عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

14/8/2009
السيدة مريم فرح الاجيال كافة_ الاب انطونيوس مقار ابراهيم

مريم فرح الاجيال كافة

تعظم نفسي الرب لو 1/46

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

 

 صدحت العذراء القديسة مريم بهذا النشيد عندما التهب قبلها بالروح، وصارت هي آخر قديسات نبيّات العهد القديم وأولى نبيّات وقديسات العهد الجديد فما من أحدٍ قبلها أو بعدها نال من التقديس والنعمة وقوة الله العلي وحلول الروح القدس ما نالته هي الحاملة عنقود الحياة. لذا نسمعها تنشد نشيد الفرح على وقع موسيقى قيثارة الروح فالربّ العظيم حلّ وسكن في أحشائها وصنع بها عظائم. هذا النشيد هو خلاصة تعليم صالح للأجيال كلّها وتواصل لمنهج راقي من التعليم بدأ عند بشارة زكريا بيوحنا وبشارتها بالحبل الإلهي وزيارتها إلى نسيبتها وتقديس يوحنا في حشا أمه .تفاعل مريم مع هذه الاحداث كلّها بمثابة مزمورحمد وشكر، مزمور تسبيح وتمجيد. نميز فيه قسمين: الأوّل من 46-50، هو فعل شكر ترفعه مريم من أجل ما قد صُنع معها من خير .(القدير صنع بي العظائم)   الثاني من 51-55 فعل شكر من أجل خلاص الشعوب كافةً( رحمته من جيلٍ إلى جيل) وإشباع الجياع خيرًا من جسده المكسور (الافخارستيا).

احتفال الكنيسة بهذا العيد:

تحتفل الكنيسة الجامعة المقدّسة بعيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، في النصف الثاني من شهر أغسطس (آب) وقد اعترف التقليد المسيحيّ على مرّ الأجيال بهذه العقيدة الإيمانيّة، منذ القرن الخامس. تتّفق الكنائس الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة كافّة بانتقال العذراء نفسا وجسدا إلى السماء ،فقد قال البابا بيوس الثاني عشر "إنّها لحقيقة إيمانيّة أوحى الله بها، أن مريم والدة الإله الدائمة البتوليّة والمنزّهة عن كلّ عيب، بعد إتمامها مسيرة حياتها على الأرض نُقِلَت بجسدها ونفسها إلى المجد السماويّ".و أوضحت الكنيسة الأرثوذكسية أنّ هذا العيد هو تقليد أبوي إيماني، واكتفت الكنيسة البروتستانتية، بما قاله لوثر في 15 آب 1522: " تكفي معرفتنا أنهم (العذاء والقديسين) يحيون مع المسيح: (ما كان الله إله أموات بل إله أحياء- متى 22 : 32 )". كتب بولينجر عام 1565: "لنكتف بالإيمان بأنّ العذراء مريم هي فاعلة الآن في السماء مشتركة في السعادة كلّها."

تدعونا الكنيسة إلى الامتثال السريع بحياة الفرح والتهليل ، فأمنّا العذراء مريم انتقلت من هذه الارض إلى السماء بالنفس والجسد كي نتمتع برؤيتها الدائمة، وتريدنا أن ننتقل من اليأس إلى الرجاء، من الخطيئة إلى البرارة، من الحقد إلى المسامحة وأن نزيل الحواجز  والفروقات من أعماقنا فننفتح على الله وعلى الآخرين بالمحبة والتسامح والغفران، وخصوصًا مَن يجمعنا معهم الايمان الواحد، فنعيش بالمحبة والأخوّة ونحقّق رغبة يسوع في الوحدة المسيحيّة الحقيقيّة الشاملة لنبني معا ملكوت الله.

آباء الكنيسة ونشيد التسبيح:

 شدّد الكثير من الآباء على لقاء العذراء مع نسيبتها أليصابات بالقول إنّه لم يكن فقط لقاء من خدمتها لأنّها طاعنة في السنّ، فلسانها انطلق يطّوب العذراء لأنها آمنت بالمواعيد وحملت كلمة الله في أحشائها وأيضاً العذراء انطلق لسانها تسبيحًا لله. هكذا تحوّل اللقاء إلى ممارسة عمليّة لحياة تعبديّة خشوعيّة على مستوى تسبيحيّ وملائكيّ يمجّد الله ويعلن أسراره المليئة بالفرح والنعم.

قال القدّيس ثيؤدوسيوس أسقف أنقره: التحفت مريم بالنعمة الإلهيّة كثوب، وامتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة، في القلب تنعّمت بقوّة الربّ وفي أحشائها استقرّ القدير.

 القدّيس برناردوس : " فلنتهلّل كلّنا بالربّ بهذا الحدث العظيم تكريماً للعذراء، من أجل المجد العظيم الذي حصلت عليه لها ولنا".

