عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E منتدى أبناء المخلص

من وحي الاحد 16 ايار

من وحْي الأحد _ احد الآباء القدّيسين

2010_05 _16

يوسف جريس شحادة

كفرياسيف

نقرا الإنجيل المقدس {يوحنا : 13 _1 : 17 }.

مقدّمة:

يقدّم لنا الانجيلي يوحنا الصلاة الوداعية العلنية أمام التلاميذ. هذه الصلاة تكشف عمّا في قلب السيّد المسيح من شوق نحو الكنيسة يحقّقها خلال الصليب.

تعتبر هذه الصلاة " عائلية " قدّمها رب العائلة أو صلاة " وداعيّة " بعد حديثه الوداعي معهم عن سرّ علاقته مع الآب وهي صلاة " كهنوتية " وكما يقول القديس اكليمنضوس الاسكندري إن يسوع المسيح في هذه الصلاة هو رئيس الكهنة العامل لحساب شعبه وهي صلاة " كهنوتية عليا " الخط الواضح في هذه الصلاة، هو تأكيد عملي لما قاله لتلاميذه :" ...ولكن ثقوا فاني قد غلبت العالم" { يو 33 :16 }.

الإنجيل المقدس:

+ 2 _1 :" تكلّم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء. أيها الآب قد أتت الساعة، مجّد ابنك يمجدك ابنك أيضًا. إذ أعطيته سلطانا على كلّ جسد، ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته".

الرب لم يكن بحاجة للصلاة، لأنه هو واحد مع أبيه في الجوهر. إلا انه كممثل لنا يقدّم الصلاة عن نفسه " مجد ابنك " وهذا لكي لا نتوقف عن الطلبة من اجل مجدنا فيه.

المسيح له المجد بكونه الله نصلي إليه وإذ صار إنسانا _ تجسّد، أصبح يصلّي لكي يكمل فيه كلّ برّ. فجاء في المزامير:" سلني فأعطيك "{مز 8 :2 } وبولس الرسول :" وفي أيام بشريته قرّب تضرعات وتوسلات بصراخ شديد ودموع إلى القادر أن يخلّصه من الموت فاستجيب له بسبب الاحترام. ومع كونه ابنًا تعلّم الطاعة بما تألم به "{عب 8 _7 :5 } وبصلاته قدّس صلواتنا إذ يعرف أعماق قلوبنا.

لماذا رفع السيد عينيه إلى السماء؟! انه ساكن السماء بلاهوته ولا يحتاج إلى رفع عينيه بل نحن نرفع أعيننا مع عينيه فيرفع قلوبنا إلى السماء أثناء الصلاة { مز 1 :25 _ 24 } هذا لا يعني انه لا نصلي إلا بهذه الحالة فقد امتدح الرب ذلك العشار الذي لم يجسر رفع عينيه فقد قرع صدره {لو 23 :18 } والربّ انحنى خلال حديثه مع الآب { مت 39 :26 } " قد أتت الساعة " هو يعرفها ودعاها " هذه الساعة " { يو 27 :12} والإنسان يجهلها { جا 12 :9 } انه لا توجد ساعة كساعة الصليب التي فتحت أبواب السماء وصالحت البشرية مع الآب ساعة آلام الربّ هي خطة الربّ وهدف السيّد منذ البداية وهذه الساعة الحاسمة بين السماء والجحيم من اجل مجد الله وسعادة الإنسان للأبد. ويقول يوحنا الحبيب { رؤ2 :6 } :" خرج غالبًا لكي يغلب".

تمجيد الابن _ الآب

مجّد الآب ابنه أثناء آلامه وبعد أن أسلمه يهوذا اعترف بجريمته وختمها بانتحاره وار سلة امرأة بيلاطس إلى زوجها محذرة إياه من صنع أي شر بالرب، مجّدته الطبيعة فانكشفت الشمس وانخسف القمر وتشقّقت الصخور والقبور وانفتحت وشهد له الهيكل بانشقاق حجابه. :" يمجد ابنك أيضًا " لكي يمكّن للإنسان نفسا وجسدا أن ينعم بشركة المجد ولهذا نقرأ الاسم " مجد " وتكرر أكثر من 15 مرة أكثر من أي سفر آخر من أسفار العهد الجديد ما عدا الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس { فهرس الكتاب المقدس } أما الفعل " يمجّد " فقد ورد أكثر من 20 مرّة بينما لم يتكرر أكثر من 9 مرات في أي سفر آخر { المرجع السابق} هذا هو مجد الآب { يو 16 :3 }.

