عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

رسالة الميلاد لصاحب الغبطة

الحلقة التاسعة

ويتابع لاحقًا: "من هذا المنطلق، قرّرتُ أن أُنشىء كيانًا جديدًا هو "مجلس حبري" مهمَّته الخاصَّة أن يعمل على نشر البشرى المتجدِّدة في البلدان التي وصلتها بشرى الإيمان الأولى، وحيث توجد كنائس مؤسَّسة قديمة، ولكنَّها تعيش في جوٍّ من العلمنة المتنامية، والتي تغزو المجتمع، وحيث ينكسف ويكاد يختفي "الشُّعور بالله". هذه الكنائس تشكِّل تحدِّياً لكي نجد الوسائل الملائمة، لأجل إعادة تقديم حقيقة إنجيل المسيح الخالدة".

توجُّهات عمليَّة
في الجزء الأخير من رسالتنا، نريد أن نلقي الضَّوء على أهميَّة رؤية الخليقة الجديدة، في حياة كنيستنا الرُّوميَّة الملكيَّة الكاثوليكيَّة.
إنَّ المجمع الفاتيكاني الثاني يمثِّل أكبر "ورشة" تجدُّد في تاريخ الكنيسة الكاثوليكيَّة شرقًا وغربًا. وقد دعا إليه الطُّوباوي البابا يوحنَّا الثالث والعشرون. وقد كنتُ حاضرًا شخصيًّا عند إعلان البابا عن عقده، بعد قدَّاس عيد هِداية القدِّيس بولس، الذي احتفل به قداسته في بازيليك القدِّيس بولس خارج الأسوار (في 25 كانون الثاني 1959). وبعد القدَّاس زار قداسته دير الآباء البندكتيِّين الذين يُشرفون على الخدمات اللِّيترجيَّة في البازيليك وملاحقها. ولم يُسمح لاستقبال البابا داخل حصن الدَّير، إلاّ للرُّهبان المقيمين في الدَّير. وكنت أنا مع ثمانية آخرين من رهبان دير المخلِّص مقيمين في الدَّير إبَّان دراستنا في روما. وقد كان المثلَّث الرَّحمة الكاردينال أكاكيوس كوسا قد دبّر أن يدرس في روما العدد الأكبر من رهبان الرَّهبانيَّات الشَّرقيَّة الرُّوم الكاثوليك والموارنة. وبصفتنا من سكان الدَّير، فقد سُمح لنا أن نستقبل البابا في قاعة الاستقبال داخل الدَّير. وأمامنا أعلن قداسته نيَّته عقد مجمع عام غايته العمل على وحدة المسيحيِّين وتجديد الكنيسة. وأطلق عبارته الشهيرة : تجديد Aggiornamento .

وفي الواقع فإنَّ وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني قد عالجت تجديد الفكر الكنسي والحياة الكنسيَّة ونظام الكنيسة في كلِّ أبعادها. ويكفي استعراض عناوين هذه الوثائق لكي نتحقَّق من آفاق المجمع الواسعة جدًّا. لا بل إنَّ المجمع الفاتيكاني هو برنامج تجدُّد الكنيسة وتفاعلها مع عالم اليوم إلى سنين طويلة. وسيبقى تأثيره فاعلاً إلى زمنٍ بعيد.
نريد أن نستعرض أهم وجوه التَّجدُّد في كنيستنا انطلاقًا من برنامج وثائق هذا المجمع. وقد تناولت وثائق المجمع حياة الكنيسة في كلِّ جوانبها: الحياة الطَّقسيَّة واللِّيترجيَّة والأسراريَّة – تهيئة خدَّام الكلمة من طلاب الكهنوت والمكرَّسين والمكرَّسات والرُّهبان والرَّاهبات والشمامسة والكهنة والأساقفة والبطاركة – السُّلطة الخدميَّة في الكنيسة جسد المسيح السِّرِّي، العقيدة المسيحيَّة والإيمان المسيحي في علاقته مع باقي الكنائس والجماعات المسيحيَّة والمعتقدات الدِّينيَّة المتشعِّبة في العالم، وعلاقة الكنيسة بالمجتمع السياسي والاقتصادي والعلمي ودور العلمانيِّين في الكنيسة وعمل الكنيسة الرِّسالي التَّبشيري.

وتختصر هذه الوثائق وموضوعاتها بمطلع الوثيقة "الكنيسة في عالم اليوم" Gaudium et Spes حيث نقرأ: "إنَّ كلَّ ما يهمّ العالم يهمُّ أبناء الله... أفراح وأحزان وتطلُّعات النَّاس وآمالهم وآلامهم ومشاكلهم...".

وهذا كلُّه يتطلَّب من الكنيسة قوَّةَ التَّجديد والتَّأقلُم والانثقاف والتَّفاعل والتَّضامن وقوَّة التأثير في المجتمع، والرَّغبة في تطويره وتقدُّمه... وهذا كلُّه إنَّما يصير بفعل الرُّوح القدس الذي يُجدِّد نظام الكنيسة كما ذكرنا في صلوات عيد العنصرة. ولا يصير تجدُّد حقيقي إلاَّ بفعل الرُّوح القدس وحلوله. وهذا ما يُدعى في اللاهوت المسيحي الشرقي "صلاة استدعاء الرُّوح القدس" .Epiclèse الكنيسة بحاجة لكي تتجدَّد إلى إبكليز يومي ودائم. ولهذ فإن الاحتفال باللِّيترجيَّة الإلهيَّة يوميًّا هو مهمٌّ جدًّا في حياة الكاهن خاصَّةً، لأنَّه يستدعي الرُّوح القدس يوميًّا على القرابين، على جسد المسيح السِّرِّي، على الكنيسة، على رعيَّته، على نشاطه وخدمته الرَّعويَّة.... وهكذا يمكنه أن يبقى في مسيرة تجدُّدٍ دائم ويقود الرَّعيَّة في "الطريق الجديد" Chemin neuf ، في الجيل الجديد الحقيقيLe New Age . وكما نُصلِّي: "روحُكَ الصَّالح يهديني في أرضٍ مستقيمة" (المزمور 142) وروحًا مستقيمًا جدِّد في أحشائي! (المزمور 50).

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com