عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

18/8/2009
الكاهن من هو_المطران يوحنا جنبرت

 

الكاهن: من هو ؟

المطران يوحنا جنبرت

 إنّ من يعي أهمية السلطان الذي يتمتع به الكاهن، لا بدّ له وأن يجزع ويندهش من أن سلطاناً لهذا قد أعطى البشر(متى9: 8 ). ويحلو علينا في هذا المكان أن نقرأ عليكم ما كتبه المفكر اللبناني الكبير الدكتور فؤاد كمال الحاج عن الكاهن، رغم ج هذا هو الكاهن: وسيط بالذبيحة بين الله والإنسان، نائب المسيح. قائم مقام المسيح ذو سلطة على إنزاله، وذبحه بين يديه، كي يعطيه الحياة للآخرين، في كل مرة يجري الذبيحة. هو ذابح دون أن يكون مذبوحاً. هو مالك دون أن يكون مملوكاً. هو رأة تعبيره، التي إن دلت فتدل على إيمان الكاتب العميق في قدسية الكهنوت :

 

كاهن دون أن يكون مكهوناً.

هذا هو الكاهن: إنه علة فاعلة لوجود المسيح حقاً في القربان المقدس. قال الله: كوني فكانت. هكذا كان الكاهن. يكفي أن يقول على الخبز: "هذا هو جسدي" ليصير الخبز جسد المسيح. يا لها من أديٍ مقدسة. إن الذي خلق الكاهن فكان الكاهن بواسطته عاد فوهب الكاهن أن يخلقه فيكون بواسطة الكاهن.

هذا هو الكاهن: أعجوبة مذهلة لا يعلوه إلا الله. إذ لا خلاص إلا به، لأنه لا خلاص إلا بالذبيحة. فكما أن الكون كله يقيم الذبيحة، صباح مساء، هكذا الكاهن، إنه الكون كله مصغراً ساعة يقف داخل الكنيسة ليقيم الذبيحة.

هذا هو الكاهن: حامل أسرار. موزّع أفراح. مضيء أنوار. معطي خلاص. واهب نِعَم يسمو على السادات الزمنيين. ويفوق المراتب النعيمية، لأنه بدون الذبيحة التي يقدّمها في الكنيسة لا قيمة ولا ثمن لجميع البشر. كلنا عدم بدون الذبيحة.

هذا هو الكاهن: بوابة المدينة الدهرية التي هي السماء. ومفتاح تلك البوابة. قهرمان البيت الملكي. إذاً الملائكة ذاتها توقر الكاهن. ولا عجب، فإن الملائكة بأجمعها لا تستطيع أن تحلّ خطيئة واحدة. لذا قيل: إذا رأيت ملاكاً من السماء وكاهناً من الأرض، فأركع أمام الكاهن أولاً. من سمِع م الكاهن فقد سمع من المسيح، ومن احتقر الكاهن فقد احتقر المسيح، ومن تأمل شرف الكاهن قبَّل الأرض التي تطأه رجلاه.

