عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

لماذا سجد المجوس؟

سبت ما بعد الميلاد : Mt 12,15-21

تعليق
للقديس يوحنا الذهبى الفم
من كتاب إنجيلك نور لحياتي

في سجود المجوس

1- أرأيت أن الحوادث كلها آلت إلى تقريع اليهود لأنهم ما داموا لم يروا المسيح ولم يأسرهم الحسد كانوا يخلصون الشهادة للحقيقة فلما أبصروا مجده الناشئ عن عجائبه تولاّهم الحسد فأبوا أن يشهدوا للحقيقة. أما الحقيقة فكانت تعلو على الجميع وكان يشهد لها خصومها شهادة أعظم. فتأمل هنا أيضاً كيف تدبّرت أمور عجيبة غريبة. لأن البرابرة واليهود يتبادلون المعارف بعضهم بع بعض ويلقون الدرس بعضهم على بعض. فاليهود كانوا يسمعون من المجوس أن نجماً نادى بماسيّا في بلاد فارس، والمجوس كانوا يقتبسون من اليهود المعرفة بأن هذا الذي بشَّرَ به النجم إنما هو رجاء الأمم الذي تنبأت عنه الأنبياء قديماً قبل عصور كثيرة. فالأسئلة والأجوبة جعلت الفريقين يتلقّيان معارف أدقّ وأوضح. وها هم أعداء الحقيقة يضطرون إلى قراءة الآيات التي تشهد للحقيقة، ويفسّرون النبؤة وإن لم يكن كلها، لأنهم قالوا: من بيت لحم سيخرج مدبّر اسرائيل دون أن يتمّوا قراءة الآية وذلك مداراة للملك. وما هي تتمة الآية؟ "ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل".وسائلٍ: بما أنه سيولد في بيت لحم فلماذا أقام في الناصرة بعد مولده ملقياً ظلاًّ على النبوءة؟- في الحقيقة لم يلقِ عليها ظلاًّ بل بالحري أبان الغامض منها. لأن إقامة أمه في مكان، ووضعها في مكان آخر، لَمِمَّا يبين الأمر الذي هو من تدبير الله. لذلك لم يترك بيت لحم فور مولده لكنه أقام فيها أربعين يوماً معطياً الزمن الكافي للذين يريدون أن يدقّقوا في البحث عن جميع الأمور، لأن أموراً كثيرة كانت تستدعي هذا البحث لو أرادوا أن يعيروها قلباً واعياً. فما قَدِمَ المجوس قامت المدينة كلها وقعدت هي والملك نفسه. ثم عُقِدَ المجمع العظيم وذُكر الني. وحدثت أمور أخرى قصَّها القديس لوقا بدقة. من ذلك ما كان من أمر حنّة وسمعان وزخريا والملائكة والرعاة. وهذا كله من شأن أن يهيّئ أسباب البحث عن الحدث العظيم. فإذا كان المجوس الذين جاءوا من المشرق لم يجهلوا المكان، فبالأولى المقيمون في المدينة كان باستطاعتهم أن يعرفوه. فمنذ البدء إذاً أعلن المسيح نفسه بعجائب شتى. لكن إذ لم يشأ اليهود أن يروه، اختبأ بعض الزمن ثم ظهر فيما بعد بأكثر إشراقاً من قبل. حينئذٍ لم يبشِّر به المجوس، ولا الكوكب، وإنما الاب أعلنه من السماء في مجاري الأردن، ونزل الروح القدس جاذباً معه ذلك الصوت واستقرَّ على رأسه وقت عماده. وكان يوحنا يصرخ بكل جرأة في كل صقع مالئا بتعاليمه اليهودية والبلاد الآهلة والمقفرة. نعم إن شهادة العجائب والأرض والبحر والخليقة كلهاكانت ترسل صوتاً جهوراً لتأييده. على انه في وقت المولد نفسه حدثت آيات كثيرة تدل على مجيئه. فلئلا يقول اليهود: اننا لا نعرف الزمان ولا المكان اللذين وُلد فيهما، فقد جرت مع المجوس الأمور التي ذكرناها، وجرى غيرهما مما لا يدع سبيلاً لليهود لأن ينتحلوا أعذاراً لتركهم البحث عن الحدث الخطير.2- فانظر إحكام هذه النبوءة: فهي لا تقول أن ماسيّا سيقيم في بيت لحم بل: "سيخرج". فيكون معناه أن الولادة فقط ستكون في بيت لحم. وقد بلغت الوقاحة ببعضهم إلى أن يزعموا أن هذه النبؤ ة تختص بزروبابل فهل لمدعاهم ذرَّة من الصواب؟ أمِنَ الممكن أن يُقال عن زروبابل هذا: "إن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل"؟ أو أن يطبَّق عليه صدر الآية: "إن منكِ سيخرج"؟ انه لم يولد في الهودية بل في بابل، واسم زروبابل نفسه يدل على أصله. ومن يعرف لغة السوريين لا يجهل ما نقول. وعلاوة على ما أسلفنا فإن الأيام التي جاءت فيما بعد أقامت الدليل على الحقيقة نفسها. فماذا يقول النبي؟ "لستِ الصغيرة في رؤساء يهوذا". وتأييداً لشهرتها يضيف قائلاً: "لأنه منكِ سيخرج". وفي الواقع ان ذلك المكان لم يجعله أحد شهيراً ومجيداً إلاَّ المسيح وحده. فنذ مولده لم يفتأ الناس يقبلون إليه ليشاهدوا مكان المهد والمذود. وهذا ما يعبِّر عنه النبي بقوله: "لست الصغيرة في رؤساء يههوذا" (ميخا 5: 2). أي تلك القبيلة التي تتبوّأ المكان الأول بين سائر القبائل التي تدخل في نظامها أورشليم نفسها. ومع ذلك كله لم يتنبّه اليهود ولو أن ذلك يعود إلى صالحهم الخاص. لأن الأنبياء لم يصفوا مجد المسيح في الأصل وصفهم للخيرات التي سيسبغها على اليهود.فعند اقتراب وضع البتول قال الملاك: "وتسميه يسوع". ثم أضاف "لأنه سيخلّص شعبه من خطاياهم". ولم يقل المجوس أين إبن الله؟ وإنما قالوا: "أين المولود ملك اليهود"؟ كذلك لم يقل النبي: "سيخرج منك ابن الله". بل قال "المدبر الذي يرعى شعبي اسرائيل". لأنه كان من اللازم أن يكون الكلام في المقدمة على غاية من الوضاعة لئلا يتشكّك اليهود، ولئلا يدور الكلام على خلاصهم فقط ليتمكن الإنجيلي من اجتلابهم إلى المسيح. إن جميع الشهادات الأُول التي أُوردت والتي جاءت فوراً بعد مولده لم تفعل شيئاً خطيراً ولا سامياً، لا كالتي جاءت بعد إظهار العجائب لأن هذه تنطبق بأجلى بيانٍ بسمو منزلته. فاسمع ماذا يقول النبي عن التسابيح التي سينشدها الأطفال بعد أن يكون صنع آيات كثيرة: "مِن أفواه الأطفال والرُضَّع أصلحت تسبيحاً" (مزمور 8: 3). وأيضاً: "اني أرى سمواتك عمل أصابعك" (مزمور 8: 4). الشيء الذي يدل على انه مبدع الكون. وهذه الشهادة التالية التي تحققت بعد صعوده تبين مساواته لأبيه: "قال الرب لربي اجلس عن يميني" (رومية 9: 6 و8). وأما أشعيا فيقول: "القائم ليملك الشعوب وإياه تترجى الأمم" (رومية 9: 6 و8). ولماذا يقول النبي: "إن بيت لحم لن تكون الصغيرة بين رؤساء يهوذا"؟ لأن هذه البلدة ليس انها لم تكن شهيرة في فلسطين فقط بل في العالم كله. لكن الكلام يوجه الان إلى اليهود لذلك أردف قائلاً: "ليرعى شعبي اسرائيل". لأنه يجب أن يرعى العالم كله. لكن كما كنت أقول لا يريد أن يشكك اليهود ولهذا السبب يعرض عن الكلام فيما يخص سائر الأمم.قد يُقال: لماذا لم يرعَ الشعب اليهودي؟ بلى قد رعاه لأن الني عندما يتكلم هنا عن اسرائيل إنما يعني الذين سيؤمنون به من اليهود. وهذا ما فسَّره بولس بقوله: "ليس جميع الذين من اسرائيل هم اسرائيليون بل أبناء الإيمان والموعد هم يحسبون نسلاً" (رومية 9: 6 و8). وإن لم يرعهم جميعهم فالذنب ذنبهم والملام عليهم إذ كان ينبغي أن يسجدوا مع المجوس ويمجدوا الله، إذ قد حان وقت الصفح عن خطاياهم. (على أنه لم يبلغ سمعهم شيء من محكة أو حساب بل عن راعٍ حكيم وديم). لكنهم فعلوا النقيض واضطربوا وهاجوا تم أخذوا ينصبون الحبائل. "حينئذٍ دعا هيرودس المجوس سرّاً وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر"، عازماً على قتل المولود. الأمر الذي دلَّ على حمقه فقط، بل على فقدان رشده، بل على جنون مطبق. لأن ما قيل وما حدث كان من شأنه أن يحوّله عن عزم مثل هذا، إذ الحادث لم يكن بشرياً. ان كوكباً يدعو المجوس من علُ، ورجالاً برابرة يقومون برحلة طويلة ليسجدوا للطفل الذي لا يزال في المهد واللفائف، وإن أنبياء تنبّأُوا عن ذلك قديماً، وأموراً أخرى لا سبيل إلى إحصائها كل ذلك كان حقّاً بعيداً عن أن يكون لإنسان. لكن الطاغية لم يثنهِ عن عزمه شيء.ها هو اللؤم يصطدم بنفسه ويقدم على أمور لا يستطيع تحقيقها. تأمل هذا الجنون: إن كان يؤمن بالنبوءة ويحسبها غير متغيرة فمن الجليّ أنه يقدم على أمور لا يمكن تحقيقها. وإن لم يؤمن بها ولا يعتقد أنها تتم فليس من باعث إلى الخوف والجزع ونصب الأشراك في الخفاء. ففي الحالين كان لا فائدة من الاحتيال. ولمن أقصى الجنون أن يظن أن المجوس يفضلونه على الطفل قبل أن يكونوا رأوه فكيف يدخل في خلد هيرودس انه يستطيع إقناعهم بتسليمهم إياه بعد أن يكونوا شاهدوه وتحققوا أمره من النبوءة. ومع هذا كله بالرغم من جميع الأسباب التي من شأنها أن تثنيه عن عزمه لبثَ مصرّاً عليه: "فدعا المجوس سرّاً واستخبر منهم". لأنه كان في حسبانه أن اليهود يهتمون بأمر الطفل. ولم يسبق إلى

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com