الأربعاء الأوّل بعد الدنح : Jn 3,22-30

تعليق على الإنجيل
القدّيس أوغسطينُس (430-354)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
مقالة عن القدّيس يوحنّا

"لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر"

فليكبُر فينا مجد الله وليصغُر مجدنا لكيما بالله يعظُم شأننا أيضًا. هذا ما قاله الرسول، وما أتت على ذكره الكتاب المقدّس: "مَن افتخر فليَفتَخر بالربّ!" (1قور1: 30). أتريد أن تُفاخر بذاتك؟ غير أنّه في الوقت الذي فيه تريد أن يعظُم شأنك، فإنّك تكبُر، يا لتعاستك، بالشكل الخاطئ. ومَن يكبُر بالشكل الخاطئ يصغُر.
فليَكبر الله الدائم الكمال إذًا فيك. لأنّه كلّما عرفت الله أكثر وفهمته أكثر، كلّما كبُر فيك، رغم أنّه لا يكبُر بذاته، لأنّه كامل دائمًا. في الأمس، قليلاً ما كنت تعرفه، واليوم تعرفه أكثر وفي الغد ستزداد معرفتك به: نور الله بذاته هو الذي يكبُر فيك، ويبدو لك بذلك أنّ الله يكبُر، هو الدائم الكمال.
كان رجل مصابًا بالعمى وما لبثت عيناه أن تماثلتا إلى الشفاء. عندئذ بدأ يرى القليل من النور، وفي اليوم التالي تحسّن نظره. بدا له أنّ النور يكبُر لكنّ النور كامل، سواء رآه أم لم يره. هذا هو حال الإنسان الداخلي: يتقدّم في الله ويبدو أنّ الله يكبُر فيه، في حين أنّه يصغُر ليسقُط عن مجده ويرتفع في مجد الله.