عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E صلوات وتاملات

14/8/2009
هل اصلي بالروح ام بالجسد_الاب انطونيوس مقار ابراهيم

هل أُصلي بالروح أم بالجسد؟

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

مقدمة :

للوقوف على عتبة الصلاة الحقيقيّة علينا قبل الخوض في تعريفها وشرحها أن نطرح بعض الاسئلة التي تدور في خاطري وربما في فكرك أخي القارئ ما هي الصلاة وكيف يجب أن تكون؟ هل أكون في حضرة الله عندما أمارس الصلاة ؟ هل ممكن أن تعلمني الصلاة حياة الصلاة؟ وأدخل إلى "حجرة ذاتي" وأصلّي لأبي الذي يعرفني "ويفحص قلبي وكليتيّ" هل أسمح له أن يدخل حياتي ويكون محورها ومرجعها الأساسي؟ ما هي الصعوبات التي أجدها في الصلاة؟ ننطلق إخوتي دائماً وابداً من الكتاب المقدّس في جوابنا على تساؤلاتنا ونستمدّ منه العون بإرسال الروح القدس الذي يُصلّي فينا بأنّاتٍ لا توصف رو 8\28 ينطلق بنا السيد المسيح الى حياة الهدوء والاستقرار فهو أولاً كان يذهب الى مكان قفرٍ على جبلٍ عالٍ ويرفع صلاته ليشكر أباه (متهللاً يسوع بالروح لو21\10) من أجل رسالته ولأجل رسله وكنيسته: " سمعان، سمعان، صلّيت لأجلك كيلا يزول إيمانك " (لو 22/ 31 – 32) طالباً مشيئة الآب: "لتكن مشيئتك، لا مشيئتي" (متى 26 / 39 )  ومن ثم " رفع  عينيه إلى السماء قائلاً: يا أبت، قد أتت الساعة، مجّد ابنك ليمجّدك ابنك بما أعطيته من سلطان على جميع البشر حتى يهب الحياة الأبدية لمن وهبتهم له" (يو 17 / 1 – 2 ).إذا تصّفحنا الإنجيل المقدّس نلاحظ أنّ الربّ يسوع كان يستهّل كل عمل يقوم به بالصلاة فبدأ حياته العلنية بالذهاب إلى البرّية ليصوم ويصلّي وتعرّض للتجربة وانتصر "بالكلمة التي تخرج من فم الله" (متى: 4/4). وعندما اختار تلاميذه، ذهب إلى الجبل وأمضى طيلة الليل في الصلاة للّه. ولمّا طلع النهار دعا تلاميذه فاختار منهم اثني عشر سمّاهم رسلاً" (لوقا: 6/12) لحمل بشارته الخلاصيّة. بعد معجزة تكسير الخبز " صرف الجموع وصعد الجبل ليصلّي في العزلة وكان في المساء وحده هناك" (متى 14/23). لقد صلّى الرب يسوع طيلة حياته ومجّد الآب السماويّ وسبّحه وشكره: في معموديّته، فانفتحت السماء وحلّ الروح القدس" (لو: 3/21)وتجلّيه على جبل طابور "وتجلّى أمام بطرس ويعقوب ويوحنا. وبينما هو يصلّي تبدّل منظر وجهه وصارت ثيابه بيضاء تتلألأ كالبرق" (لو: 9/28.) وصلّى من أجل تلاميذه كي يحفظهم الآب من الشرير في طريقه إلى الجلجلة ( يو17/15)كما صلّى من أجل مَن صلبوه وطلب من الآب أن يغفر لهم. ( لو 23/34)علّم يسوع رسله الصلاة وحثّهم على الاستمرار فيها ليل نهار: "اسهروا مواظبين على الصلاة" (لو:21/36) لأنّ هناك "أنواعًا من الشياطين لا تُطرد إلاّ بالصوم والصلاة" (مر: 9/29). وهو يوصينا بضرورة الصلاة النابعة من القلب والتي تُقام في الخفاء فيقول " فإذا صليّتم فلا تكونوا كالمرائين، فإنهم يحبّون الصلاة قائمين في المجامع وملتقى الشوارع ليراهم الناس... أما أنت فإذا صلّيت فادخل حجرتك وأغلق عليك بابها وصلِّ إلى أبيك.." (متى: 6/5-7).الصلاة الحقيقة هي الصلاة التي أتمكّن فيها من الدخول إلى ذاتي وأتذكر فيها اللهَ دائماً . فكثيرٌ منا لا يعرف ماذا يعني تذكرّ الله ، ولا الصلاة الروحية أو التأمّل الروحي ويتخيّل أنّ الطريق الوحيد للصلاة يكمن فقط في الكتب الليتورجيّة. يكون هؤلاء الاشخاص  كمن يسمعون عن الشمس ولا يشعرون بحرارتها ولذا فهم يفقدون الكثير من الخيرات الروحيّة المُعَّدة لهم ويسيرون نحو المصالحة مع الله ببطء شديد. لذا علينا أن نعود الى ما قاله المسيح " أدخل مخدعك وصلي إلى أبيك الذي في الخفاء. ونبدأ نميّز المخدع المادّي ( المكان) ومخدع الذات أو الإنسان الخارجي ( الجسد) والإنسان الداخلي ( الروح).الانسان الداخلي ( الروحي)  إنسانُ القلبِ النقيّ الذي يتجدّد يوماً فيومًا. فيصل الى الكمال (الله) بذهنه وينتبه الى ذاته بمخافة الله ونعمته وفي حياته هو انسان عميق، يعرف وحده فقط ما في ذاته.

