في الحقد وأضراره

من وحي الأحد الحادي عشر ب.ع

2010 _08 _08

متَّى البشير 35 _23 : 18

                                                        يوسف جريس شحادة

                                              كفرياسيف www.almohales.org

يظهر من قراءة متمعّنة للإنجيل المقدّس اليوم تحنّن الرب على الإنسان وعدله وبالمقابل قساوة ابن الموت على ابن نوعه وظلمه له.

أودّ هنا أن أنوّه أن ما أقدّم ليس بتفسير كامل شامل للإنجيل المقدس، لا بل نظرة مقتضبة لنص الكتاب المقدّس، وفي هذه الأيام شرعت الجمعية بطباعة الجزئين الثالث والرابع من سلسلة دراسات مسيحية " تفسير أناجيل الآحاد " وذلك جمع وإعداد الأستاذ ميخائيل بولس  والتفسير بمثابة جمع لأكثر من ثماني تفاسير معتمدة بالإضافة إلى المعلومات التاريخية والجغرافية.

+ 28 _18 :18 :" قال الربّ هذا المثل يشبه ملكوت السماوات إنسانا ملكا أراد أن يحاسب عبيده فلما ابتدأ في المحاسبة. قُدم واحد مديون بعشرة آلاف وزنة. وإذا لم يكن له ما يوفي أمر سيده أن يباع هو وامرأته وأولاده وكل ما له ويوفي الدين فخرّ العبد وسجد له قائلا تمهّل عليّ فأوفيك الجميع. فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدين ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه كان مديونا له بمائة دينار فامسكه واخذ بعنقه قائلا اوفني مالي عليك".

المثل إنما هو تشبيه أو تمثيل لأمر ما. والرب يسوع اتخذ هذا الأسلوب. قال صاحب المزامير:" افتح فمي بالأمثال ".

عندما بدا بالمحاسبة أوقفوا أمامه مديونا " بعشرة آلاف وزنة "{ كنا قد أسهبنا في شرحنا عن المكاييل والموازين في الكتاب المقدس } وهذه الكمية عظيمة جدا والملك الذي يحاسب أبناء مملكته على مثال رب الأرباب الذي يفحص سرائر قلوب الشعب وعلى مثال المديون إيفاء الدين كذلك على الخاطئ  بالتوبة.

وأمر الملك " أن يباع هو وامرأته وأولاده .." لان المديون لم يكن بقدرته إيفاء الدين والخاطي ليس له من شيء يستطيع أن يستعطف الله عليه لأجل خطاياه. وتحنن الرب هو وحده يستطيع أن يمحو الخطية، ولكن ما المقصود " بيع المديون وامرأته وأولاده وجميع موجوداته ليوفي الدين "!؟

إن المبيوع يصير عبدا للمشتري وينفصل عن السيّد الذي قام ببيعه وبالتالي بيع المديون يُعنى به انفصال الخاطئ والمذنب عن الله وبيع الامراة والأولاد هو الحرمان من جميع المواهب الإلهية التي كان حاصلا عليها لما كان سالكا في سبيل الفضيلة.

" فخرّ العبد ..." هذه نتيجة العقوبة الربّانية :السجود حتى وجه الأرض، وقوله هنا :" يا سيّد تمهل عليّ فأوفيك الجميع" يذكرنا قول اشعياء النبي.

في النص:" ولمّا خرج ذلك العبد...اوفني مالي عليك" يبيّن لنا خصال الإنسان ومتَى ابن الموت أغلق أحشاءه وأصبح عديم الرحمة والشفقة يدل على أننا نحن البشر جميعنا عبيد الله ولذا " وجد واحدا من العبيد".

+35 _ 29 : 18 :" فخرّ العبد رفيقه على قدميه وطلب إليه قائلا تمهّل عليّ فأوفيك الجميع. فلم يرد بل مضى وألقاه في سجن حتى  يوفي الدين فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان حزنوا جدا واتوا وقصوا على سيّدهم كل ما جرى فدعاه حينئذ سيده وقال له. أيها العبد الشرير كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت اليَّ أفما كان ينبغي انك أنت أيضا ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا وغضب سيده وسلمه إلى المعذبين حتى يوفي كل ما كان عليه فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته".

ويقول نيكيفورس:" هوذا مغزى المثل بتمامه قال رب المجد هكذا وأبي السماوي يفعل بكم يعني أن الله على هذا المنوال سيعاقبكم كما عاقب الملك عبده العديم الحنو والرحمة. إن لم تغفروا من قلوبكم زلات إخوتكم وان قبل لماذا لم يقل" أبوكم السماوي"  كما قال في مواضع أخرى من الإنجيل بل قال " أبي السماوي " لأنه إنما كان يتكلم بشان الخطاة العديمي الرحمة وغير التائبين. ولا يخفى أن الإله السماوي ليس أبا للخطأة بل ديانا ومعاقبا. واعلم أن قوله " من قلوبكم " إنما هو تعريض بأولئك الذين على سبيل المداهنة يصفحون عن ذنوب إخوتهم باللسان والشفتين فقط.

ولا يصطلحون مع الذين أغضبوهم إلا بحسب الظاهر. فيكمنون البغض في قلوبهم ويرقبون فرصة لكي ينتقموا منهم ويضروهم".

أسبوع مبارك بشفاعة والدة الإله ورب المحبَّة