عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

3/8/2009
الاستعلان الالهي

- الاستعلان الإلهي (الوحي)

 أ - الكتاب المقدس، ب - التقليد

2 - الليتورجية  3 - المجامع 4 - آباء الكنيسة  5 - القديسون 6 - القوانين الكنسية 7 - الفن المقدس (الأيقونات).

من أهم المصادر لتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، المجامع الكنسية، وعلى الأخص المجامع المسمَّاة ”المسكونية“، إذ فيها اجتمع أساقفة المسكونة شرقها وغربها على هيئة مجمع وقرَّروا فيها أساسيات الإيمان المسيحي معتمدين فيها على التسليم الرسولي بشقَّيه: الشفهي، والمكتوب. أما الشفهي فهو ما حمله كل أسقف من تعليم شفاهي تسلَّم أباً عن جدٍّ وصولاً إلى الرسول الذي كرز في مدينته، وهو التعليم المختص بالخلاص وأسرار التجسُّد والفداء والحياة الأبدية. فإذا اتفقت شهادة هؤلاء الأساقفة بإجماعٍ مع الشق الثاني من التسليم الرسولي وهو المكتوب في هيئة الأناجيل الأربعة ورسائل الرسل؛ تمَّ تسجيل هذا الإيمان في وثيقة تُسمَّى ”دستور“ أو ”قانون“ الإيمان.

وهكذا صدر قانون الإيمان في مجمعين مسكونيَّيْن: أولهما المنعقد في مدينة نيقية (عام 325م)، والثاني في مدينة القسطنطينية (عام 381م)؛ أُرسِيَ فيه أساسيات الإيمان المسيحي المختص بالثالوث الأقدس. وفي المجمع المسكوني الأول أُعلِن الإيمان بلاهوت المسيح كلمة الله (لوجوس) المتجسِّد؛ وفي الثاني بلاهوت وأقنومية الروح القدس ضد مَن أُطلِق عليهم في ذلك الزمان اسم: ”محاربو الروح القدس“.أما المجمع المسكوني الثالث الذي انعقد في مدينة ”أفسس“ (عام 431م)، فقد أعلن الإيمان المسيحي المختص بسرِّ التجسُّد أي اتحاد الطبيعتين اللاهوتية والبشرية في شخص المسيح بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، وكان رمز هذا الاتحاد متمثِّلاً في لقب ”والدة الإله - ثيئوطوكوس“ للعذراء القديسة مريم التي ولدت لنا شخص المسيح الإله الحق والإنسان الحق معاً، أي الأقنوم الإلهي (الابن) الذي اتخذ لنفسه الطبيعة البشرية بكمالها مخلِّصاً إيَّاها ومؤلِّهها باتحادها مع الطبيعة الإلهية للكلمة ابن الله.بهذه المجامع المسكونية الثلاثة التي انعقدت في القرنين الرابع والخامس، أُرسيت قواعد الإيمان المسيحي لكي يقوم عليها كل تعليم روحي ولاهوتي مختص بالكنيسة والحياة الروحية ومصير البشرية الأبدي.

 

ولماذا المجامع الكنسية؟

أساس المجمعية في الكنيسة المسيحية(1):

حينما بدأت الكنائس المسيحية الوليدة خارج أورشليم تتأسَّس، استمدت النمط الذي كانت تسير عليه الكنيسة الأُم في أورشليم. فكل كنيسة من هذه الكنائس اعتُبِرَت أنها هي ”الكنيسة“ من حيث إن اجتماع مؤمنيها يتحوَّل إلى ”جسد المسيح“، بتناولهم من الأسرار المقدسة، كما تصلِّي الكنيسة قائلة: ”اجعلنا مستحقين أن نتناول من قدساتك... لكي نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً“ (القداس الإلهي). فسرُّ الإفخارستيا هو الذي يكوِّن الكنيسة جسداً واحداً للمسيح. وهو الختم الذي يُعطي الكنيسة صفتها وقوامها وشرعيتها. وقد نعت القديس إغناطيوس الأنطاكي الكنيسة في أي موضع معيَّن بأنها ”الكنيسة الجامعة“ أيضاً. ذلك أنه في كل مرة يجتمع فيها اثنان أو ثلاثة باسم المسيح، فإن الرب - بحسب وعده في (مت 18: 20) - يحضر وسطهم بكل ملئه. فاجتماع المؤمنين في موضع ما حول المسيح في سرِّ الإفخارستيا، هو اجتماع حول ملء المسيح، وبالتالي فهو يتحوَّل إلى جسد المسيح الجامع. فالكيان المتحوِّل هنا لا يصير جزءاً من الجسد بل ملء الجسد نفسه. ويصير هذا الجسد المتحوِّل هو كنيسة الله الجامعة في الموضع الفلاني.وهكذا يصبح أمامنا، ليس فقط ”كنيسة الله في مدينة أورشليم“، بل وأيضاً ”كنيسة الله في مدينة كورنثوس“، و”كنيسة الله في مدينة أنطاكية“، و”كنيسة الله في مدينة روما“، و”كنيسة الله في مدينة الإسكندرية“... إلخ. وكلٌّ من هذه الكنائس كان مُعتَبَراً أنه ”كنيسة الله“.

