عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E صلوات وتاملات

الاسرار لصاحب الغبطة

الأسرار المقدّسة وشرح الرموز الطقسيّة للمطران لطفي لحّام

( البطريرك غريغوريوس )29

 

أما الرسالة التي نقرأُها، فهي خليطٌ من الرسالةِ الأولى إلى أهل كورنتس( 5،6-8) ومن الرسالةِ إلى أهلِ غلاطية  (3، 12-14)  تعلنُ "أنَّ المسيحَ فصحَنا قد ذبحَ" لكي تحلَّ على الأممِ البركةَ التي باركَ بها اللهُ إبراهيم، ولننال بالإيمانِ موعدَ الروحِ الذي سبقَ حزقيالُ متنبّأَ عنه وانسكبَ على التلاميذِ يومَ العنصرةِ بفضلِ موتِ يسوع وقيامتِه. ويعيدُنا الإنجيلُ إلى حدثِ ذلك النهارِ، إلى الخرونوس، إلى "الغدِ الذي بعد التهنئة" وقد تحوّل هذا الخرونوس رغمَ ختمِ الحجرِ وإقامةِ الحرّاسِ إلى كيروس الربِّ إذ إنَّ الفجرَ سينبلجُ واليومَ الثامنَ بدأَ يلوح.

أحد الفصح العظيم المقدّس

كانت السهرانيّةُ الفصحيّةُ تبتدئُ بعد غروبِ الشمسِ، كما سبقَ وأشرْنا، وتنتهي عندَ الفجرِ معلنةً القيامةَ التي  بشَّرَ الملاكُ للنسوةَ حاملاتِ الطيبِ  باكراً جداً .
وكانت هذه الليلةُ المقدّسةُ محطَّ أنظارِ المؤمنينَ في المراكز الكنسيّةِ الكُبرى ،ففيها تحتفلُ الكنيسةُ "بعيد ميلادها" وبميلادِ أعضاءَ جددٍ ينضمّونَ إلَيها كلَّ سنةٍ في مثلِ هذه الليلة. ولأجلِ هؤلاءِ المتقدّمينَ للإستنارة أو المعموديّة، كانتِ الكنيسةُ تصومُ الصومَ الأربعينيَّ وترافقَهُم في صلاتها إذ كانوا يستعدّونَ الإستعدادَ الأخيرَ للدخول في حياةٍ جديدةٍ وديانةٍ جديدة؛ دخولٌ لا رجوعَ عنه، فإنَّهم سوفَ يموتونَ مع المسيحِ ويقومونَ معه؛ أي سيصبحَ فصحُ المسيحِ فصحَهم الشخصي.

وكانت الليترجيّا الإلهيّةُ تشكّلُ خاتمةَ هذه السهرةِ وفيها يشتركُ المعتمدون حديثاً أو المولودونَ حديثاً بمائدةِ الربّ  مع سائر المؤمنين. هذا ما تشهَدُ عليه أقدمُ المخطوطاتِ منذ منتصفِ القرنِ الخامس. نشهدُ في الطقسِ" اليوناني " قداسَين في اليومِ الواحدِ وللمرّة الأولى،وهذا مستغرب . فالطقسُ دقيقٌ في ما يخصُّ وحدةَ القدّاسِ في اليومِ الواحدِ وعلى المائدةِ الواحدة . والسببُ في هذا الاستثناءِ ما زالَ غيرَ محسوم ؛ فمنَ العلماءِ من يقول- وهذا هو الأرجح- أنّه لكثرةِ العمَاداتِ ، خصوصاً بعدَ إعلانِ المسيحيّةِ دينَ الدولةِ الرسمي، وانحصارِها ليلةَ السبتِ العظيمِ. أوجدت العبقريّةُ الليترجيّةُ هذا الحلَ؛ أي اختتام السهرةِ الفصحيّةِ بالليترجيّا الافخارستيّةِ الأولى، ثّم في منتصفِ النهارِ كانت تقامُ ليترجيّةٌ ثانيةٌ احتفالاً بالقيامة.  ومن هنا عُمِّمتْ هذه العادةُ على عيدَي الظهورِ الإلهي والميلادِ باعتبارهِما فصحَينِ صغيرَينِ. ومن العلماءِ من يرى أنَّ الليترجيّا الإفخارستيّة الأولى هي
احتفالٌ بالفصحِ الذي تمَّ  في دنيا الأمواتِ حيثُ نزلَ المسيحُ وانتصرَ على الجحيمِ، بينما الليترجيا الثانية هي اشتراكٌ بالليترجيا السماويّةِ حيثُ المسيحُ الكاهنُ الأعظمُ يفتتحُ الخليقةَ الجديدةَ ويقدّمُها لأبيهِ مدشِّناً بذلك زمنَ الربّ (الكيروس)أو اليومَ الثامن. وهناك فريقٌ ثالثٌ من العلماءِ ، نحا منحىً أكثرَ واقعيّة ، وإنْ مالَ إلى اعتقادِ الفريقِ الأوّلِ ضمناً، منطلقينَ من مبدأ "تناصح الطقوس " (osmose) فاعتبروا أنّ عادةَ إقامةِ ليترجيَّتَينِ في يومِ الفصح، هو تبني للعادةِ القائمةِ في أورشليم بالإحتفالِ بقدّاسٍ أولٍ للمستنيرينَ حديثاً، يتبعُه قدّاسٌ ثانٍٍٍ يحتفلُ فيه البطريركُ في كنيسةِ القيامةِ على القبرِ المقدَّسَ ، وهذا ما تخبُرنا بِه التقيّةُ هيجيريا في رحلةِ حجِّها إلى الأماكنِ المقدّسةِ في النصفِ الثاني من القرنِ الرابع. ويؤكّدُ هذهِ العادةَ التيبكوناتُ القديمةَ المتعلّقةُ بديرِ القدّيسِ سابا التي تشيرُ إلى ثلاثةِ إحتفالاتٍ إفخارستيّةٍ ابتداءً من ليلةِ السبتِ حتى مساءِ الأحدِ كانت تقامُ في أديارِ القدس. 
يبقَى أن نشيرَ إلى أنَّ الأناشيدَ الخاصَّةَ بهذهِ الليلةِ الفصحيّةِ كانَتْ ذات طابعٍ "معمودي" ولم تكن تركّزُ على حدثِ القيامةِ بقدرِ تركيزِها على مواضيعِ النور ، الإغتسال ،الخلق الجديد، الفصح والعبور، تاركةً بذلك المجال لسحرَ الأحد ليذخرَ بالأناشيدِ التي تعلنُ القيامةَ وتتأمّلُ فيها.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com