الانسان الخارجي (الجسدي):هو انسان مركب من عدة اعضاء ظاهرة، اعماله كلهّا منظورة وهو ذات جسد نهايته الفناء ويشير القديس بولس إلى ذلك بالقول "إن كان إنساننا الخارجيّ يفنى فالداخلي يتجدّد يوماً فيوماً."

لذا من الضروي أن يقوم الفرد منا بعدة تمارين روحية تمكّنه من الدخول الى انسانه الداخلي وتكون هذه التمارين تارة خارجيّة (قراءة الكتب المقدسة، قراءة سير القديسين، طلب الحكمة، طريقة الصلاة، إلخ...)  وتارة أخرى داخلية ( ولوج فكر الله، محبته، مناجاته، التظلُّل بدفء الروح) "كما يشتاق الإيل الى جداول المياة هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله" مز42/1نوعيّة الصلاة :

1- صلاةٌ علنيّة ( خارجية) تُؤدّى هذه الصلاة كواجب حَسَب القوانين الكنيسة والنظم الليتورجية وفي حضور الاخربن ( الجماعة) ولها أوقات منظمة مثل مواعيد القداس أو صلوات الفرض الصباحية أو منتصف الظهر أو صلاة المساء ونصف الليل وصلاة السحر وتعتبر هذه ايضاً صلاة قربانية تقُدم لله بمواعيد ثابتة، وتؤدّى بصوت عالٍ ومرتفع كي يشترك فيها الحاضرون كلّهم." ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحد  شيئًا... " (مر 25:11)، "فأريد أن يصلّي الرجال فى مكان رافعين أيادٍ طاهرة من دون غضب ولا جدال " (1تى 8:2 ). هي الصلاة الجماعية، صلاة الجماعة الكنسيّة حيث الرب حاضر أيضاً: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون هناك بينهم" (متى: 18/19). تتغذّى حياتنا الروحية مع وفي الجماعة، بالأسرار وعيش حضور الرب يسوع حتى مجيئه الثاني، "ها أنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم" ( متى28/20) فهِمَ التلاميذ أهمية الصلاة ليس فقط في حياتهم الفردية بل في جماعاتهم لمؤمنة بوعود الرب لهم، فنراهم بعد صعود الرب إلى السماء يجتمعون في العليّة بانتظار مجيء الروح القدس "وكانوا واظبون جميعاً على الصلاة بقلبٍ واحد مع بعض النسوة ومريم أم يسوع ومع اخوته" (أعمال: 1/13-14). ولمّا أرادوا اختيار متيّا خلفاً ليهوذا "صلّوا ... ثم اقترعوا .. وضُمَّ متيّا إلى الرسل الاثني عشر" (أعمال:1/24-26).- صلاة سرّية( داخلية)

