عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E

26/7/2009
فساد الجسد للقديس يوحنا الذهبي الفم

فساد الجسد وجمال النفس

القديس يوحنا الذهبي الفم

نقله إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد

       "كلّ من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا به قدام أبي الذي في السموات" (متى32:10) هكذا أُعِدَت الجوائز والعقابات هناك حسب قول المخلص الصادق. ولكن لماذا نطلب الجائزة هناك ونحن قادرون أن نحصل على المكافأة منه في هذه الحياة بواسطة الرجاء فقط؟ فإن فعلنا خيراً ولم نحصل على المكافأة منه في هذه الحياة فلا نضطرب، لأن المكافأة تضاعَف لنا في الحياة الآتية. وإن فعلنا شراً ولم نعاقَب عليه في هذه الحياة فلا نتهاملْ بل يجب أن نخاف من عملنا هذا لأن القصاص الأبدي ينتظرنا هناك، إذا لم نبدّل الشرّ بالصلاح. إذا كان المعترفون بالمسيح يستحقّون المجد في هذه الحياة فلنفكّر في الأكاليل غير البالية التي سيحصلون عليها في المستقبل. وإذا كان هؤلاء يمَجَّدون حتى من أعدائهم ألا يعظِمُهم المحبّ البشر الذي تفوق محبتُه محبةَ جميع الآباء الأرضيين؟ هناك تُعطى الجوائز عن الأعمال الصالحة والعقوبات عن الأعمال الشريرة. فكلّ الذين يرفضون ابن الله يعذّبون هنا وهناك. يعذّبون هنا لأنهم يضمِرون الشرّ، وهناك لأنهم يدفعون إلى العذاب الدائم بعد القبر. وبالعكس، فإن الذين يتبعون المسيح حقيقةً يحصلون على الفائدة هنا وهناك. هنا، لأنهم يتغلبون على الموت ويمجَّدون أكثر من الأحياء. وهناك، لأنهم يتمتّعون بالخيرات التي لا توصف. إن الله مستعد للإحسان أكثر من العقاب فلا تخشَ الموت، وإن لم يحن الوقت، لأننا سنقوم لحياة أفضل من هذه بكثير!
      وقد تقول أن الجسد يبلى. إذن، يجب أن يكون فرحنا كثيراً بهذا لأن لا جوهر للجسد. لو لم يبلَ الجسد لاستولَت الكبرياء على الكثيرين، والكبرياء أعظم الشرور. ولما آمن البشر بأن الجسد قد أُخِذ من التراب، ومع هذا فإن كثيرين، مع مشاهدتهم حوادث الموت المتكرّرة، يشكّون في فناء الجسد. لو لم يبلَ الجسد لإشتدَّ تعلّق الناس به لأن بعضنا، مع علمهم بأن الجسد يفنى تماماً، نراهم يعانقون القبور. فماذا كانوا يفعلون لو قدروا على حفظ صورة الجسد تامة؟ لما مال الأرضيون إلى الحياة الآتية، ولاستمر في عنادهم الذين يعتبرون الدنيا خالدة غير معترفين بأن الله هو الذي خلق العالم، ولتَرَك الكثيرون مساكنهم وعاشوا في المقابر وخاطبوا الراقدين كالمجانين بلا انقطاع لأنهم حُرموا الخالد المؤكد. وعلى هذه الصورة، كيف لا تدخل عبادة الأوثان إلينا بأنواعها المختلفة؟ ليعلّمنا الآب السماوي الرحيم أنّ كلّ أرضي زائل يسلّط الفساد على الجسد البشري أمامنا.
      وليس الجمال بالجسد، فإن الجمال الحقيقي يتوقّف على النور الذي تطبعه النفس في الذات الإنسانية. كلّ جمال في حياة الأرضي يتوقّف على النفس. فإذا كانت النفس فرحة يتفتح الورد على الوجنتين، وإذا كانت حزينة تنزع الجمال من الجسد وتوشّح هذا بالسواد. وإذا كانت النفس في سرور دائم فيكون الجسد أيضاً في الصحة التامة. وأما إذا كانت النفس في حزن دائم فلا ريب أن الجسد يكون أضعف من العنكبوت. بغضب النفس يتشوّه منظر الجسد وبصفاء العينين يزداد رونقاً وجمالاً. إذا استولى الجسد على النفس علا الجسد الشحوب والإصفرار، وإن طفحت بمحبة القريب اشترك معها الجسد بالوجه المشرق الجميل. ولذلك فكثيرات من النساء غير الجميلات الوجوه يحصلن على جمال خصوصي من جمال نفوسهن. وبالعكس، كثيرات من جميلات الوجوه يشوهّن جمالهن بعدم الجمال في نفوسهن. إن الوجه الجميل يتورّد دائماً بحمرة الخجل. أمّا الوجه الذي يعرف الحياة فهو أقبح من الوحوش. لأن النفس الخجول تحيل هيئة صاحبها وادعة محبوبة. فمحبة الجمال الجسدي محزنة مضحكة معاً، وأما محبة الجمال الروحاني فمتحدة باللذة الطاهرة المنعشة.
      الجسد كالوجه المستعار يستر النفس فيكون حسب ما تكون عليه. فإن كانت قبيحة فسرعان ما تصير جميلة إن شاءت. لنفتش أيضاً عن الجمال الداخلي، عن جمال النفس، حتى يرغب السيد في جمالنا ويهبنا الخيرات الأبدية بنعمة سيدنا يسوع المسيح ومحبته للبشر الذي له المجد والسلطة إلى الدهر آمين.

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com