هذا هو الكهنوت: كأس من بلور مملوء ماء صافية للغاية. عمود من نار هو. يقظة السماء في غيبوبة الأرض. قلت: مسيح آخر بيننا. هكذا يترتب على نفس الكاهن أن تكون: نقية كذلك الماء البلوري، طاهرة كذلك العمود الناري، يقظة كما السماء يقظة."كل هذه الأعمال الخطيرة لا يستطيع في الواقع تحقيقها إلاّ الكاهن، خليفة الرسل، خادم أسرار الكنيسة. وبدون هذه الخدمة، قد تفقد الكنيسة معنى وجودها، وتنتقص هويتها إلى العنصر الأساسي الذي يميزها.
لا شك في أن الرب يسوع أوكل إلى الرسل مسؤولية نشر الكلمة وتعليم الأمم حقائق الخلاص:"من سمع منكم فقد سمع مني، ومن احتقركم فقد احتقرني" ( لوقا10: 16 ) " ومن قبلكم فقد قبلني "( متى10: 40 ). وهذا يعني أن النبوة والكرازة إلى جانب الرعاية هي من صلب كهنوت الرسل في العهد الجديد. إلاّ أنّ هذه الحقيقة لا يمكن أن تحجب عن الأذهان خدمة الأسرار والتقديس التي فيها الاتحاد بالله والخلاص الذي منحه الرب لأحبائه المؤمنين. والذي يُذهل كل مراقب واعٍ كما جاء في إنجيل متى أثر شفاء المخلع " ولدى هذا المنظر، استولى على الجموع خوفٌ، ومجدوا الله الذي آتى الناس سلطاناً كهذا "( 9: 8 ). ولربما العصر الحاضر الذي يعتمد على الكلام والخطابة (حركة الإصلاح البروتستانية ) والدعاية والأعلام، قد حوّل انتباه العديدين من الكهنة والمؤمنين دافعاً إياهم صوب إعطاء الأهميّة كل الأهميّة إلى الكلمة والتبشير. غير أن هذا حدَّ إلى مدى بعيد وجه رسالة الكنيسة الذي يتألق خصوصاً في خدمتها الكهنوتية وهي أهم ما ترك لها المسيح! وكأن الخلاص من البشر لا من الله ومن الحجة والإقناع والجهود الشخصية دون النعمة التي فيها عمل الله الفاعل في القلوب والأذهان. فخدمة الكلمة التي يرعاها الله بعنايته ويوضح مضامينها للمؤمنين بأنواره السماوية ما هي سوى المدخل إلى هيكل الرب القدوس. وإنّ الخلاص هو نعمة من الله، وهو اتحاد بالمسيح، لا يحققه إلاّ الروح الذي يحي المسيح ويحي الكنيسة ويحي أبناء الكنيسة، فهي" أم تنجب وتغذي وتحمي وترعى وتعالج وتشفي بقدر ما هي معلمة توضح لنا معاني هذه الأسرار المقدسة وترشد المؤمنين إلى سبيل الملكوت والمجد. والكنيسة كالأم تحتفل سنوياً بأعياد متعددة، يشع بمناسبتها الفرح في قلوب أبنائها المؤمنين. فمن عيد الميلاد إلى عيد الغطاس والبشارة، ومن عيد القيامة إلى عيد الصعود والعنصرة: كلها أيام نيرة تضيء الحياة المسيحيّة ببهجتها وتبعث دفء الربيع في أيام الرعيّة فتلطف مناخها معيدة فرحة الخلاص إليها. ولكن عيد الأعياد ويوم الفرحة الكبرى في حياة الكنيسة، يأتي في كل عنصرة تعود ويختار الرب فيها رسولاً جديداً ويجعله خادماً لها وراعياً لشعبها بالرسامة المقدسة، ففي هذا اليوم المبارك، يوم دخول رجل جديد في صفوف الرسل تفرح السموات والأرض وتقرع أجراس الخلاص لأنّ الرب صنع فداءً لشعبه ومنحه نعمةً عظيمةً. تفرح السموات لأنها تعلم ان الكاهن عامل أمين في حقل الرب، سيشيد باسمه في الجماعات فيمجده هو ومن حوله من الناس. ويفرح المسيح لأنّه وجد وكيلاً أميناً يحمل رسالته إلى المزيد من الناس فيقدم لهم غذاء الحياة الإلهية في حينه، فيزداد عدد المستفيدين من عمله الخلاصي، وتنمو الأسرة المسيحيّة وتزدهر. وتفرح الأرض لأنها نالت حظوةً لدى الرب، فأرسل إليها عاملاً من لدنه، يحمل إليها النعم السماوية، ويوجه بنيها نحو مزيد من الكرامة والعزة الإنسانية. فالكاهن وسيط بين الناس والله. يرفع إلى الله تضرع الشعب ويستمطر على الناس البركات السماوية. يذيع على الأرض بشرى المسيح، يوجه المؤمنين نحو ينبوع الحياة. يربي ويبارك، يؤنب ويعطف، يقود ويخدم، يطالب بالحق ويضحي في سبيل الحقيقة، يعزي قلوب الحزانى ويبعث الرجاء في المتألمين. الكاهن سند أكيد للمؤمنين على دروب الحياة الوعرة، يرافقهم على الطريق ويدفع عنهم الأخطار، ليوصلهم سالمين إلى بيت أبيهم المجيد.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com