عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اخبار مسيحية

سر الافخارستيا

سرُّ   الإفخارستيَّا

 

ما هو الحدث؟

الحدث مهما كان لا يتكرر مطلقاً. الحدث يتعلَّق جوهرياً بالزمان، تلك طبيعة له خاصة، وينتهي في لحظة يمرُّ فيها. نستطيع أن نقلِّده، أو نثير ظروفاً تشابه ظرفاً أوجده، إنما لا نقوى على إرجاعه أو تكراره. يظهر مرة ولن يعود. حدث تاريخي واقعي، لا يثبت بذاته بل يبقى في الحافظة، يُذكر ويثبت بنتائجه.

ما هو التذكار؟

أما التذكار، تذكار الحدث الذي وقع مرة في التاريخ، فهو احتفال يتمّ في حاضر الإنسان ويجعل الحدث التاريخي معاصراً. والحالة هذه، فالكلام ليس عن تذكار شخصي، ولا عن استحضار لفظي أو طقسي، بل عن بروز الحدث الباريخي بقوته وفاعليته في الآن والواقع.

التذكار هو استحضار (تأوين) هذا الحدث تحت منسوج الرموز الطقسية بغية التشبُّع من فاعليته. هذا هو الإحتفال السنوي بعيد الفصح الذي يُشركه التقليد الكتابي بحدث الخروج من أرض مصر.

نأتي فيما يلي على وصف دقيق لمفهوم التذكار، هذا المفهوم المتأصِّل في الكتاب المقدس:

"نعلم أن كل لون أو كل شكل من الطعام كان له معناه. عند تناوله، كان باستطاعة اليهود إحياء تاريخ التحرُّر والخروج من مصر رمزياً وسرياً فيصبحون معاصرين لآبائهم محرَّرين معهم، أو آباؤهم يصبحون معاصرين لهم. التذكار هو لقاء في التاريخ ازمنين: الحاضر والماضي. فيصير إذ ذاك الحدث الماضي معاصراً، أو كل شخص منهم للحدث الماضي معاصراً".

نعود إلى مرجع آخر يصف لنا التذكار مضيفاً عليه بعض أضواء، يقول: "الجميع يعلم ما الأهمية لمفهوم التذكار في التعبير الديني اليهودي. نستطيع القول على التقريب: إن التذكار في العهد القديم هو فعل عبادة أو احتفال فيه يتمّ التذكير بحدث ماضٍ للخلاص، بغية أن تعاش في الحاضر نعمته وقوته الخلاصية، من خلال فعل الشكر وانتظار الملء العتيد أي الخلاص النهائي.

النموذج في ذلك هي وليمة الفصح اليهودي كما يصفها سفر الخروج وسفر الأحبار من خلال رتب مختلفة: أكل الحمل الفصحي والخبز الفطير والأعشاب المرَّة. وفي جوٍّ يعبق بأناشيد الفرح كان الشعب الإسرائيلي بكامله يحيي ذكرى معجزة تحريره من أرض مصر. المقصود من هذا الإحتفال هو جعل الفصح حالياً، بحيث أن يتمكن الشعب في الزمان والمكان الحاضرين، من الإشتراك به والإمتلاء من قوته وفاعليته.

كانت الجماعة إذاً تشترك في الحاضر بقوة الحدث المحرِّر الخلاصي الماضي بانتظار خلاص نهائي. فالتذكار يفرض -وهذا مهم - وجوداً موضوعياً لمل يُقام تذكاره لا ينفصم عن انتظار حقيقة مرتقبة. إن معجزات الماضي تصبح حالية بالإحتفال التي هي موضوعه. وإذ تعاش سرياً تمسي عربون تحرير كامل ونهائي. هذا هو التقليد الليتورجي حيث الإفخارستيا تجد جذورها ومنه تصير قريبة المنال".

فالتذكار هو إذاً فعل عبادة، فيه وبه يعاش حدث الخلاص ضمن أبعاد الزمن الثلاثة دون انفصام: الماضي والحاضر والمستقبل. فعل العبادة هذا هو بالنسبة إلى الماضي تذكير بالحدث، بالنسبة إلى الحاضر هو تأوين له، وبالنسبة إلى المستقبل هو استباق له وانتظار.

من هذا المنطلق وجبت هذه الضرورة الأساسية:

الحضور الموضوعي، حضور ما فوق الزمن لما تُقام ذكراه. وفي الوقت عينه ترقُّب وانتظار تحقيق حدث مستقبلي. بهذا المعنى يجد الفصح اليهودي في فصح السيد المسيح غايته الأصيلة.

- الفصح السنوي اليهودي.