المجمعية بين ”المكانية“ و”الجامعية“:

ولكن كما أن من طبيعة سر الإفخارستيا تجاوز الفروق داخل الكنيسة الواحدة في الموضع الجغرافي المحدد، كذلك تتجاوز الإفخارستيا أية فروق على مستوى الإقليم، بل وعلى مستوى العالم كله. فلكي يمكن أن تُعتبر الكنيسة في موضع ما أنها كنيسة الله حقاً، لابد أن تكون في شركة كاملة مع باقي كنائس الله على مستوى الإقليم وعلى مستوى المسكونة. وهذا يتحقَّق بالشروط الآتي بيانها:

1. أن تكون اهتمامات ومشاكل كل الإيبارشيات موضوع صلوات وعناية الكنيسة في الموضع المحدد. فإن جنحت الكنيسة في مكانٍ ما إلى اللامبالاة بما يجري في الكنائس الأخرى أو انعزلت وجدانياً عن ذلك، فمن المؤكَّد أنها تبتعد عن كونها كنيسة الله بحق. لذلك تأتي الليتورجية لتُعبِّر عن هذا الاهتمام العام بالأواشي والطلبات من أجل الأساقفة الأرثوذكسيين في المسكونة بأسرها (أوشية الآباء وأوشية الموضع).

2. أن يكون هناك أساس مشترك بين الكنيسة في مكانٍ ما والكنائس في باقي المواضع لرؤية وفهم الإنجيل والطبيعة الأُخروية للكنيسة. وهذا يستدعي بالضرورة سهر متواصل على سلامة الإيمان ووحدة ووضوح الرجاء في حياة الدهر الآتي من جانب كل كنيسة من كنائس الإقليم.

3. أن تكون هناك مجامع تُسهِّل الشركة بين الكنائس في الإقليم الواحد أو المسكونة. وهذه هي المجامع المقدسة على مستوى الإقليم أو على مستوى المسكونة.

هذا الوضع الجديد يُحقِّقه أمامنا مجمع الرسل الأول في أورشليم (أع 15). فإن هذا المجمع بجانب تقريره الرأي في موضوع قبول الأمم داخل المسيحية، اعترف بالتغيير الجذري الجديد في معنى ”كنيسة أورشليم“. فحالما انتقل كل رسول إلى ”مكان آخر“ (أع 12: 17)، فإن الكنيسة الجديدة التي أسسها ستصبح هي صورة لكنيسة أورشليم، أي كنيسة شاهدة لقيامة المسيح ولتعليمه، بسبب الرسول الشاهد الذي نقل إلى الكنيسة الجديدة شهادته العيانية واستودعها إيَّاها عَبْرَ الأجيال.إذن، فكل كنيسة كانت تحتفظ عندها بشهادة الرسل وتعليمهم، ممثَّلاً في تعليم الرسول الذي أسسها. وهكذا أصبحت الكنائس (الرسولية) معاً مؤتمنة على ومسئولة عن حفظ هذه الشهادة الرسولية الجماعية التي للرسل جميعاً. ومن هنا نشأت الحاجة لحفظ هذا الإجماع والوحدة والالتحام بين الكنائس ”في كل موضع“، باعتبارها معاً شاهداً على الإيمان الرسولي الواحد.هذا الواجب - أي الشهادة والمناداة بالتعليم الرسولي - هو الذي تقوم به المجامع. وعلى أساس هذا الواجب المحدد سنستطيع أن نميِّز المفاهيم الصحيحة لكيفية انعقاد المجامع وسلطتها، ومكانتها الدقيقة، ومدى عصمتها أو عدم عصمتها من الخطأ، وكيف يُقاس الحق في قراراتها... إلخ من واقع تعليم الإنجيل وتقليد الرسل، وعلى هَدْي ذلك التاريخ الطويل والتقليد العريض لحياة المجامع في الكنيسة.

