد أنه بغسلِ يديه أمام الشعب سيُبرّر نفسه من خطيئة وجرم تسليم الرب والمخلّص إلى الموت، واليوم هذا الفكر والتصرّف البيلاطسي انتشر وأصبح نهجاً وموقفاً (التعلل بعلل الخطايا)، وكأن قوةً، وهي شيطانية، تريد أن تستبدل النور بالظلام، والحق بالباطل، والدين بالجهل، والإنساني بالوحشي، والإلهي بالشيطاني. ولكن أيها الأحباء مهما ساد الظلام وانتشر الباطل والظلم وعمّ الجهل وازدادت وحشية القتل والدمار وساس الشيطان العالم من خلال أُناس أظلمت ضمائرهم وملأ الحقد قلوبهم، ومهما سيطر الشرّ فلكل هذا تاريخ إنتهاء. وطالما توجد قلوب تؤمن بالله، وتعرف الحق، وتحيا المحبة فالقيامة آتية حتما.

أيها الأحباء، إن هذا هو أساس إيماننا المسيحي، نحن أبناء حق وحياة ونور وقيامة. فعندما ادخلوا المسيح القبر ظنّت كلُّ قوى الشر والظلام التي تآمرت على صلبه وموته، بأن صوت الحق قد اختفى من العالم ليسوسوا هم العالم، ولكن المسيح قام من بين الأموات وأبطل كل مخططاتهم، لذلك نحن أبناء رجاء، نرجو ونصبر "والذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلُص".

لقد اعلمنا ربنا له المجد بكلِ ما يحدث، فقال: "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد ابغضني قَبْلكم. لو كنتم من العالم لكان العالم يُحب خاصتهُ. ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم، لذلك يُبغضكم العالم". (يوحنا 18:15-20)

من هنا يعي المسيحي بأنه سيُضطهد في هذا العالم، وسبب اضطهاده عدم قبوله لروح وفكر هذا العالم (أي عالم الخطيئة)، وهنا يكمُن جهاد المسيحي الروحي، أن لا يُصبح من خاصة هذا العالم، لأنه "لا يستطيع أن يؤمن ويعبد ربين، فإما أن يُحبّ الواحد ويُبغض الآخر" (متى 24:6) لذلك قال الرب: "لهذا آتيت إلى العالم لأشهد للحق، وكل من هو من الحق يسمع صوتي، يؤمن بالحق والحق يُبرره". (يوحنا 37:18)

إن قوى الشر في عالمنا تريد إفراغ بلاد الشام من المسيحيين، وهذا خطير جداً، ليس فقط لأن هذه البلاد هي بلادنا والأرض أرضنا والأماكن المقدسة أماكننا ونحن جزءٌ ومكونٌ أساسي في حضارتها، بل لأنهم يريدون أن تفقد بلادنا وإنساننا هويتهم الحضارية والدينية الروحية والثقافية ومنها ثقافة التعايش الديني الإسلامي المسيحي ببعده الشرقي الأرثوذكسي، فيسقط كل من بلادنا وإنساننا ويُستعبدون لأيادي ومصالح غريبة عنا، وهكذا هم ماضون بسياسة تقسيم المُقسم وتجزئ المُجزأ، ومع وجود الكثير من مقومات وعوامل الوحدة التي تربطنا في بلادنا فإننا نتفرق ونتشرذم وللأسف بدل أن نبحث عن الذي يوحّدنا يتم إختيار الذي يفرق ويدمر "قد أعلمتكم بهذا لكي لا تشكوا، سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظنّ كل من يقتلكم أنه يقدم خدمةٍ لله، ...، قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أني قلته لكم". (يوحنا 1:16-4)

