عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

آراء ارثوذكسية في الكنيسة_نشكر قدس الاب الياس خوري

 

آراء أرثوذكسية في الكنيسة

مجموعة من المؤلفين { 3 }

الكنيسة

للأب سرج بولغاكوف

إن العهد الجديد واضح كل الوضوح في هذا الشأن فهو يضعنا ما وراء هذا التفكير البشري المحض. فليس المسيحيون متحدين فيما بينهم فقط ولكنهم, قبل كل شيء, واحد في المسيح. وهذا الاتحاد وحده أو الشركة مع المسيح يجعل الشركة الحقيقية ممكنة بين البشر, فيه. إن السيد هو محور الوحدة. والقوة التي تعمل وتنظم هذه الوحدة هي الروح القدس. ولذلك فالكنيسة هي (مجتمع إلهي) أكثر منها مجتمع إنساني,, وهي أرضية وبشرية و (منظورة) وفي الزمان والتي يجب أن تكون (في هذا العالم). وفي هذا المعنى تكون شبيهة ببقية الجماعات, ولكنها أيضاً جماعة مقدسة ليست بحد ذاتها (من هذا العالم) ولا من هذا الدهر ولكنها تنتمي إلى (الدهر الآتي) الذي تعلنه وتسبقه. لا يمكننا أن نقول أن المؤمنين يلتفون حول السيد مدفوعين بتوقانهم أو أمانتهم أو رغبتهم الشخصية أو لأن الرب هو الذي يجمعهم ويجذبهم إليه وهو وحده الذي يعطيهم هذا الاتحاد وبدونه لا يمكن أن يكون اتحاد حقيقي. إن الحب والإيمان الحقيقيين ليسا بإحساسات وانفعالات بشرية ولكنهما عطية من الله وتيار المسيح الحيوي بالروح القدس. وإن الحب المسيحي الأخوي لم يؤسس إلا على هذا النسب المتبنى الذي أعطيناه في المسيح يسوع. وبالمعنى الحصري والأصيل فإننا لسنا إخوة فيما بيننا إلا بمقدار ما أصبح المسيح أخاً لكل منا وتبني الكل بالآب السماوي بالنعمة. وكذلك فإن آباء الكنيسة الأرثوذكسية الروحيين يلحون بصرامة نادرة على التفريق الحاسم بين التأثيرات (النفسية) أو (الطبيعية) وبين الحقائق الروحانية أو بالأحرى حقائق الروح القدس. حتى في المستوى الأخلاقي الخالص ليست الوحدة أبداً هي خليقة الإنسان بل الله هو الذي يهبها دوماً. لأن منبع الوحدة هو الله نفسه والنموذج الوحيد للاتحاد الكامل هو الثالوث القدوس حيث الأقانيم الثلاثة يكوّنون كائناً واحداً وحيداً. ويجب على اتحاد المسيحيين أن يأخذ هذا المثل الأعلى نموذجاً له. إن وحدة البشر الأخوية نفسها تقوم على عمق كياني. وقد قلقت الخطيئة الجدية هذه الوحدة العميقة بصورة خطرة جداً ومزقت هذه الوحدة البشرية ولم يصلحها سوى المسيح الذي أرجع الجنس البشري إليه وأعاد له الإمكانية المفقودة للاتحاد. ولذلك فإن الروح الجماعية الصحيحة لا يمكن أن تكون إلا بالشركة الصوفية مع إنسانية الكلمة المتجسد.