" تكلّم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء" ولماذا الصلاة؟! فالربّ  انهض التلاميذ بالصلاة وعند إقامة العازر صلّى وصلّى واستجاب الآب ليؤمن الجمع { 42 _41 : 11 و 32 :16 } ولماذا صلّى في حضرة التلاميذ؟! أجل يجب أن تحدث أمامهم لان :" الآن نعلم انك عالم بكل شيء ولست تحتاج أن يسألك أحد" { يو 3 :16 } كذلك بالنسبة لقول الربّ" قد أتت الساعة، مجد ابنك، ليمجّد ابنك" وذلك لان  بالصليب لم يتمجّد الابن وحده، بل به تمجّد معه أبوه أيضًا.

فقبل الصلب لم يعرف الشعب الآب فقد قيل:" إسرائيل لا يعرفني وشعبي لم  يفهم" { أش 3 :1 }ولكن بعد الصلب فقد ركض العالم كله نحوه. ويتمجّد بقيامته بواسطة الآب ويمجّد الآب بالكرازة بقيامته ويظهر هذا:" مجد ابنك،ليمجد ابنك أيضًا" أي : أقمني حتى بي يعرفك العالم.

وهو الابن الوحيد الجنس ينسب سلطانه للآب لأنّه واحد معه في الطبيعة الإلهية والجوهر الإلهي.

إن عبارة " أعطيته" وردت أكثر من 75 مرة في إنجيل يوحنا وفي هذه الصلاة 17 مرة منها 13 عن عطاء الآب للابن و4 عطاء الابن لتلاميذه. إن عطاء الآب للابن وهما اقنومان متمايزان  لكنهما جوهر واحد. فكل ما للآب فهو للابن وما للابن فهو للآب من حيث السمات الإلهية وبهذا تحقق الوعد بان ينال المسيح ميراثا جامعا { مز 8 :2 }:" سلني فأعطيك الأمم ميراثا لك وأقاصي الأرض ملكا لك"يضمّ الأمم واليهود { 2 كو 15 _14 :5 ورو 21 :5 و1تي 6 _4 :2 } ولكن الحياة الأبدية يهبها للمؤمنين الذين يعطيهم الآب لابنه ميراثا أبديا { 2 كو 15 :4 }.

لم يقل "سيعطي " بل " يعطي " فعطاء الابن لنا عطيّة حاضرة الآن. وما معنى " إذا أعطيته على كل جسد "! إن الكرازة ليست مقصورة على اليهود وحدهم بل تمتد إلى كل العالم. وهنا يعلن الدعوة للأمم فقد سبق وقال :" في طريق الأمم لا تمضوا " { مت5:5 } ولكن اقترب الوقت لقول :" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" { مت 19 :28 } وبالتأكيد لم يؤمن الكل به، لكن من جانبه هو قدّم لكي يؤمن الكل فالخطأ ليس من جانب المعلّم بل من جانب الذين لم يقبلوا كلماته.

+ 4 _3 :" وهذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته".

القصد العمل الدائم حتى نتمم خلاصنا { 12 :2 } ويتحدث مع الآب انه أكمل العمل الذي تسلمه من يديه متطلعا لانتشار الإنجيل في المسكونة ليجد مسرّته في تحقيق كل برّ وتمّم المسيح عمل الآب لنتمتع بالخلاص والآن يتممه فينا لكي يتجلّى في داخلنا.

وما الهدف من ذكر  "مجدتك على الأرض"  لأنه تمجّد في السماء وملائكته ساجدون فهو لم يتحدث عن ذلك المجد الذي للآب إنما يذكر المجد القائم من عبادة الناس له.