 تؤدى هذه بشكل منفرد فأدخل إلى حجرة ذاتي لألتقي بمحور حياتي وأصلّي لأبي الذي يعرفني "ويفحص قلبي وكليتيّ" (إرميا: 17/10) هذه هي الصلاة الفردية ولا أوقات لها والفرد يدعو ذاته كيفما شاء وتؤدى ببساطة روحية يتحرك فيها داخل الانسان شوقٌ لالتماس الرب. ولا ينشغل بشيءٍ من  الامور الخارجية  المحسوسة أو أي أفكار مرتبطة به . بل يتّجه الإنسان بكيانه كلّه نحو الله، ويرفع قلبه وعقله مناجياً إياه. فادخل مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبـيك في الخفاء فأبـوك الذي يرى في الخفـاء يجـازيك علانية. " إليك رفعت عيني يا ساكن السماء " (مز 1:123).نحتاج في صلاتنا كي تكون حارة وبالروح الى  فترة هدوء إعداديّة لازمة سواء فى الصباح حيث تكون الروح لا تزال ثقيلة من اثر النوم وبسبب التفكير فى اهتمامات اليوم الجديد وفى نهاية اليوم حيث كثرة المشغوليات قد انهكتها. ينال الإنسان في فترة الاستعداد هذه عونًا يخوّله دخول دائرة الصلاة.  قبل أن ترفع يديك للصلاة .... ارفع نفسك ... وقبل أن ترفع عينيك ارفع قلبك . أي أن ترفع ذهنك الى الله وتنزل عميقاً  ألى داخلك حيث الله موجود في كنز قلبك الصغير ومعه الملائكة والقديسين وهناك تجد الحرية وتعيش حياة ابناء الله ابناء المحبة والرحمة والملكوت وتغتني كثيراً بكنوز النعمة التى لا تفرغ ابداً. فالصلاة الحقيقية ليست ممارسة خارجية بقدر ما هي خبرة حياتيّة عميقة مع الله يعيشها كل إنسان بطريقته الخاصّة.هناك، أخي الحبيب، في المخدع، تصل الى الله بسهولة تامة ويصل هو إليك.  فحيث يكون قلبك هناك يكون كنزك. إعرف أنْ كما أتى  جسدك الترابيّ ٍ من الارض وإلى الأرض يعود هكذا أتت نفسك من الله واليه تعود وتسكن فيه ومعه كل حين. لذا، علينا أن نسعى جاهدين للاتّحاد بالله كي نستحق أن نُدعى ابناء الابدية. ولا يتم هذا الاتحاد الكامل بالله إلا من خلال المحبة العظمى من كل القلب لله والقريب والعدو ايضاً " احبب الرب الهك من كل قوتك ونفسك وفكرك وقدرتك وقريبك كنسفك واحب عدّوك وصلّي من أجل المسيئين إليك وإن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه. وجدت المرأة الخاطئة غفرانًا كثيرًا لأنها أحبت كثيراً. يحب الرب محبيه ويمنح ذاته لمن يطلبه ويعطي بقوة وفيض نعمه وعطاياه ويمنح ملء الفرح للذين يتوقون إلى أن يستمتعوا بمحبته . تنشئ الصلاة على هذا المنوال محبة الهيّة في القلب بصورة اعمق ويشعر الانسان بدفء ويستنير في اعماله كلّها ويشرك الله فيها ويستنشق حلاوة الروح  طالباً مشورته من دون انقطاع فيتغلّب على الكثير من المشاكل وابرزها عدم الرغبة وعدم الجهاد والكسل والسرحان وتشتت الذهن والفتور والجفاف والروتينية والملل. ختاماً :أحضر أمام الله أضع ذاتي بين يديه وأترك "روحه القدوس يصلّي فيّ بأنّاتٍ لا توصف" (رو 8/28). هو يقودني إلى الدخول في سر الثالوث الأقدس آب وابن وروح قدس. هو الذي يقوّي فيّ الإنسان الباطن فيقيم المسيح في قلبي بالإيمان "فأدرك ما العرض والطول والعلو والعمق، وأعرف محبة المسيح التي تفوق كل معرفة وأمتلئْ بكل ما في الله من كمال" ( أفس 3/6)

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com