فالكنيسة إذاً هي أرفع من أن تكون طائفة بشرية فقط لأن المسيح نفسه ينتمي إلى هذه الطائفة وهو رأسها وليس هو الرب والمعلم والرئيس فقط. ليس المسيح فوق الكنيسة أو خارجها, وليس المؤمنون هؤلاء الذين يتبعونه ويطيعون وصاياه فقط بل الذين يعيشون به وقد ضُموا إليه أو بالأحرى الذين يسكن فيهم سرياً. ولذلك فمن الضروري جداً أن نلاحظ بأن الجماعة المسيحية, (الكنيسة), هي جماعة مكرسة أو (أسرارية), وأن وحدة الكنيسة تحقق في الأسرار: المعمودية والعشاء السري هذان (السران الاجتماعيان) اللذان تظهر وتُختم بهما قوة الالتحام المسيحي الحقيقية. وبمعنى أقوى نقول إن الأسرار تكوِّن الكنيسة وبها تتخطى الجماعة المسيحية المقاييس البشرية وتصبح بذلك الكنيسة. ولأجل ذلك فإن (توزيع الأسرار الصحيح) يدخل في جوهر الكنيسة. ولا بد أنه يجب أن تُقبل الأسرار بكل تقوى, وبالتالي لا يمكن أن تُفصل عن المجهود الروحي وعن حالة المؤمنين الداخلية. يجب أن يكون الإنسان مستعداً للمعمودية بالتوبة والإيمان. فإن الاتصال الشخصي يجب أن يوطد, في أول الأمر, بين المريد وربه بكرازة الكلمة ورسالة الخلاص التي يجب أن يتقبلها القلب التائب. ثم إن الالتزام بالأمانة نحو الله ومسيحه شرط أساسي لاقتبال المعمودية ولذلك فالموعوظون يُكتتبوا بقوة إيمانهم بين المؤمنين. وبالإضافة إلى ذلك فإن نعمة المعمودية تحفظ بالإيمان والأمانة, بالمواظبة على الإيمان والأمانة للالتزام. أما فاعلية المعمودية فلا تأتي إلا من الروح القدس الفاعل الأخير والوحيد للولادة الثانية, أي الولادة الروحية. إن الأسرار بالإجمال ليست فقط علامات الإيمان ولكنها بالأحرى سمات النعمة الفاعلة, سمات عطية الله المجانية, وهي ليست برموز التوقان البشري ولكنها بالمعنى الصحيح علامات خارجية للفعل الإلهي. بها يرتبط أو يرتفع وجودنا البشري نحو الحياة الإلهية بواسطة الروح القدس (الذي يهب الحياة).

وأما بالمعنى الحصري للكلمة فإن الجماعة الماسيانية التي جمعها المسيح لم تمكن الكنيسة قبل آلامه وتمجيده وقبل أن ينزل عليها (الوعد الأبوي) و (تلبس قوة من فوق) و (تعمد بالروح القدس) (لو29:24, أعمال 4:1- 5), مع أن سر الوحدة الأعلى, أي سر الشكر, كان قد رتب في عشية الآلام نفسها. وذلك لأنها كانت تحت ظل الناموس قبل أن يعلن انتصار الصليب في مجد القيامة. وقد كان ذلك ليلة الإنجاز. إن العنصرة حدثت لتشهد لانتصار المسيح وتختمه. والحق يقال أن (الدهر الجديد) أُعلن وابتدأ في تلك البرهة. فحياة الكنيسة (الأسرارية) إذاً هي تتمة ليوم العنصرة أو بعبارة أَولى إن حياة الكنيسة مؤسسة على سرين متكاملين: سر العشاء السري وسر العنصرة, وهذه الثنائية سنجدها في كيان الكنيسة.

إن حلول الروح القدس كان بالحقيقة الإعلان النهائي. فقد دخل الروح المعزي إلى العالم مرة واحدة وإلى الأبد في سر عظيم وفائق الوصف, إلى عالم لم يكن حاضراً فيه بالصورة التي ابتدأ فيها آنذاك. إن ينبوع الماء الحي الذي لا يفرغ فاض في ذلك اليوم على هذه الأرض وفي هذا العالم الذي اشتراه المسيح المصلوب والممجد وصالحه مع الآب. لقد أتى الملكوت لأن الروح القدس نفسه هو الملكوت كما يقول غريغوريوس النيصصي. إن مجيء الروح القدس يتعلق بصعود المسيح (يو7:16). (معزي آخر) يأتي ليشهد للابن ويعلن مجده ويثبت انتصاره (26:15, 7:16, 14). وقد مجد الرب نفسه بالروح ليعود إلى خاصته فيسكن بينهم إلى الأبد (18:14, 28). فالعنصرة كانت إذن التكريس الصوفي ومعمودية الكنيسة كلها (أعمال 5:1). ومعمودية النار هذه منحها السيد: هذا هو الذي يعمِّد (بالروح القدس والنار) (متى 11:3, لو 16:3). لقد أرسل الروح القدس من عند الآب كضمانة في قلوبنا. وهو روح التبني في المسيح يسوع, (قوة المسيح) (2كور9:12). بهذا الروح نعرف ونعترف أن المسيح هو الرب (1كور3:12) لأن عمل الروح في المؤمنين هو إدخالهم في المسيح ومعموديتهم في وحدة جسد المسيح (13:12). وكما قال القديس أثناسيوس الكبير: (إننا نشرب المسيح ونحن مروون من الروح), لأن الصخرة التابعة كانت المسيح.

