عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

6/8/2009
الحلبيون يتكلمون السوريانية

 الحلبيون يتكلمون السوريانية..!!!!

    تعلمنا في المدارس أن سكان بلادنا العربية كانوا يتكلمون العربية الفصحى في العصور العربية الإسلامية الذهبية، ونتيجة لعصور الانحطاط، وخاصة خلال الفترة العثمانية تدهورت اللغة المحكية، فأصبحوا يتكلمون بلهجة عامية، هي اللهجة التي نتكلمها حالياً.

    فإن تعلم أحدنا، صار يتكلم بلغة وسط بين الفصحى والعامية، وفي حالات محدودة بلغة فصحى سليمة، وإن كان جاهلاً كانت لغته عامية، بعيدة عن الفصحى.

    ولأهل حلب لهجة عامية خاصة، بدأت المسلسلات التلفزيونية السورية تحتضنها، وتلقى هذه اللهجة رواجاً، وتعتبر لهجة طريفة، حيث يضحك أبناء المحافظات الأخرى من الكلام الحلبي (الغميق الجواني) الذي لا يفهمونه أبداً.

    ونتعجب من أين جاءت مفردات هذه اللغة العامية، والجواب المعتاد أنها من المفردات التركية التي سادت أثناء الفترة العثمانية، والتي شوهت الفصحى، وآلت إلى ما صارت إليه لغتنا المحكية.

    والواقع أن بعض المفردات التركية ترد فقط في لغتنا العامية، وهي محدودة ظاهرة، ولا يمكن أن تكون جميع مفرداتنا العامية قادمة من التركية.

    تبيّن أن الكثير من المفردات التي نستعملها في لغتنا اليومية هي مفردات سوريانية، وتبيّن أن أهل حلب جميعاً تكلمون تعابيراً ولدت نتيجة التزاوج بين اللغة العربية واللغة السوريانية، ويستعملون الكثير الكثير من مفرداتها دون أن يعلموا.

    فاللغة السوريانية ليست حكراً على أهالي معلولا وجبعدين، على الرغم من أنهم يتكلمون سوريانية صافية غير مختلطة مع العربية، ولكن لا بأس فهذا يمنح لهجة أهالي حلب نكهة تاريخية خاصة، تجعلها لهجة تختلف عن اللهجات السورية الأخرى.

    وعلى سبيل الطرافة إليه نصاً يتكلمه الحلبيون يومياً في تعاملاتهم، وأغلبه باللغة السوريانية باللهجة الحلبية مع القليل من التعابير العربية: (أول ما جهجه الضو، أجا يوسف ليشطف البيت، منشان البق، سكر باب الصئاء، شلح الشحاطة منشان ما يجقجق، وجرجر الكراسي وأصيص الزريعة، تكتك شلون بدو يشطف، بحبش شوي، دندل الزنبيل وشقل المي من الجب، سخنا عالنار لبقبقت وبربقت، وكنا بالحوش الجواني بالطاسة لأنو ما عندن قسطل وصهريج وخرطوم، ودعك الأرض منيح من الزفر لأنو دبقة، فك الكمر ليترحرح وشلح الشلحة، منشان ما تتشحور، وشلفا وراه، وفشّخ فوق المي، ودقّر شوي، وبعدين نط، تفشكل بكومة دف، وانطبش جواتا، طبشة قاتولية، وانجرحت ايدو واوا، حشّك، وبعق وجعّر آخ يا يامو، يابو، أجت أمه وبإيدا الطواية والشمشاية، وقالتلو يي يي، ليش عبتحركش وتنكّش، متل البوبو، كنت أمسوك الدربزون، اش معمصة عيونك ومفشفش، بروك عالبرطوش، وتلقح عالزيق، وحاج تطرطق وتفرتك، دحتّه دحة، وجابت لو شقفة شرشوطة وربطتا، بعد ما خسلتا بالمحي، وطرطشت تنورتا، وقالتلو قوم تغندر، هادا كلو لقش ولعي سورياني حلبي)

    وطبعاً النص مفهوم تماماً لأهل حلب وهو يعني: (عند طلوع الضوء وإشراق الصباح، أراد يوسف أن يغسل بيته لوجود الناموس، أغلق باب الدار، وخلع حذائه لئلا يدوس فوق الماء ويلوث الأرض، وأزاح المقاعد وأحواض الزرع، خطط طريقة الغسل، بحث قليلاً، ورفع الماء من البئر، وقام بتسخينها حتى تعالى صوت غليانها وصبها في أرض الدار بالوعاء، لعدم وجود خزان ماء وأنابيب في منزلهم، وحف الأرض المتسخة والدبقة، وخلع حزامه ولباساً يرتديه ورماه خلفه، خشية أن يتسخ بالهباب الأسود، ليكون لباسه فضفاضاً، ثم تمهل قليلاً وبعدها قفز فوق الماء، فتعثر بكومة أخشاب، وسقط سقطة أليمة وجرحت يده، شتم ونادى: يا أماه يا أبتاه، فجاءت أمه وبيدها وعاء الطبخ وملعقة كبيرة، وقالت: واه، لماذا تبحث بين الأغراض مثل الأطفال الصغار، كان يجب أن تمسك بالسور الحديدي، وهل عيناك مغمضتان وقواك ضعيفة، اجلس على عتبة الباب وتنحى جانباً، وضربته، وجلبت له قطعة قماش وربطتها بعد غسلها بالماء، وتناثر الماء فأصاب رداءها، وقالت له هيا فامشي متبختراً، كل هذا الكلام باللغة السوريانية الحلبية).

    والفرق واضح بين التعابير الواردة في النص الأول والواردة في النص الثاني الشارح لها، فأغلب الكلمات في لنص الأول هي كلمات سوريانية بلهجة حلبية، يتداولها الحلبيون دون علمهم بذلك.

    وفي هذه الأيام يُنظر لمن يستعمل هذه الألفاظ شذراً، مع أنها ألفاظ متحدرة من لغة قديمة عريقة، عمرها آلاف السنين.

    وهي اللغة التي كانت سائدة قبل الفتح العربي الإسلامي لبلاد الشام، وقد تمازجت واختلطت مع اللغة العربية الفصحى، فكانت لغة الشعب، بينما كانت اللغة العربية الفصحى هي لغة رجال البلاط ورجال الدين والعلماء والشعراء.

    وأخيرا إن اللغة السوريانية عمت وانتشرت، وتكلم بها المواطنون العموريون، سكان سوريا الأصليون، وأحفادهم الآراميون وجيرانهم الكنعانيون وفرعهم الفينيقيون، وإخوتهم الآثوريون ومنهم الكلدان والعقادون (الأكاديون)، ووصلت إلى بلاد الأقباط في مصر الحالية, تكلموا جميعاً بلهجات مختلفة، ولكن بلغة واحدة.

    وتلكم بها المواطنون السوريون تحت الحكم الفارسي، فدخلت مفرداتها اللغة الفارسية، وأخيراً تمازجت هذه اللغة مع أختها العربية، ونتجت اللغة التي تسمى عندنا بالعامية، لأن عموم الناس تتكلم بها.

    وإنني فضلت أن يلفظ الاسم (السوريانية) بدلاً من اسمها المتعارف عليه حالياً، وهو (السريانية) لأنني أعتقد أنه الأصلح والأقرب لاسم سوريا، الذي سأفرد له، لاحقاً، بحثاً كاملاً عن أصل التسمية وتاريخها ومعاني أسماء مدنها وأحياءها وقراها.

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com