بالفعل أيها الأحباء أليس هذا ما يحدث؟ يُقتل المسيحي ويُضطهد باسم الله، ، تُنتهك بكل بشاعة سيادة دول وتُشرّد وتُقتل وتُباد شعوب باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحقيقة هي أن الذين يقتلون كل من المسيحيين ويُشردون الشعوب في دول الجوار هم واحد ومصالحهم واحدة وأهدافهم واحدة، "فلا تضطرب قلوبكم ولا تَرْهَبْ، آمنوا بالله وبي أيضاً آمنوا" (يوحنا 1:14) "تشجّعوا، ثقوا فأنا قد غلبت العالم، أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتومنون بهذا؟". (يوحنا 25:11-27)

نعم يا رب إننا نؤمن بهذا، فهب لنا من لدنك إيماناً ورجاءً ومحبةً، وأعطنا توبة حقيقية حتى نسير بحسب مشيئتك ونطيع نواميسك ووصاياك ونحيا حياة الكنيسة فنكون شركاء في أسرارها المقدسة حتى نتّحد بك أنت الإله الحقيقي وحدك، لكي نسير في الطريق الضيّق الذي يقود إليك وإلى ملكوتك، وأن لا تستهوينا طرق هذا العالم الرحبة الواسعة مهما عظُم شأنها لأنها زائلة وفانية آمين.

أيها الأحباء، نحن بحاجة في هذا الزمن وهذه الظروف أن ندخل إلى مخدعنا الذي هو قلبُنا، ونغلق بابه وهذا يتم بالمحافظة على نقاء قلوبنا من أباطيل هذا العالم وأوساخه، ونصلى إلى "آبانا الذي يرى في الخفاء وهو الذي سيجازينا علانية" (متى 6:6) حينها فقط نستطيع أن نسمع بدون تشويش ونُصغي إلى صوت الله، وهذا يتم أيضاً عن طريق توبتنا والمواظبة على المناولة المقدسة والمشاركة في حياة الكنيسة الأسرارية، وحينها نستطيع أن نميز ببركة الكنيسة والأب الروحي إلى أين نتجه وماذا نعمل في الظروف الصعبة، لكي لا نفقد بوصلة مسيرة حياتنا الحقيقية، حتى نبقى شهود للحق في بلادنا المقدسة التي من واجبنا البقاء فيها وليس هجرتها، للعمل على وحدتها وازدهارها. والسير حسب النهج الهاشمي المعتدل في ترسيخ روح المحبة والإخاء وتعميق الحوار، والتفكير بدل التكفير، وإعلاء كلمة الحق لنعيش بكرامة. كما وعلينا العمل بثبات للتمسك والدفاع عن حقوقنا الوطنية والكنسيّة مهما اصطدمنا بمعوقات تريد منا التفريط بحقنا الشرعي بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، ونهضة كنيستنا الوطنية الأرثوذكسية من خلال مشاركة أبناء الوطن في إدارة شؤون كنيستهم، وإبقاء الوجود المسيحي حي في بلادنا المقدسة، والإصرار على المطالبة بحقوقنا هذه العادلة والمُحقة مهما كلفنا الثمن، لأن كلَّ من يتمسك بالحق ويُطالب بتحقيقه يُساهم في إنتشار المحبة والعدل والحق الإلهي ضد الباطل والكراهية التي تنشرها قوى الشر في عالمنا، وهنا مسؤولية كل إنسان في المساهمة لإنقاذ الإنسانية من الدمار والانحلال القيّمي الإنساني والروحي.

نرفع صلاتنا إلى الرب الإله من أجل شهداء غزة والعراق وسوريا، ومن أجل شفاء الجرحى، ومن أجل فك أسر المطرانيين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم المخطوفين منذ أكثر من عام ونصف، ومن أجل أن يديم الرب علينا نعمة الأمن والاستقرار في أردننا وأن يحفظ هذا الوطن الحبيب من كل الأعداء المنظورين وغير المنظورين، وأن يمنح من لدنه نعمة وبركة وقوة للجيش العربي الباسل حامي سياجه، ولجميع قوات الأمن التي تسهر على أمن واستقرار الوطن، تحت ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم حفظه الله ورعاه.

نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس لتكن معنا آجمعين، آمين.

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com