وكما لا يخفى, أن المسيحيين متحدون بالروح القدس مع المسيح وفيه ومقامون بجسده. جسد المسيح! فيا له من تشبيه رائع يستعمله القديس بولس في عدة نصوص عندما يصف سر الوجود المسيحي. وهو في الوقت نفسه أفضل شهادة يمكن أن نؤديها لخبرة الكنيسة الرسولية الداخلية. إن كنيسة المسيح واحدة في سر الشكر لأن هذا السر هو المسيح عينه, آدم الجديد ومخلص الجسد, الذي يسكن بطريقة سرية في الكنيسة, والكنيسة هي جسد هذا الرأس وهي مجموعة أعضاء نامية أكثر منها طائفة وفي الوقت نفسه هي مجموعة أعضاء المسيح حيث تنساب وتستمر حياته الممجدة. ومن المرجح أن يكون هذا التعبير (الجسم العضوي للمسيح) (Organisme du Christ) أفضل كلمة للتعبير بلغة عصرية عن (الجسد) (Soma) الذي استعمله القديس بولس. وكذلك أيضاً فإن المشابهات والصور الأخرى التي يستعملها بولس الرسول وغيره في العهد الجديد تبرز بنفس الطريقة الوحدة العضوية بين الرب والمؤمنين: عروس الرب والعرس السري بين المسيح والمؤمنين, البناء المشيّد بحجارة مختلفة حية, الكرمة وأغصانها وآخر غيرها. كل هذه الصور تهدف إلى غاية واحدة رئيسية, ومن بينها تظهر صورة الجسد أقواها تعبيراً.

وفوق ذلك فإن الكنيسة هي جسد المسيح (وملؤه). إن هذين التعبيرين (جسد وملء) يكمل الواحد منهما الآخر وهما متحدان في فكر بولس الرسول, الواحد مفسر الآخر: (التي هي جسده وملء الذي يملأ الكل في الكل) (أفسس 23:1). وهي تكون جسده بمقدار ما تكون ملؤه. والقديس يوحنا الذهبي الفم يعطي ذات المعنى لفكرة بولس إذ يقول: (كما أن الرأٍس يتمم الجسد والجسد متمم بالرأس هكذا الكنيسة هي تمام المسيح). المسيح ليس وحده, (لقد أعدّ الجنس البشري ليتبعه فيلتصق به ويلحق بموكبه). والذهبي الفم يزيد فيقول: (أنظروا كيف أن القديس بولس يمثله (المسيح) كأنه بحاجة إلى جميع الأعضاء. وهذا يعني أن الرأس لا يصبح في تتمة الامتلاء إلا عندما يصبح الجسد كاملاً, عندما نصبح كلنا متحدين معاً ومرتبطين بعضنا ببعض). وبتعبير آخر إن الكنيسة هي شمول و (ملء) التجسد أو بالأحرى حياة الابن المتجسد (مع كل ما أُجري لأجل خلاصنا: الصليب والقبر والقيامة في اليوم الثالث والصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب) (قداس يوحنا الذهبي الفم, قبل الاستحالة, في الأنافورا). إذاً فالتجسد يستمر ويكتمل في الكنيسة, التي هي, بمعنى من المعاني, المسيح نفسه في ملئه الذي يشمل كل شيء (1كور12:12)... وبتعبير نيجرن: (إن جسد المسيح هو المسيح نفسه, والكنيسة هي المسيح ما دام حاضراً فيما بيننا بعد قيامته ومجتمعاً بنا على هذه الأرض). وأخيراً بتعبير كارل أدام: (إن المسيح الرب هو أنا الكنيسة الحقيقي).

+ ادارة الموقع والجمعية تشكر قدس الاب الموقر الياس خوري لارساله هذه المادة لمنفعة المؤمن، فليباركه الرب بشفاعة والدة الاله.

 

 

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com