عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

آراء ارثوذكسية _شكرا لقدس الاب الياس خوري

آراء أرثوذكسية في الكنيسة

مجموعة من المؤلفين { 10 }

الكنيسة

للأب سرج بولغاكوف

الكنيسة ليست البناء

لن نتوقف طويلاً عند الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن الكنيسة هي البناء الذي يُعرف بهذا الاسم.

الكنيسة والطائفة

ولكننا سننتقل في الحال إلى اعتقاد أكثر شيوعاً وأشد خطورة وهو الاعتقاد بأن الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً هي الطائفة الأرثوذكسية. أي إن حدود الطائفة هي نفسها حدود الكنيسة. ولكني مسبقاً وصفت هذا الاعتقاد بأنه خطر. والحقيقة أنه لكذلك وخطره على الكنيسة أكثر مما هو على الطائفة. وهاكم مثلاً:

العضوية في الطائفة تكون بمجرد وجود اسم في دائرة النفوس في سجل الطائفة. ولكن هذه العضوية تخوّل المسجّل أرثوذكسياً بعض الحقوق في الطائفة والمؤسسات الكنسية وأن يكون عرّاباً في المعمودية وإشبيناً في الإكليل, بينما يكون من جهة إيمانه لها ملحداً أو غير مكترث بالشؤون الروحية كلها. وقد يشغل وظيفة في الدولة أو يتبوأ باسم الكنيسة وهو غير مؤمن بها. فتكون النتيجة أن شؤون الكنيسة توضع بين أيدي جماعة لا تعترف بالله ولا بكنيسته. وهذا كافٍ لإظهار هول المأساة الناتجة عن هذا الاعتقاد المخطئ الشائع بأن الكنيسة والطائفة شيء واحد. أما كيف يمكن إزالة هذه الازدواجية فلا مجال لبحثه هنا, وما أكتفي بقوله هو أنه بدون حياة رعائية فعلية مستمرة يستحيل تجاوز هذه الآفة. وبالنسبة إلى موضوعنا نقول: الكنيسة ليست الطائفة وإن كانت في الأصل الثانية تقوم على الأولى.

الكنيسة بيعة

وهنالك تعريف آخر للكنيسة نجده في كتب التعليم الديني, التي لا يفتحها الكثيرون ظناً منهم أنها للصغار وحدهم. وفي هذا التعريف الكنيسة جماعة يرتبط أفرادها برابط ديني ويكوّنون البيعة أي الكنيسة. وهذا المفهوم للكنيسة يبنى على كلمة (كنيست) العبرية و (اكليسيا) و (سيناغوغي) اليونانيتين وكلها تعني ما ذكرنا. إذن فمن علامات الكنيسة مبدئياً وجود إيمان مشترك بين أعضائها.

هيا بنا الآن لنخرج من كتب التعليم المسيحي ونصل إلى الرعية التي هي الوحدة الروحية الصغرى في (كنائسنا). وليُسمح لي أن أطرح على وجدان كل واحد منا الأسئلة التالية:

هل صحيح أن ما يربطنا اليوم, إذا كنا مرتبطين, ويجعلنا نؤلف جماعة, إذا كنا فعلاً مجتمعين, هو إيماننا الحي الأصيل ؟ وإذا كان ذلك كذلك فهل من الصحيح أن الواحد منا يتعامل مع الآخرين على قاعدة الإيمان ؟ وإذا كان ذلك أيضاً كذلك فهل يواصلنا إيماننا الواحد إلى وحدة رأي ووحدة اتجاه ؟ وكيف نفسر كون إخوتنا كثيراً ما تعصف بهم الرياح فإذا بهم كل بمبدأ خاص ورأي خاص واتجاه خاص ؟

الغاية من هذه التساؤلات إيقاظنا من غفلة طال أمدها ودفعُنا نحو الكنيسة لكيلا تبقى في طيات الكتب ونكون نحن في واد آخر. وهذا لا يكون بدون رعاية.

الكنيسة شعب الله الخاص

وهناك معنى آخر للكنيسة يمكن استخلاصه من الكتاب المقدس. ففي العهد القديم الشعب العبري هو شعب الله الخاص الذي اختاره في عميق حكمته لا لاستحقاق بشري ولكن بنعمة إلهية. وكان الختان إشارة الانتماء العضوي لذلك الشعب والخاتم الأبدي لجميع أفراد الشعب. والكنيسة اليوم هي خليفة العهد القديم وجماعتها شعب الله الخاص الجديد.

