عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

حكمة الله

حكمة الله

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس

 

10.

تظهر حقيقة كون كلمة الله قوة، من تأثيرها على المعجزات التي قام بها المسيح. كما أن الله قال "ليكن نور" كان النور (تكوين 3:1)، كذلك تماماً أنجز هو أموراً رائعة تُسمّى علامات وعجائب، أي معجزات. لم يقم المسيح بأي شيء من دون سبب وهدف. في دراسة الأناجيل المقدسة نكتشف أنّه أحياناً تكلّم، وكغطاء للتصديق على كلامه أتمّ العجائب، وأحياناً أخرى أنجز المعجزة ومن ثم كشف حقيقة لاهوتية مهمة. سوف أشير إلى بعض الأمثلة المميزة التي تثبت هذه الحقيقة. كشف المسيح في العظة على الجبل حقائق عظيمة معروفة جداً. في تفسيره لهذه النقطة، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أنّ عند تفحّص المرء للأناجيل بتأنٍ، يكتشف أنّ المسيح قبل صعوده إلى الجبل لتعليم الناس، شفى كثيرين وبهذا هيّأ اليهود لما سوف يخبرهم به. وهكذا كانت العجائب التي سبقت التعليم مهيِئة له، والعجائب التي تبعت العظة لتثبيت ما سمعوه.

ثمّة تمييز في الأناجيل بين العلامات والمعجزات. المعجزة الحقيقية هي غفران الخطايا، لأن لا أحد غير المسيح يستطيع ذلك. كما يقول القديس يوحنا الدمشقي، ما من أحد من بطاركة العهد القديم وأبراره، بمعزل عن شركتهم مع الله والنعمة الخاصة التي كانت لهم، استطاع أن يغفر الخطايا. هذا عمل المسيح لأنّه الإله الحقيقي. لهذا، إن غفران الخطايا هو المعجزة العظمى التي تثير الإعجاب. من ناحية ثانية، بما أن اليهود شكّوا في هذه الإمكانية، فقد أتمّ العلامة بعد الغفران، فشفى الجسد ليؤكّد أنّه قادر على شفاء صحة النفس. يظهر هذا بوضوح في معجزة المخلّع، أولاً غفر خطاياه وعندما شكّك اليهود بهذا شفى الجسد "«وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ:«قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»" (متى 6:9).

لم يأتِ المسيح إلى العالم ليتمّ العجائب مع أنّه تأثّر بألم الناس وتشوشهم، لكنّه أتّمها لكي يفهم اليهود أنّه أتى ليخلّصهم من الخطيئة والموت والشيطان. لم يأتِ المسيح ليشفي أجسادهم فقط بل ليرعى أنفسهم إلى الفلسفة. الفرق بين شفاء النفس وشفاء الجسد هو على نفس القدر من الأهمية كالفرق بين النفس والجسد. لكن شفاء النفس هو الأعظم والأكثر غموضاً، فيما شفاء الجسد أكثر جلاءً وظهوراً. لهذا يقوم المسيح بما هو جلي وواضح، أي العجائب، لكي يبرهن ما هو أكثر عظمة وأقلّ ظهوراً، أي غفران الخطايا وخلاص الإنسان (القديس يوحنا الذهبي الفم).

في حالات شفاء الأرواح النجسة، كان المسيح أكثر اهتماماً بإفهام اليهود، من جهة بوجود الأرواح الشريرة، ومن جهة أخرى بأنّ سلطانه هو أقوى من هذه الأرواح. بحسب القديس غريغوريوس بالاماس، يخرج المسيح الأرواح من الممسوسين لكي نفهم أنّه هو الذي يخرج الشياطين ويمنحنا الحرية الأبدية. لهذا نصح القديس يوحنا الذهبي الفم: "لا تطلبوا العلامات بل خلاص النفوس". ومن ناحية أخرى، غالباً ما يكون في العلامات شبهة التخيّل، أي قد يتمّ تفسيرها بطريقة مختلفة، ويمكن للشياطين أيضاً أن تنجز عجائب بتدبير إلهي، لكنها مختلفة عن تلك المتلازمة مع الحياة الطاهرة التي تسكِت كل الذين يرون الإنسان الموسوم بالفضيلة. لهذا السبب أيضاً، العلامات وأشفية الجسد هي لغير المؤمنين وليست للمؤمنين (القديس يوحنا الذهبي الفم).

تظهر العلاقة بين تعليم المسيح وعجائبه في الكثير من العلامات. لقد شفى العمى ومن ثمّ أعلن أنّه نور العالم. لقد أشبع خمسة آلاف بخمس أرغفة وسمكتين ومن ثمّ أعلن أنّه الخبز النازل من السماء، فيما كان يتحدّث فعلياً عن الإفخارستيا المقدسة. لقد ظهر للمرأة السامرية وفي الوقت نفسه كشف أنّه الماء الحي. أقام لعازر والآخرَين، ابنة ياييرس وابن أرملة نايين، وأعلن أنّه القيامة والحياة. يمكننا إيجاد هذه الصلات والارتباطات من بداية الأناجيل إلى نهايتها. يلاحظ القديس يوحنا الذهبي الفم أن المسيح لم بثبت على واحد فقط من التعليم أو إنجاز المعجزات بل كان يستعمل هذا أو ذاك ليقدّم الخلاص. وهكذا، في بعض الأحيان أراد أن يظهر كمعلّم ذي سلطان بالعلامات التي أنجزها، وفي أحيان أخرى أراد من خلال تعليمه أن يزيد فائدة العلامات التي أنجزها. وهكذا فإن لعجائبه كما لتعليمه الصفة الخلاصية. يرى القديس نيقولا كاباسيلاس في الصلوات الليتورجية نبالة آلام المسيح التي من خلالها تحقق خلاص البشر. نحن نعرف أن في الأنافورا الجملة التالية: "ذاكرين أوامر الخلاص وكل الأمور التي صارت لنا: الصليب والقبر والقيامة في اليوم الثالث والصعود إلى السماوات والجلوس عن الميامن والمجيء الثاني المجيد..." نحن نرى هنا أن الآلام والصليب والقيامة والصعود والمجيء الثاني التي نتذكّرها ليست العجائب. يقول نيقولا كاباسيلاس أننا في هذا لا نتذكّر المعجزات، لأن الآلام والصليب أكثر أهمية منها لأنها أعمال الخلاص التي بدونها لم يكن الإنسان ليقوم، بينما المعجزات هي مجرد دلالات على الخلاص وليست منتِجَة له ما يعني أن اليهود كانوا قادرين أن يؤمنوا بأن المسيح كان المخلّص الذي انتظروه.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com