القدّيس أنسلموس: " أراد المسيح الملك المخلّص أن يصعد إلى السماء أولاً لا لأن يهيئ مكانًا للملكة فقط ، بل ليجعل دخولها إلى السماء ذا مجد عظيم بحضوره إلى ملاقاتها، وبرفقة أرواح الطوباوييّن جميعهم".

القدّيس بطرس دميانوس: " إنّ صعود العذراء إلى السماء أعظم من صعود يسوع لأنّه في صعوده جاءت الملائكة لملاقاته ولكن في صعودها هي جاء هو ملك المجد مع أجواق الملائكة والقدّيسين لملاقاتها بزفّةٍ إلهيّة".

القدّيسات البتولات والعفيفات: اللواتي عبّرن عن فرحتهنّ بقولهنّ: "نحن أيضاً يا سيّدتنا سلطانات في هذه المملكة، أما أنت فملكتنا جميعاً لأنّك كنت الأولى لنا مثالاً في عيش البتوليّة وكلّنا كرّسنا بتوليّتنا على مثالك".

 المعلّمون والمعترفون:  جاؤوا إليها يحيّونها بالسلام لأنّهم أخذوا منها نموذج الكمال ومثال الفضائل المسيحيّة من سيرتها المملوءة قداسةً.

والشهداء القدّيسون: "نحن نحيّيك يا مريم لأنّ من ثباتك على احتمال الآلام التي تكبّدها ابنك يسوع تعلّمنا الشجاعة والثبات حتى الشهادة بالدم".

سمعان الشيخ: جاء ليقبّل قدميها مذكّراً إيّاها باليوم الذي حمل فيه يسوع على يديه في الهيكل.

زكريّا وأليصابات: قدّما لها الشكر على زيارتها لهما في منزلهما باتّضاعٍ وحبٍ وتفانٍ في الخدمة.

يوحنا المعمدان: تقدّم منها وشكرها لكونه تقدّس وهو في الأحشاء بزيارتها لوالديه.

يواقيم وحنة: عبّرا عن فرحتهما بالقول " نحن اليوم سعداء أكثر من أيّ وقت مضى على الشرف والمجد الذي نلناه يا ابنتنا بالفرح السعيد الذي فزتِ به".

يوسف البتول: مَن منّا يستطيع أن يصف فرحه عندما شاهدها قادمة اليه في المجد والجلالة والسلطان قائلاٍ لها أشكر إلهي وأسبّحه على ما أنعم به عليّّ بأن أبدأ مسيرة هذه الحياة الباقية معك يوم حملنا يسوع في بيت لحم هرباً من الظلم وها نحن اليوم نتمتّع بحضور يسوع الدائم  وبفرحه.

وقال يعقوب الرسول متحدّثاً باسم الرسل" نتقدم إليكِ  يا سيّدتنا بالشكر والامتنان فأنت كنتِ لنا المشجّع والمرشد لنا عندما كنّا في حياة الأرض.

الأنبياء والقدّيسون: قالوا "كنت أنتِ موضوع نبؤاتنا التي أخبرنا فيها عن مجيء المخلّص ابنكِ يسوع ".

رؤساء الآباء: كنتِ أنتِ رجاءنا الذي انتظرناه طويلاً ومحرّكَ أشواقنا حول قدوم ابنك الإلهيّ من أحشائك".

من جهتمهما، قال لها آدم وحوّاء: تنعّمي فأنت من أصلحت ما أخطأنا به نتيجة ضعفنا وسقوطنا واستمديت للعالم البركة التي فقدناها بمعصيتنا، ونحن الآن خُلِّصنا بواسطتك فهنيئاً لك يا أمنا جميعاً". ما عرضناه هنا ما هو إلاّ مجرّد شريط لأحداثٍ كانت بارزة في تاريخ الخلاص، واليوم ونحن نحتفل بهذا العيد ما الذي يجعلنا مؤهَّلين لأن نستقبل مريم كي تسقبلنا هي عندما تقترب الساعة لملاقاة ابنها الإلهيّ. فمريم هي المثال الأعظم في طريق النور والخلاص، طريق تحرير الإنسان من العبوديّة منذ أن أعلن لها الملاك البشارة وتجاوبت معها ومن ثمّ ذهبت إلى أليصابات وأنشدت نشيد البهجة لله تعالى بقولها تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته مريم نموذج لبساطة الإيمان وكماله:

 تقدّم مريم لنا اليوم نموذجاً معاشاً بكمال وبساطة وايمان، هو نموذج إنجيل ربّنا يسوع المسيح. فيسوع معها منذ لحظاته الأولى في أحشائها يهبنا نحن الحياة وروحه القدّوس وكان لهذه الهبة امتياز عظيم وكرامة فائقة تستند إلى مبدأين:

 الأول كون مريم أمّ الله "وهذا ما قالته لها أليصابات" من أين لي أن تأتي إليّ أمّ ربي" فحلول الروح القدس فيها ألّه أمومتها محوِّلاً إيّاها إلى أمومة إلهيّة. لأنْ لا بدّ للأمّ التي ابنها إله من أن ترتفع إلى السموّ الإلهيّ. الثاني كونها أمّ الإنسان: عند الصليب عندما قال لها يسوع يا امراة هوذا ابنك ومن هذه اللحظة صرنا نحن أولادها وصارت هي أمّ الكنيسة والبشرية جمعاء ولا سيّما في أثناء حضورها وصلاتها الدائمة مع الرسل في عليّة صهيون استعداداً لقبول الروح القدس.   شرّفت العذراء مريم بسبب هذه المواقف وعلاقتها المتينة بيسوع البشرية وبوجه خاصّ النسوة بتحريرهنّ وإعادة كرامتهنّ إلى ما كانت عليه منذ الخلق وتثبيت دعوة المرأة كزوجة وأم أو كبتول مكرِّسة حياتها.  مجّدت مريم هنا الربّ باسم أبناء آدم وحواء لكونها أمّ البشريّة وصوت الكنيسة وهذا هو الاحتفال الأوّل بسرّ الافخارستيّا، سرّ الشكر، علامة الوحدة الفعّالة الذي يجمع في جسد المسيح أبناء البشر جميعهم.

مكانة مريم في السماء:

نالت العذراء القديسة مكانها في السماء قرب الثالوث الأقدس ووُضِع على رأسها إكليل ضياء ومجد، فانعكس بهاء ابنها الإلهيّ يسوع عليها وأصبحت أكثر إشعاعاً وتألقاً ولمعاناً من الشمس.نالت اكليل فرحٍ وبهجةٍ لأنها أكثر قربًا من الآب من الملائكة والقدّيسين جميعهم.وإكليلَ قدرة وسلطان لأنها صارت ملكةٌ على السماء والارض.

 نطرح هنا سؤالنا: هل مع ما رأيناه كلّه من أقوال وأفعال رفيعة يجوز للمرأة في بعض الأحيان أن تكون سلعة مبتذلة ومجرّد متعة لنزواتها أو نزوات الرجل؟ بكلّ تأكيد هذا غير مقبول لأنّ الربّ قدّس المرأة في اختياره لها لأن تكون أمّاً له. بارككنّ الربّ وجعلكنّ أمهات صالحات قادرات على فعل الخير وصيانة المجتمع وخلق جيل جديد من البشر يهدف في حياته وسلوكه إلى مجد الله وخير الإنسان. كما علينا جميعًا أن نجاهد الجهاد الحسن ونكون أطهاراً متواضعين، مزيّنين بالمحبّة والفضائل، نعمل كلّ شيء لمجد الربّ، حتّى يتسنّى لنا الحصول على الإكليل الذي لا بدّ لنا من أن نضفره نحن هنا في حياتنا بأعمالنا الصالحة وممارسة عمل الخير والفضيلة

 أمثولة روحيّة:

 نحن نعلم من خلال ما أخبرنا عنه الإنجيل عن حياة العذراء مريم أنّها كانت تعيش حياة الإصغاء والصمت "فكانت تحفظ هذا الكلام كلّه وتتفكّر به في قلبها".  يعيش أحد الرهبان في قلاّيته يمارس حياته بشكل طبيعيّ ويُكثر من حياة العبادة والتأمل والصمت وعيش النسك فجذب الناس إليه للاسترشاد والنصح. ففي ذات يوم جاء إليه أحد الشبّان الزوار سائلاً إيّاه عن حياة الصمت قائلاً : أبونا ماذا تعني لك حياة الصمت؟ أخذه الراهب إلى بئر ورمى فيه سطل مياه وسأله: يا بنيّ ماذا ترى في البئر؟ قال له الشاب لا أرى شيئًا وبعد لحظة صغيرة طلب منه الراهب أن ينظر إلى البئر وسأله ثانيةً: ماذا ترى فيه؟ قال له الشاب أرى نفسي أجابه الراهب هذه هي يا بنيّ خبرة الصمت فالإنسان قادر أن يكشف نفسه ويراها بوضوح بعيداً عن ضجّة العالم. عزيزي المؤمن والقارئ: إنْ كانت أفكارك مشوّشة وهمومك كثيرة وترى صعوبةً في كشف ذاتك، عُد إلى ذاتك واختبر حياة الصمت وهنا تظهر أمامك الأمور بوضوح وتستطيع تكملة المشوار صعوداً إلى ربّ الحياة.

المراجع:

1- الكتاب المقدس بعهديه الطبعة الكاثوليكية

2-تفسير انجيل لوقا للقمص متى المسكين

3- تفسير انجيل لوقا للقمص تادرس ملطي

4- كتاب أمجاد مريم البتول

5- مريم العذراء في المفهوم الكنسي القمص تادرس    ملطي

6- العذراء مريم في الليتورجيا القبطية

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com