عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E سيرة ذاتية للكهنة

تطويب البابا _ المطران بطرس المعلم

 

بطرس المعلم

تطويب البابا يوحنا بولس الثاني

{ الحلقة الاخيرة }

ذكرنا في حديثنا السابق الزيارة التاريخية التي قام بها من 4 إلى 6 كانون الثاني 1964 البابا بولسُ السادس إلى القدس، والتقى فيها بعد قرون من الجفاء والقطيعة بين القسطنطينة ورومة ،أخاه البطريركَ المسكوني أثيناغوراسَ الأول . كان الفضلُ الأكبر في إعداد هذه الزيارة وهذا اللقاء للأب بيار دوبريه Pierre Duprey ، أحد "الآباء البيض"، الأستاذ في معهد القديسة حنة (الصلاحية) في القدس ، وكنتُ أستاذًا في المعهد نفسه ، فقامت بيننا صداقة وثيقة . ولكنه ما لبث أن استدعِيَ إلى رومة، حيث أسنِدَت إليه رعاية " الأمانة لوحدة المسيحيين " ، ثم رُسِم أسقفًا ، وظلّ على رعايتها بعد أن أصبح اسمها "المجلس الحبري لوحدة المسيحيين". وتوفي في 13 أيار 2007.وإذ كنتُ قد عًيِّنتُ في الأمانةِ نفسها ، فتخليدًا لتلك الزيارة المفصلية في تاريخ الحركة المسكونية ، رأينا أن ننشئ ، تحت اسم البابا والبطريرك ، جائزةً مسكونيةً سنوية باسم UT UNUM SINT ("ليكونوا واحدا"). وانضم إلينا لتمويل المشروع أستاذٌ لي قديم ، عائش في المكسيك ، المرحوم الأرشمندريت سليمان خوري . وكان عليّ أنا أن أكون الصلة بين عاصمتي الكثلكة والأرثذكسية، لإقرار تفاصيل المشروع. ولما استُكمِلت كل التفاصيل، فضمانًا لاستمرار الجائزة في المستقبل، وضعناها في رعاية ال CNEWA) Catholic Near East Welfare Association) وأمينِها العام المنسنيور روبرت ستيرن Robert Stern.وعندما أصبح كل شيء جاهزًا ، طافت علينا في الصباح ، كل واحد حيث كان نازلا ، سيارةٌ فاتكانية ، فنقلتنا ، عبر حدائق الفاتكان ، إلى مبنى الدوائر الرومانية . وكم كان مؤثرًا أن يستقبلنا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مكتبه الخاص ، باكرًا في أول نشاطاته اليومية ، فور قدّاسه والفطور .
استقبلَنا بكل بشاشة وترحاب ، وأجلسنا مقابله ، وسأل كل واحد من أين هو آتٍ وما عمَلُه . ولما علم أننا والأرشمندريت خوري آتيان من لبنان ( وكانت حرب لبنان في أوج احتدامها ) ، تنهّد وقال : لبنان ، لبنان ، عليّ أن أزوره ، متى سيكون ذلك ممكنا ؟ - وكم بدا سعيدًا حين سلمناه ، يدًا بيد ، أول جائزة " ليكونوا واحدًا "، فشكر وكرّر : ليكونوا واحدًا ! ليكونوا واحدًا ! وهل أعزّ على قلب المسيح من ذلك ؟ ثمّ وزّع علينا المسابح والمداليات . وفيما كنا نقبّل يده، كان هو ينحني على كل واحد منا فيغمره بالمحبة وكلام التشجيع.
ومن ذكريات التنقل بين رومة والقسطنطينية ، أن تركيا العلمانية لا تجيز لأيّ رجل دين أن يتجوّل في لباسٍ ديني . فكنتُ أسافر بـ " الكليرجيمان " ، وعلى باب البطريركية كان يستقبلني سكرتير البطريرك ، المطرانُ برثلماوس ، البطريركُ المسكوني اليوم ، فيزوّدني بـ " الجبّة " لمقابلة البطريرك ديمتريوس. وفي إحدى المرات ، وصلتُ إلى باب البطريركية الخارجي، فإذا هناك رجلٌ طويلُ شعرِ الرأس واللحية، قد وضع على الأرض حقيبة صغيرة ، أخرجَ منها " الجبّة " التقليدية فلبسها، ووضع في عنقه " الإنغولبيون " ( إيقونة الصدر للمطران ) ، وكان في الستينات . سلّمتُ وتعارفنا ، فإذا هو مطران، وكان يبكي. قال بلوعة: "فقدتُ أولَ أمسِ أبي ومرشدي الروحي، وهو عميد السنّ في سينودسنا المقدّس " (ومفهومُ الأب والمرشد الروحي، له، في روحانية الكنائس الشرقية، دورٌ بالغ الأهمية).
تأثرتُ جدا لرؤية هذا الشيخ يبكي ، ودخلنا . فإذا البطريركية تعجّ بكبار الوافدين للتعزية من رجال دين ودنيا ، من داخل البلاد وخارجها . وظننتُ أن الظرف الطارئ لن يسمح لي بمقابلة البطريرك ، لا سيما وأنهم يستعدّون للجنازة. ولكن المطران برثلماوس أفهمني أن البطريرك متقيد بالموعد، " لأن الأب بطرس قادم من بعيد ". أكبرتُ الذي استقبلني ، وصليتُ لروحِ حبرٍ جليلٍ لم أعرفه .وفي مرة أخرى، استقبلوني كالعادة بكل ترحاب ، فقدّموا لي كأس ماء بارد، فيه كرة بيضاء بحجم الفريز، ظننتُها جليدًا لتبريد الماء . ولكن لِمَ هذه الملعقة الخاصة في الكاس ؟ فأفهَموني أنها للتحريك وتذويب الكرة البيضاء ، المصنوعة محليًا من موادّ مختلفة مع العسل الأبيض ، وهي لبعض المناسبات الهامّة . ثم قمنا إلى الغداء، فتعجّبتُ أنهم ينزلون إلى المائدة بالجبة والإنغولبيون و"اللاطية" على الرأس . ومعروف أن " صوم الميلاد " يبدأ في الطقس البيزنطي أربعين يومًا قبل العيد، أي في 15 تشرين الثاني.
ومع أن عيد القديس أندراوس، شفيعِ الكرسي القسطنطيني، يقع في 30 منه (أي دائما ضمن زمن الصيام)، وهو لذلك عيد كبير جدا، فهم هع ذلك لا يكسرون فيه أبدًا القواعد المرعية في المآكل أيام الصوم. ولنعُدْ إلى يوحنا بولس الثاني، وإلى حدَثٍ لي معه قلَبَ كلَ منحى حياتي .
كان ذلك في 1 أيار 1990 (ما أغرب هذه "الصدفة" مع تاريخ تطويبه في 1 أيار القادم ! ) . استدعاني السفير البابوي في لبنان ، المطران بابلو بوينتي Pablo Puente ، وبدون أيّ مقدّمات، قال: "الأب الأقدس يعيّنك مطرانًا على البرازيل". ظننته يمزح ، فإذا هو جادّ ، إذ سحب من جيبه ورقة صغيرة ، وقرأ فيها: "وهم في رومة ينتظرون موافقتك، لكي ينشروا الخبر في جريدة الفاتكان الرسمية " .
صُعقتُ للنبأ، فحاول تهدئتي، ولكني أجبتُ بحزم: " شكرًا لقداسته على الثقة والمحبة، ولكني أعتذر ". فراح ،على مدى ساعة ونصف، يحاول إقناعي بالقبول ، وأنا أكرّر الاعتذار لأني لم أفكر يومًا بالأسقفية ، وقد اخترتُ حياة الرسالة في الجمعية البولسية ، التي تمنع قوانينُها على الأعضاء قبول الأسقفية ... ولكنه ظلّ يلحّ عليّ بالقبول، وأنا بقيتُ على موقفي . وأخيرًا قال : " أنا لستُ مخوَّلا قبول أعذارك . فإن أصررتَ عليها ، فاكتب في ذلك رسالة إلى رومة ، وائتني بها لأحوّلها إليهم ، ولك يومان على الأكثر للتأمل والتفكير ، لأنهم يستعجلون الجواب . وفي هذه الأثناء حافِظ تمامًا على سرّية الموضوع ". قلتُ: "حتى على البطريرك والرئيس العام ؟ " قال : " نعم ، ونحن نتصل بهما لدى اقتضاء الحاجة ". قضيتُ نهارًا في الصلاة والتفكير ، وصباح الخميس 3 أيار سلّمته الرسالة بحضور سكرتيره المنسنيور سوتسو. استلمَ الرسالة عابسًا وقال: " آسفٌ جدًا، إذ ما من أحد يقول " لا " للبابا ". أجبتُه : " ما كتبتُ فقد كتبت ". وحسبتُ الموضوع قد انتهى .
ولكن السفير عاد فاستدعاني صباح السبت 19 أيار، ليعلمني أن الكردينال لوردوسامي Lourdusamy ، رئيس مجمع الكنائس الشرقية، قد قابل قداسة البابا، وأطلعه شخصيا على الرسالة، وأن قداسته يلحّ بقبول التعيين ، وأن الكردينال ، على طرف الخط الهاتفي، ينتظرالجواب...” ألو! الأب الأقدس يلحّ Le Saint Père insiste “. كان ذلك كافيًا لإلقاء سلاحي وتبديل كل مجرى حياتي.

