عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

حكمة الله

حكمة الله

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس

نصف الخمسين هو أحد أعياد السيّد، وتحتفل به الكنيسة في منتصف الفترة الفاصلة بين الفصح والعنصرة، قبل  أحد السامرية الرابع بعد الفصح. قد لا يكون معروفاً في كل العالم لكنّه عيد سيّدي عظيم لأنه يتعلّق بالمسيح الرب. ونصف الخمسين لا يُعَد بين الأعياد الاثني عشر، لكننا ندرجه بين الأعياد السيدية الكبرى لأننا ندمج إقامة لعازر بدخول أورشليم.

إن تقسيم ووضع عيد نصف الخمسين بين الأعياد الاثني عشر يؤهّلنا لرؤية عمل المسيح منذ اعتماده في نهر الأردن إلى تجلّيه وآلامه. نحن نعرف أنّ الكتاب المقدس يصف ما قاله المسيح وما فعله وما عاناه من أجل خلاص الجنس البشري. إن هذا العيد يؤهّلنا لأمر أساسي فعلاً وهو رؤية هذا الوجه، أي ما قال المسيح وما فعل. بكلام آخر، إنّه يغطّي كل الأحداث الخريستولوجية من معمودية المسيح إلى تجلّيه.

مما يظهر أهمية عيد نصف الخمسين، الذي فيه يُعيَّد للمسيح كحكمة الله، أنّ الكنائس التي تحمل اسم الحكمة الإلهية ليست مكرّسة على اسم أي قديس يحمل اسم "الحكمة"، بل هي مكرَّسة لحكمة الله التي هي المسيح. وبحسب دراسات مختلفة فإن هذه الكنائس تعيّد في نصف الخمسين. من الأمثلة النموذجية كنيسة الحكمة الإلهية (أيّا صوفيّا) في القسطنطينية التي تحمل اسم المسيح أي الحكمة الإلهية. وقد غدت هذه الكنيسة نموذجاً لكاتدرائيات أخرى أيضاً. وهكذا يظهر أن الإمبراطورية الرومانية كانت تتمركز حول كلمة الله وحكمته. فكل المسافات في الأمبراطورية الرومانية (البيزنطية) كانت تُقاس بدءً من كنيسة الحكمة الإلهية، ومن هنا نفهم دور كلمة الله وحكمته في حياة هذه الإمبراطورية.

لهذا، إنّ فهم معنى هذا العيد السيدي وأهميته يساعدنا على فهم عمل المسيح أيضاً.

1.

يتزامن عيد نصف الخمسين مع عيد المظال اليهودي، الذي هو ثالث أعياد اليهود أهميةً، بعد الفصح والخمسين. يصف المؤرّخ اليهودي يوسيفوس هذا العيد بأنّه " فائق القداسة والأهمية عند اليهود". كان هذا العيد مُخصصاً لتذكّر إقامة اليهود في البرية في طريقهم من أرض مصر إلى أرض الميعاد. وإذا كان عيد الفصح قد خُصّص لتذكار عبور البحر الأحمر، وعيد الخمسين قد خُصّص لتذكار صعود موسى إلى جبل سيناء لتسلّم ناموس الله، فإن عيد المظال قد خُصّص ليتذكّر اليهود كيف حفظهم الله عجائبياً خلال رحلتهم إلى أرض الميعاد.

سُميّ عيد المظال بسبب الطريقة التي كان يُحتَفَل بها. فقد كان اليهود ينصبون الخيام في الساحات وأفنية الدور وعلى سطوح منازلهم، ويقطنون فيها خلال فترة العيد التي تدوم سبع أيام. على ما يبدو، فإن اسم الاحتفال ومكانه كانا للاعتراف بحماية الله ووقايته لهم بالسحابة المنيرة خلال رحلتهم في الصحراء. إذا اعتبرنا أنّ كل ظهورات الله في العهد القديم هي ظهورات للكلمة غير المتجسّد، وبأن السحابة المنيرة كانت المسيح، نفهم أن عيد المظال اليهودي يشير إلى المسيح.

لقد خُصّص عيد المظال اليهودي لله نفسه من خلال الوصية التي أعطاها لموسى. فقد قال له: "كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: فِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ السَّابعِ عِيدُ الْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لِلرَّبِّ. فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلرَّبِّ. فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلرَّبِّ. إِنَّهُ اعْتِكَافٌ. كُلُّ عَمَلِ شُغْل لاَ تَعْمَلُوا." (لاويين 34:23-36).

وبما أن العيد يتصادف أيضاً مع موسم جني الثمار فهم أيضاً يقدّمون الثمار كشكر لله مع أضاحيهم. وهكذا فقد سمّوه "عيد الحصاد" و"عيد الاجتماع". وقد كانوا يقيمون المهرجانات احتفالاً وبالتالي كان عيداً محبوباً جداً عندهم. لم تكن فكرة قضاء فترة العيد في خيام فكرتهم بل كانت وصية الله التي أُعطيَت أيضاً لموسى: "فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كُلُّ الْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي الْمَظَالِّ. لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ." (لاويين 42:23-43).

ما يهمّنا من الأمور التي ذكرناها هو أنّ عملين رمزيين كانا يجريان خلال عيد المظال اليهودي. الأول، كانوا يقدّمون في كل صباح أضاحي بمحرَقات، وفي الوقت نفسه يحضر الكهنة ماءً من بركة سلوام، يمزجونه بالخمر ويسكبونه على المذبح حيث قُدِّمَت الأضاحي. هذا عنى سكب هبات الروح القدس، كما عنى الماء الذي شربه الإسرائيليون بشكل عجائبي خلال رحلتهم في الصحراء. ثانياً، خلال أول أيام العيد يشعلون القناديل في فناء النساء في الهيكل عند ضحية المساء، وكانت تُرى هذه القناديل من المدينة كلها لأنها كانت ترتفع إلى خمسين ذراعاً.

حمل هذان الحدثان الرمزيان أهمية كبرى لأنهما أشارا إلى المسيح. إلى هذا، كان المسيح مَن أعطاهم الماء خلال رحلتهما في الصحراء بحسب كلمات الرسول بولس: "وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ." (1كورنثوس 4:10). والمسيح كان السحابة المنيرة التي غطّتهم خلال النهار وأنارت في الليل، بحسب الرسول بولس: "أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ، وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ، وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ" (1كورنثوس 1:10-2)

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com