عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E أخبار الرعايا

27/7/2009
كلمة غبطة البطريرك فؤاد الطوال الموقر

الوَحـدَةُ عَلَى التنوُّع
الرسالة الراعوية الأولى
لصاحب الغبطة البطريرك فؤاد طوال

بمناسبة زيارة قداسة  البابا بنديكتوس السادس عشرإلى الأرض المقدسة من 8-15 أيار 2009

أيها الأبناء المباركون والإخوة المؤمنون
تحية في المسيح والعذراء!
فيما نحييكم من موقع البطريركية اللاتينية في المدينة المقدسة تحية الحب والإيمان في الرب يسوع المسيح الذي اختارنا ودعانا إلى كل أمر عظيم، وفي أمه العذراء المجيدة المباركة، التي رعتنا على مدى الأعوام بحبها وحنانها المألوف، فإنه ليطيب لنا أن نخاطبكم من هذا المنبر الجليل، منبر البطريركية اللاتينية، التي جعلنا الرب قيما عليها، وأن نتحدث إليكم في هذه الرسالة الراعوية الأولى، في أمر كان على قلب المسيح وعلى قلوبنا من بعد المسيح غاليا؛ ألا وهو وحدة الكنيسة التي صلى من أجلها المسيح: "ليكونوا بأجمعهم واحدا" (يوحنا 17: 21).
1) الوحدة المقصودة
هذه الوحدة المقصودة بصلاة يسوع، أصلها مستمد من وحدانية الله بذاته، وإن تعددت أقانيمه، ومن وحدانية الكون في تنوعه العجيب، ومن وحدة الرجل والمرأة، ومن وصية الله لآدم وحواء: "انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها" (تكوين 1: 28). ومن هنا نرى في العمل الإلهي، كيف تنسجم الكثرة مع الوحدة أو الوحدة مع التنوع، انسجاما بديعا. ولكي يحقق الإنسان مقصد الله من هذه الوحدة، يجب أن يقيم على الوحدة مع الله، وأن يعترف بتبعيته لله بأمانة وانتظام. وهذه الوحدة الراسخة هي ما نصلي من أجله كل يوم، وما نحبكم أن تكونوا عليه في كل حين، وما نسعى إليه بكل ما أوتينا من قوّة. وأنتم في مواقعكم المختلفة من الأردن وفلسطين وإسرائيل وقبرص، تشكلون أبرشيتنا الواسعة، ورعيتنا الغالية التي إليها في كل حين كل حبنا واشتياقنا.
- نريد الوحدة على مثال الأولين!
إن ما أراده المسيح للكنيسة التي خرجت من يديه، على ما يحب ويشتهي، والتي أقامها على أغلى ما عنده، وجعلها واحدة بروحها، واحدة بإيمانها، هو ما نريده اليوم لكنيستنا، وما نريده لكم، على اختلاف مواقعكم ومنابتكم، لا فرق عندنا بين أناس وأناس إلا بما ترعون من هذه الوحدة المتينة القائمة على كثرة التنوع واختلاف المنابت والأصول ووحدة العقيدة والإيمان.
هكذا كان المسيحيون الأولون. "وكان جماعة الذين آمنوا قلبا واحدا ونفسا واحدة" (أعمال الرسل 4: 32). لا يفرق بينهم لا بعد ولا قرب، ولا يسر ولا عسر، ولا معرفة ولا جهل، ولا جاه ولا مال: "وكانوا مواظبين على تعليم الرسل والمشاركة وكسر الخبز والصلوات" (أعمال الرسل 2: 42).
2) مقومات الوحدة   
تلك هي مقومات الوحدة التي من أجلها صلى يسوع: أن يكونوا قلبا واحدا ونفسا واحدة. وما من سبيل إلى هذه الوحدة المنشودة بغيرها. والمطلوب أن يكون المؤمنون واحدا وإن تنوعت منابتهم واختلفت مناصبهم وتباينت أشكال الحياة المسيحية عندهم: "لأنكم جميعا واحد في المسيح" (غلاطية 3: 8).
وإذا قامت الوحدة على حب المسيح فلا يفسدها التنوع، ولا تعطلها كثرة التنظيمات، ولا كثرة أشكال الحياة المسيحية. لذلك "أناشدكم أن تسيروا سيرة تليق بالدعوة التي دعيتم إليها، مجتهدين في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام" (أفسس 4: 3).