الموضوعات الأساسية التي انعقدت عليها المجامع

1. علاقة الروح القدس بالكنيسة:

لقد ظهرت أولى المجامع الكنسية - بعد مجمع أورشليم الرسولي - في آسيا الصغرى لمواجهة شطط ”مونتانس“ الذي ادَّعى النبوَّة وامتلاك الروح القدس والتكلُّم بألسنة.ويقول عن هذا الموضوع الكاتب المجهول (الذي نقل عنه يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة 10:16:5):[فالمؤمنون في آسيا طالما اجتمعوا في أماكن مختلفة من كل أرجاء آسيا للتفكير في هذا الأمر، وفحصوا الأقوال الغريبة، وأعلنوا فسادها، ورفضوا البدعة؛ وهكذا أُبعد هؤلاء الأشخاص من الكنيسة، ومُنعوا من الشركة].ويقول تحليل كثير من العلماء الذين بحثوا في أصل المجامع، على أن هذه القضية بالذات شغلت قسماً كبيراً من المجامع الأولى، حيث كانت المجامع هي المجال الأول لاستعلان عمل الروح القدس في الكنيسة.وقد كانت هذه البدعة، فعلاً، باعثاً مثيراً لكثير من آباء الكنيسة لإدراك أن الروح القدس أقنوم وشخص متميِّز عن أقنوم الابن في الثالوث الأقدس، وأن المسيح هو الذي يعطيه للكنيسة من عند الآب حتى تحيا. وقد ترك لنا القديس إيرينيئوس - في معرض كتابه ضد هرطقة المونتانيين - صفحات خالدة يشرح فيها بأي معنى تُعتبر الكنيسة أنها موضع حلول الروح القدس، وكيف أن الروح القدس لا يمكن أن يوجد خارج الكنيسة - كجسد المسيح - وكيف أن الكنيسة قائمة على قيادة الروح القدس لها كأقنوم له مشيئة وإرادة واضحة لابد أن تستعلنها الكنيسة:

[حيث الروح القدس فهناك الكنيسة، وحيث الكنيسة فهناك الروح القدس].

(ضد الهرطقات 1:24:3)

2. سر المسيح والاحتفال به:

لقد انعقدت مجامع مبكِّرة لمناقشة تاريخ تعييد الفصح، هل يكون يوم 14 نيسان - وهو عيد الفصح اليهودي - فنُعَيِّد مع اليهود (مهما كان موقع اليوم من الأسبوع الذي يقع فيه)، أم يكون يوم الأحد (ولو لم يوافق 14 نيسان). وقد اتفق الكل برأي واحد، وبعد تبادُل الرسائل، على إصدار أمر كنسي بأن سرَّ قيامة الرب يجب ألاَّ يُحتفل به في أي يوم آخر سوى يوم الرب. وأن الاحتفال بسرِّ الإفخارستيا - وهو يوم سر فصح الرب - بعد طول صيام الأربعين يجب أن يكون يوم الأحد (يوسابيوس القيصري - تاريخ الكنيسة - 2:23:5).