ولكن لا ننسين أن غايتنا من الموضوع رعائية عملية لا لاهوتية نظرية. فلننزل إلى مستوانا ونتساءل: هل تعني معمودية كل منا له أنه فعلاً مكرّس لخدمة الله ومنتمٍ عضوياً إلى شعبه الخاص ؟ هل تعني لنا معموديتنا أننا حقاً متنا للعالم مع المسيح لنشاركه في قيامته ؟ وهل أعطينا رعائياً الزاد الكافي لنسير قدماً من الموت للعالم إلى القيامة بالمسيح ؟ وكيف كان ذلك؟

أما وإذا لم يكن انتماؤنا فعلياً وحقيقياً فكيف نكون حقيقة ورثة العهد القديم ؟

الكنيسة والسلطة

ويذهب البعض إلى أن الكنيسة هي السلطة المعلِّمة لشؤون الإيمان, وأن هذه السلطة في نظر البعض شخص معصوم أو هيئة معصومة أو كتابة معصومة أو كل هذه مجتمعة. وهذه النظرة إلى الكنيسة تجعل ميزتها الأساسية النظام وحسن التعليم. ويعبَّر عن ذلك لدى المؤمنين في طاعة هي ابنة المحبة للراعي والرضوخ للحقيقة وتواضع يجعلهم أن يعطوا القوس باريها في شؤون الإيمان.

وهنا أيضاً يأتينا التساؤل: أين تعليم المعلمين, أين النظام بالمعنى العميق للكلمة ؟ وما هي حقول الحياة عند المؤمنين التي عدّل التعليم سيرتها وحوّلتها الحقيقة إلى الاتجاه المسيحي الصحيح ؟ وأقصد بهذا التساؤل أنه لا يمكن للسلطة أن تكون محسوسة في هيئة المؤمنين إلا إذا كانت هيئة التعليم تعلّم بالفعل وتقدم للناس الحقيقة الإلهية في كل حقول حياتهم: أعني في الدير والبيت والمدرسة والمتجر والعمل والوظيفة والحقل وفي كل مكان.

في الكنيسة سلطة ولكن السلطة ليست الكنيسة.

الكنيسة جماعة ذات الإيمان الواحد

والكنيسة في تعريف بعض اللاهوتيين الجماعة ذات الإيمان الواحد والعبادة الواحدة. ولكن وحدانية الإيمان تنبع من وحدانية شعور المؤمنين ووحدانية حقيقة الإيمان. والمعلوم أنه لا يمكن الاطمئنان إلى وحدانية الشعور بدون تربية المؤمنين, ولا الركون إلى وحدانية حقيقة الإيمان إذا لم تدرّس هذه الحقيقة وتكشف للناس. وهذا يعني أن وحدانية الإيمان قد تصبح وقتاً ما كلاماً فارغاً إذا لم يلازم المؤمنين تربية وتعليم وإلا فبماذا يؤمنون ؟ وكيف يكون إيمانهم واحداً ؟ إن التساوي بالجهل لا يقود إلى اقتناع واحد أو يقين واحد.

كذلك العبادة الواحدة. العبادة لا تكون واحدة إلا إذا كنا نفترض أن الكلمة الواحدة أو الحركة الواحدة تعنيان الشيء نفسه لكل الناس وفي كل آن. وهذا غير الواقع. وما دمنا نحن في الكنيسة الواحدة نمارس تنوعاً في العبادة وعادات مختلفة محلية فلماذا التشبث بتعليم لا نمارسه؟ وما الضرر في أن تكون عبادة خاصة لكل فئة من الناس ومن المفروغ منه أني لا أقصد أسراراً خاصة.

هنا أجيب عن السؤال الأساسي: (ما الكنيسة) ؟ بأن من عناصرها الأساسية وحدة الإيمان وليس بالضرورة وحدة العبادة.

الكنيسة ملكوت السموات

ومن التعاريف التي تحدد الكنيسة القول: الكنيسة هي ملكوت السموات على الأرض. هذا صحيح من ناحية أن الكنيسة من حيث هي من صنع الله وبه تعيش هي مؤسسة سماوية. ولكن ما دمنا نتكلم رعوياً نتساءل هل تكون الكنيسة ملكوت الله إذا لم يكن الله فيها كل شيء ؟ فانظروا معي إذن إلى واقعنا: نجد أننا نشارك في خطيئة المسيحيين العامة أي أننا في ملكوت الله هذا نعمل لمصلحة ونستغل ونغش لا بل (نخون) المسيح, كما قال أحد المفكرين. أين الوجه السماوي في وجوهنا, في مؤسساتنا, في اهتماماتنا, في مقاييسنا الفكرية منها والخلقية.