وأعود إلى السعيد الذكر ، البابا يوحنا بولس الثاني ، الذي يعلنه بعدَ غدٍ خلفُه البابا بندكتس السادس عشر "طوباويا". لقد ذكرتُ في كتابي الجديد " من وحي الأحداث " (ص 87) الشرفَ الذي خصّني به البابا الراحل ، يوم عيّنني ، صباحَ 14/10/1995، عن طريق سفيره في برازيليا ( وكنتُ حينئذ مطرانًا في البرازيل ) ، لأكون عضوًا في " سينودس الأساقفة لأجل لبنان " ، الذي سيُعقد من 26/11 إلى 14/12/1995 في رومة . في هذا " السينودس " ، الذي كان في حينه حدَثًا كبيرًا جدا كتطبيقٍ عملي من نتاج " المجمع الفاتكاني الثاني " (1962-1965) ، استفدتُ خبرة كبيرة جدا . فقد أسنِدَت إليّ خصوصا مهمة الاهتمام بالإخوة غير الكاثوليك ( أرثذكس وبروتستانت ) وغير المسيحيين ( سنّة ، شيعة ، دروز ) ، الذين دُعوا للمشاركة في السينودس ، وكان لي في ذلك كسبٌ كبير . وعلى صعيدٍ آخر ، فمنذ صباح الأربعاء 29، كان آباء السينودس ( حوالي 200 ) يتوزعون أحيانا على خمسِ

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com