3. المجامع هي موضع معالجة الانقسامات، وتضميد جروح الانشقاقات:

من الملاحَظ لدارسي تاريخ الكنيسة المدقِّقين، أن المجامع الكنسية لم تكن - كما يظن البعض - مجرد أداة لحرم الهراطقة وقطع وحرم المخالفين، هذا العمل نتيجة ثانوية وليس هدفاً أساسياً للمجامع الكنسية. بل بالعكس، كانت المجامع فرصة للدعوة إلى التوبة والرجوع إلى الحق، وأكثر من هذا كانت تتضمن مجهودات جبارة للمصالحة وتقريب وجهات النظر بين الشيَع والفرقاء المتخاصمين. وكان أساس هذه المجهودات هو الحوار الحُر وتبادُل وجهات النظر المتعارضة تجاه الحقيقة اللاهوتية الواحدة.ومن الأمثلة التي تُصوِّر هذه الممارسة السلامية المباركة للمجامع الكنسية التي تحمل سمات حوار مثمر ومجهود شديد من أجل الفهم المتبادَل بين الفريقين، تلك الرسالة المسمَّاة: ”الرسالة إلى الأنطاكيين“، والتي صدرت عن المجمع المقدس للكنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية المنعقد في الإسكندرية عام 362م تحت رئاسة البابا القديس أثناسيوس الرسولي. هذه الرسالة المجمعية كانت ثمرة مناقشات مطوَّلة من أجل استيضاح وتوضيح التعبيرات اللاهوتية الصعبة، وذلك لإزالة سوء الفهم بين الفريقين وكذلك لتثبيت الحوار الذي كان يهدف إلى تضميد جروح الانقسام، والذي كان دافعه روح النية الطيبة والرغبة الحقيقية في السلام. وما فعله المجمع (كما نقرأ في البيان الموجَّه لكنيسة أنطاكية) هو وضع الطرفين المتنازعين بعضهما مع البعض (وهما: أتباع ميليتيوس متروبوليت أسيوط - الذي عارض قانون مجمع نيقية وصنع انشقاقاً في الكنيسة - وأتباع باولينوس الذين هاجموا ميليتيوس) وتركهما يتناقشان معاً في خلافاتهما. وكان السؤال المطروح من كل واحد على الآخر:- ”ماذا تعني أنت، إذن، بهذا التعبير اللاهوتي“؟ أو ”لماذا تستخدم أنت هذه التعبيرات اللاهوتية“؟ومن هذين السؤالين نستطيع أن نتبيَّن كيف دار الحوار في المجمع، وكيف وصل المجتمعون إلى الرأي النهائي بقولهم في سجل أعمال المجمع: ”فإذ قَبِلنا تفسيرات هؤلاء المجتمعين بلغتهم وبدفاعهم...“، هذا هو وصف نتيجة الحوار الذي دار بين أطراف متكافئة متساوية. وكانت النتيجة هكذا:

[الكل، بنعمة الله، وبعد التوضيحات المبيَّنة سابقاً، اتفقوا معاً على أن الإيمان المعترف به من الآباء في نيقية هو أفضل وأكثر دقة من التعبيرات الأخرى التي ذُكِرَت].ومما يُمجِّد الله أن هذه النتيجة السلامية الأخيرة أخرجت ما يُسمَّى بفريق ”نيقية الجديدة“، والذي خرج منه الآبـاء الكبادوك الثلاثة (القديسون باسيليوس وغريغوريوس النزينزي وغريغوريوس النيصي) الذين امتدوا بجهاد ودفاع القديس أثناسيوس الرسولي عن الإيمان إلى نهاية القرن الرابع.انظر كيف يمتد الحوار السلامي بين الأطراف المتنازعة، إلى امتداد الكرازة وتثبيتها على مدى الأجيال والأزمان، وحِفْظ الإيمان، وتثبيت أساسات الكنيسة. وهناك أمثلة أخرى كثيرة نجدها في تاريخ الكنيسة والآباء البطاركة، مثل مجهودات العلاَّمة أوريجانوس مع هيراكليدس والأساقفة في بلاد العرب، ومثل مجهودات القديس ديوناسيوس الإسكندري مع أسقف الفيوم وغيرها.ونختم باقتباس من كتاب: ”الباراكليت - الروح القدس في حياة الناس“ للأب متى المسكين عن معنى استخلاص الآباء للعقيدة من نصوص الإنجيل:

[واستخلاص العقيدة من نصوص الإنجيل عمل إلهامي لا يقل عن وضع الإنجيل نفسه، لأن في كليهما يبلغ العقل إلى مواجهة الحق... وهكذا احتفظ لنا الآباء بتفسيرهم الكلمة واستخلاصهم العقيدة المستقيمة، لا بفكر الرسل فحسب، بل بفكر المسيح وحق الله].

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com