وما مغزى قول الربّ:" قد أكملته" وهو لم يكمل! يعني انه عمل ما يخصّه كله من جانبه لان جذر البركات قد اعدّ لهذا يقول:" العمل الذي أعطيتني" أي انه أكمل ما قد عرف بتأكيد تام انه يتممه وذلك كما استخدم سابقا في البنوّة صيغة الماضي عن المستقبل:" ثقبوا يديّ ورجليّ واحصوا عظامي" { مز 18 _17 :21 } ولم يقل " سيثقبوا سيحصوا".

+ 8 _5 :" والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك ، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم كانوا لك، وأعطيتهم لي، وقد حفظوا كلامك. لان الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينًا إني خرجت من عندك، وآمنوا انك أنت أرسلتني".

لأجلنا أخلى ذاته عن مجده { 1 بط 17 :1 } المجد الذي كان له من قبل تأسيس العالم { يو 5 :17 }.

ماذا يعني مجده من قبل تأسيس العالم؟! نوجز الإجابة بالتالي:

+ مجد أزلي شريك مع الآب في المجد { عب 3 :1 } والأزلية { مز 2 :90 }.

+ بتانّسه _ تجسّده أخلى الكلمة الإلهي ذاته عن مجده، ولكن لم يغيّر من طبعه الإلهي ومجده الأزلي.

+إعلان مجد الابن في قيامته وصعوده وجلوسه عن اليمين في الأعالي { في 9 _6 :2 } وهذا ما أعلنه اشعياء النبي { 12 _10 :53 }فانه مجد الآب، وهو مجد الابن واهب البرّ، ومجد البشرية التي تشاركه مجده السماوي. والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم.

" أنا أظهرت اسمك للناس" إذا كانت الطبيعة تعلن عن الله في حدود معيّنة مثل المطر وخلق الإنسان والناموس الموسوي يعلن بالأكثر فان تجسد الكلمة _ الله قدّم إعلانا كاملا عن الله في محبّته للبشر.بكونه الابن العارف بأسرار أبيه قدّمه لتلاميذه حتى يتعرّفوا على اسمه وشخصه ولم يطلب ما لنفسه مع انه واحد مع أبيه، لكنّه يطلب أن يتعرّفوا على اسم الآب {مت 27 :11 }.

 "اسمك" كان الشعب اليهودي ينظر لاسم الرب " الله " بوقار شديد فكانوا لا يخاطرون بذكر اسمه " يهوه " أما نحن بالمسيح ف"الله " هو أب وما أروع هذه العلاقة بين المؤمن والله.وعرف الناس من هو الله من خلال الرب المسيح.

+13 _9 :" من اجلهم أن اسأل، لست اسأل من اجل العالم، بل من اجل الذين أعطيتني لأنهم لك.وكل ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي،ولست أنا بعد في العالم، وأما هؤلاء فهم في العالم، وأنا آتي إليك. أيّها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن.حين كنت معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك.الذين أعطيتني حفظتهم، ولم يهلك منهم احد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب . أما الآن فاني آتي إليك، وأتكلم بهذا في العالم ليكونوا لهم فرحي كاملا فيهم".

لقد قدّم حياته مبذولة من اجل كل العالم، إذ يصلي ومات من اجل العالم وقام من الموت من اجل الخليقة قاطبة.

ولست بعد في العالم ! وهل الله يختفي ويغيب كما يقول بعض الهراطقة، إن الرب بموته ترك العالم لإبليس فهرطوقي  وكافر من يفكر هكذا، إن الرب له المجد ترك العالم بحسب الجسد ليعطي لهم روح القدس ليتقدّسوا ويصبحوا أبناء القداسة أو مع أنني لا أعود اظهر بالجسد لكنني أتمجد بواسطتهم.

فرح المسيح هو عطية مجانية إلهية وهذا الفرح هو ابدي وفرحوا لمفارقة الرب لأنهم يتمتعون بحضوره في وسطهم وفي داخلهم،حيث يسكن في قلوبهم ويبعث فرحه الكامل فيهم، يصير  فرحه هو فرحهم ، فيختبروا الفرح  الكامل.

+هذه الوقفة مقتضبة وقد استعنّا بعظات الذهبي الفم، ومن التكوين ليوحنا.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com