ومن هنا نرى أن هذه الوحدة تقوم قبل كل شيء في أن الكنيسة متأصلة كعمل الإله الواحد (1 كورنثوس 8: 6)، وبواسطة وحي واحد، في مسيح واحد (روما 14: 7) وذلك بعمل الروح الواحد، الذي هو روح الآب وروح يسوع المسيح (أفسس 2: 18). وتظهر وحدة الكنيسة في وحدة الإنجيل، ووحدة العماد، ووحدة الخدمة المُوكَلة إلى بطرس وإلى الإثني عشر، وعند بولس في صورة الجسد التي تنبئنا عن هذه الوحدة الجوهرية والواقعية. والكنيسة هي جسد المسيح الذي يكونه العماد، وتجسده الإفخارستيا (1 كورنثوس 10: 17).
وحدة الكنيسة تعني أيضا فرديتها. ووحدة الكنيسة وفرديتها لا تتعارضان مع التعددية. فالوحدة هي وحدة العقيدة. والتعددية هي كثرة التنظيمات الكنسية، وأشكال الحياة المسيحية، فإنها وإن كثرت وتباينت، واحدة في أهدافها.
- الوحدة تصنعها المحبة!
لكن الوحدة لا تتحقق إلا في المحبة، وفي احترام الآخر، وفي العمل المشترك لمهمات الحياة العامة، وفي الوعي للمسؤولية الحقة تجاه العالم، حسب أنماط الحق الطبيعي العام.
أمّا قوام هذه الوحدة الخارجية فهي وحدة الإيمان ووحدة الأسرار، ووحدة العبادة، ووحدة الإدارة: كل ذلك ينتج عن مبدأ الوحدة الداخلي، الذي هو عمل المسيح وروحه التأسيسي. هذه العناصر الخارجية هي أيضا التعبير التاريخي المنظور لتصميم الخلاص الشامل، الذي يجب أن يظهر في الكنيسة، وبواسطة الكنيسة.
لذلك، فإن انقسام المسيحيين اليوم يجب أن نعتبره "فوضى الخطيئة والأهواء". وفوضى الخطيئة والأهواء ليست من التعددية في شيء. ولا يجوز أن نترك وحدة الكنيسة إلى آخر الأزمنة، لأن وحدة الكنيسة هي العلامة على نعمة الله. ونعمة الله لا يحدها زمان ولا مكان. ويجب أن ننمي هذه الوحدة التي تمزقهـا الانشـقاقات والبدع (1 كورنثوس 1: 10؛ 11: 18-19) لأن أساس الوحدة هو الإيمان الواحد في الرب الواحد (أفسس 4: 5، 13).
هذه الوحـدة على التنـوع هي من نـوع وحـدة الجسـد: فلا تعـدد الوظائف والأدوار يلغي وحدة الجسد؛ ولا وحدة الجسد تلغي تعدد الوظائف والأدوار. أعضاء كثيرة وجسد واحد. إنما تنوع الوظائف والأدوار يزيد الجسـد قوة ووحدة ورسوخاً (1 كورنثوس 12: 12-21).
لذلك أحببنا لكم "الوحدة على التنوع" حديثاً محبباً في أولى رسائلنا الراعوية إليكم. لكن الحديث في الوحدة عند التنوع لا يكون سهلاً؛ ولا الحفاظ على التنوع عند الوحدة يكون سهلاً، خصوصا والناس مختلفين رأياً ورؤيةً وطباعاً. لكن حب المسيح لا يعرف المستحيل!
3) "قلبي مستعد يا الله !"
ولا يخفى عليكم، أيها الأبناء المباركون، والإخوة المؤمنون، ما نداعب في قرارة النفس والضمير حول الوحدة المسيحية، من متاعب ومصاعب وهموم، وما نضمر في ثنايا القلب من تهيىءٍ واستعداد لخدمة الرب وخدمتكم.
كنا عند سيامتنا الكهنوتية، قد اتخذنا شـعارًا "قلبي مستعد يا الله". وعند تنصيبنا بطريركاً على المدينة المقدسة، اتخذنا كذلك شعارا: "قلبي مستعد يا الله". إنه كما ترون شعار واحد استوحيناه من كتاب المزامير (56: 8).
الروح، يا أبنائي وأحبائي، جاهز لكل تضحية وعطاء. والخاطر زاخر بالتطلعات الحسان إلى وحدة المؤمنين في أبرشيتنا، وإن قامت بينهم على طول الزمان مسافات

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com