استناداً إلى قراءة أولى، باستطاعتنا أن نقسم هذه الصلاة إلى قسمين استناداً إلى الملاحظات البنيوية الأدبية التالية.
آ – في القسم الأول: لدينا سبع صفات للروح القدس، تذكِّرنا بمواهب الروح القدس السبع. والسبعة دلالة على الكمال: حكمة – فهم – مشورة – قوّة – علم – تقوى (المخافة) الملك السماوي – المعزي – روح الحق – الحاضر في كل مكان – والمالئ الكل – كنز الصالحات – وواهب الحياة
ب- في هذه الصفات طابع شمولي: تستعمل الصلاة في هذا القسم وزن الفاعل، والفاعل يعني ديمومة الفعل: المعزي – الحاضر – المالئ – الواهب...
لاحظ في القسم الأول من الصلاة، لا يستعمل المصلي الأفعال ويكتفي باسم الفاعل لكي يصف عمل الروح القدس الدائم والمستمر والذي يطال حياة الإنسان في كل وجوهها.
ج- شمولية المكان وشمولية الزمان: إن الروح حاضر في كل مكان، ولا يخفى عليه شيء. إنه حاضر في كل مكان وكأن في ذلك دلالة على انتشاره على سطح الكون، ولكن في الوقت نفسه إنه مالئ الكل، إنه ينفذ إلى صميم الوجود، والكائنات وبالنهاية إن مكانه في قلب الإنسان. فالروح هو في كل مكان، وهو أيضاً في كل زمان، لأن زمان الروح هو الديمومة والاستمرار كما أشرنا إلى ذلك في استعمال اسم الفاعل.
د- فالقسم الأول من الصلاة هي صلاة تسبيح للروح القدس. وكل صلاة في الكتاب المقدس تبدأ بالتسبيح، وتسبيح الله هو دعوة الإنسان الأساسية، لأن الإنسان خلق من أجل أن يخدم الله ويحبه ويسبحه. تلك هي دعوة الإنسان في البداية والنهاية.
لذلك واستناداً إلى المؤشرات الأدبية التي قدّمناها، نستطيع القول، إنّ القسم الأول من الصلاة هي صلاة تسبيح يرفعها الإنسان للروح القدس، ويسبح الإنسان الله لكي يعترف بمواهبه وعطاياه في حياته.
ﻫ- القسم الثاني من الصلاة: هلّم واسكن فينا – وطهرنا من كل دنس- وخلص أيها الصالح نفوسنا.
لاحظ أولاً استعمال فعل الأمر بشكل مكثف 1 + 3؛ وفي القسم الثاني تتحول الصلاة إلى توسل، إلى طلب: اسكن، طهّر، خلّص.
فاكتشاف بنية هذه الصلاة القائمة على التسبيح والتوسل هو أمر هام لأنها بنية أساسية في الكتاب المقدس عامة وفي سفر المزامير خاصة. |