هذا التحديد للكنيسة يلقي مسؤولية عظيمة على أكتاف أبناء الكنيسة ويجعلهم على الأرض يمثلون السماء, كما يفترض أن اعترافهم بربوبيّة يسوع وملكه يفوق كل اعتراف بأي رب أو ملك. فهل هذا هو الواقع ؟ لا أجسر أن أطمئن إلى واقعنا كما أني, رعائياً, أخاف على أبنائنا أن يناموا على تعابير مثل هذه كما ينام الكثيرون على ماضٍ مجيد ويسكرون بالكلمات. إن تحديد الكنيسة بملكوت الله على الأرض يفترض أن يكون أبناء الكنيسة سماويين في هذه الدنيا وإلا بقيت الكنيسة في إرادة الله فقط ولم تصبح حدثاً واقعياً في التاريخ.

الكنيسة جسد المسيح

وليس الأمر أسهل إذا ما حددنا الكنيسة بأنها جسد المسيح السري ذاك الذي رأس المسيح نفسه وبه يبقى وبالأسرار الإلهية يحيا, إذ إننا من هذا التحديد نفهم أننا كأعضاء في ذلك الجسد يجب أن نعي كوننا نؤلف المسيح بمعنى. إن تعريفاً كهذا للكنيسة قد لا ينطبق علينا نحن إذا لم يرافقه من جهتنا شعور أكيد بأننا من المسيح وفيه. فهل نشعر في الواقع بعضويتنا هذه ومتطلباتها على الأقل كما نشعر بعضويتنا في هيئة أو جماعة أو مجتمع ؟ أنا أعرف الكثيرين ممن يصرفون الجهد والمال في كل نشاط ما عدا الكنيسة, أفلا يحق لنا التساؤل عن مقدار كونهم أعضاء في جسد المسيح السري ؟ ولنذهب في تساؤلنا إلى أبعد من ذلك: إلى أي مدى نحن نشارك في جسد الرب ودمه المقدسين ليقوى انتماؤنا إلى جسد المسيح السري ويصدق ؟ ألا ترون معي أن علينا صرف جهود رعائية جبارة في هذا الحقل ؟

الكنيسة في سر الشكر

وهنالك صورة عن الكنيسة أكثر مما هي تحديد لها وهي تلك التي أعطانا إياها القديس اغناطيوس الأنطاكي وتبسط فيها في عصرنا الحاضر الأب اللاهوتي افناسييف {راجع كتاب (مائدة الرب), منشورات النور}. وهذه الصورة تبرز لنا الكنيسة شعباً يجتمع حول أسقفه في سر الشكر الإلهي وسائر الأسرار. هذا الشعب مبرر وجوده حول أسقفه أنه ارتضى لنفسه الانخراط في المسيح سرياً. ووجود الأسقف هو تجسيم للوجود الرسولي الأصيل في ذلك الشعب. ووجود الشعب مع الأسقف في سر الشكر الإلهي يعني أن كليهما يتغذى ويتنقى بالمسيح حاضراً ومأكولاً تحت صورة الخبز والخمر المحوَّلين. المهم في هذه الصورة عن الكنيسة هي أنها ليست تعريفاً نظرياً للكنيسة بل هي الكنيسة بالفعل في حال ممارستها صفتها الكنسية. فمن وجهة هي مقدسة جامعة رسولية بالنسبة إلى رأسها المسيح ومن جهة أخرى هي كذلك بالنسبة إلى عملها في التاريخ, في الواقع, في الناس الأحياء. كما أن المهم في هذه الصورة هو أنها تمثل لنا الكنيسة جماعة شديدة الارتباط بالمسيح, تلتقي وإياه في عمليه شكر وعرفان له على إنعاماته. وفضيلة الشكر لله هذه أساسية جداً في حياة الكنيسة الفعلية ومن الواجب الملّح تغذيتها وإنماؤها إلى أقصى الحدود ذلك أن فتورها في المؤمنين يعني فتور الإيمان ذاته والخطوة الأولى نحو الاستغناء عن الله في الحياة.

+ ادارة الموقع والجمعية تشكر قدس الاب الموقر الياس خوري لارساله هذه المادة لمنفعة المؤمن، فليباركه الرب بشفاعة والدة الاله.

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com