هو احتفال عائلي صِرف يتضمّن خدماً أربع. كل واحدة منها تتميَّز عن رتبة الكأس التي تُملأ منذ بداية الإحتفال. ويأتي لوقا على ذكرها في وصف العشاء الأخير (راجع لو 22/17-18).

الخدمة الأولى أو "القيدُّوش" تقام في الأعياد وفي السبوت يؤكل أثناءها نوع من المقبَّلات.

الخدمة الثانية وهي العنصر الرئيسي في وليمة الفصح تتكوَّن من سرد قصة الخروج (قصة الخروج، ثم مزامير التهليل 112و113/1-8، وبركة الخلاص) يتبعها العشاء. ويتكوّن من الحمل الفصحي، أعشاب مرّة، خبز فطير. يسأل صغير العائلة كبيرَها عن معنى هذا الإحتفال فيسرد ربُّ البيت قصة الخروج ثم يُنشدون مزامير التهليل (مز 112،113/1-8) وبركة الخلاص. ثم يباشرون الطعام بحسب الشعائر المألوفة: غسل اليدين وتبريك الخبز.

الخدمة الثالثة تتألَّف كلياً من بركات الشكر التي تتلى عند تناول أية وجبة طعام.

الخدمة الرابعة هي امتداد لما تقدَّم تتألف من مزامير التهليل الجزء الثاني: مز113/9، ثم من بركة النشيد وبركة ختامية.

أما قوام الوليمة الفصحية فهي بغاية البساطة: عناصرها الطقسية ثلاثة: القصة-التبريكات، ومزامير التهليل-الوليمة/العشاء. فتنسيق هذه العناصر بسيط جداًّ: بقطع النظر عن الخدمة الأولى، رتبة الفصح ليست إلاّ وليمة العيد، يسبقها سرد قصة الخروج وإطارها مزامير التهليل. ينتج عن هذا التنسيق أن التذكار الفصحي اليهودي جوهره الوليمة الطقسية.

مضمون الفصح اليهودي السنوي:

لرتب ونصوص الوليمة الفصحية مضمون وافر المعاني. المعنى الأساسي هو التذكار دون أدنى ريب. من أجل تقييمه كان من الضروري التمييز بين تذكار الكلمة والتذكار الطقسي الموضوعي.

تذكار الكلمة:

إذ تبدأ الوليمة الفصحية بسرد قصة الخروج فهذا يعني أنها أولاً تذكار الكلمة، أو تذكار أدبي قِوامه سرد قصة، قصة الخلاص، مع أناشيد وتبريكات. لهذا بعد افتتاح الإحتفال بالخدمة الأولى وسؤال صغير العائلة يسرد رب العائلة خروج الآباء حسب (خر13/8): "وتخبر ابنك في ذلك اليوم قائلاً: هذا لسبب ما صنع الرب لي حين أخرجني من مصر، ويكون علامة على يدك وذِكراً بين عينيك لكي تكون شريعة الرب في فيك لأن الرب بيد قديرة أخرجك من مصر. واحفظ هذه الفريضة سنة فسنة".

التذكار الطقسي الموضوعي:

غير أن الفصح هو قبل كل شيء تذكار موضوعي، أعني احتفال طقسي. وعليه فالإحتفال، إذ يُفتتح بسرد قصة الخروج ويتضمن تهاليل وتبريكات يتألف جوهرياً من الوليمة التي تشكِّل جوهر التذكار. فعلى كل المدعوِّين أن يشتركوا فيها اشتراكاً فعلياً لأنهم جميعاً معنيون بتحرير الآباء: "لم يخلِّص الرب القدوس آباءنا وحدهم بل خلَّصنا نحن أيضاً. لهذ علينا أن نمدحه ونسبِّحه ونمجِّده".(التلمود).

فأجيال إسرائيل كلها معنية بذكرى الفصح. هناك معنى آخر للتذكار، هي الوجهة المعادية- النهيوية= أي مجيء المسيح. هذه الناحية، أساسها الإيمان المعبَّر عنه بسرد قصة الخروج، أي أن تحرير إسرائيل كان عمل الله بالذات. وإذا كانت الناحية المعادية هذا أساسها، فهي تدعو إلى انتظار تدخُّل الله ثانية في تاريخ شعبه ليخلِّصه الخلاص النهائي بالمسيح المنتظر. وإذا كان الإيمان الفصحي أساسه تدخُّل الله في الماضي فهو يلزم أيضاً في الحاضر وفي المستقبل. ضمن هذا الأفق، بركة الخلاص تعبِّر عن انتظار وليمة جديدة وحقيقية في أورشليم والهيكل مرمَّمين. وهذا الرجاء عينه يظهر في الإبتهال العادي في فعل الشكر، في البركة الختامية والهتاف الختامي: "السنة القادمة في أورشليم مجددة".

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com