الاثنين الثالث من الصوم الكبير : Jn 8,21-27

تعليق على الإنجيل
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
المقالة 39

"-مَن أَنتَ؟ -أنا ما أَقولهُ لَكم مُنذُ بَدءِ الأمر"

إنّ اليهود الذين أصبحوا شهودًا على معجزات يسوع المسيح وتلقّوا تعاليمه الإلهيّة منذ فترة طويلة، ما زالوا يتجرّأون على طرح هذا السؤال عليه: "مَن أَنتَ؟" ما كان جواب المخلّص؟ "أنا ما أَقولهُ لَكم مُنذُ بَدءِ الأمر". أي إنّكم غير جديرين بسماع كلماتي، كم بالأحرى أن أقول لكم مَن أنا. أنتم تسألون لمجّرد إيقاعي في التجربة ولا تبدون أيّ اهتمام لما أقوله لكم؛ لذا، يحقّ لي أن أدينكم وأن أعاقبكم. "عِندي في شَأنِكُم أشياءُ كَثيرة أقولُها وأحكُمُ فيها". وكان قد قال في وقت سابق إنّه لا يحكم على أحد. لكن عبارة "لا أحكم" مختلفة عن عبارة "عِندي في شَأنِكُم أشياءُ كَثيرة أقولُها وأحكُمُ فيها". العبارة الأولى تتعلّق بالحاضر، فيما تتضمّن العبارة الثانية كلمات نبويّة عن الدينونة الأخيرة. إذًا، ستحلّ الحقيقة مشكلة حكمي، لأنّني ابن ذاك الذي هو صادق، كما أنّني الحقيقة عينها: "على أنّ الذي أرسَلَني صادِق". الآب صادق، لا من خلال المشاركة في الحقيقة، بل من خلال خلقها.