الخميس الثاني من زمن المجيء : Mt 11,11-15

تعليق على الإنجيل
القدّيس غريغوريوس الكبير (نحو 540 - 604)، بابا روما وملفان الكنيسة
عظة الميلاد

\"إنّ ملكوتَ السَّمواتِ يُؤخَذُ بالجِهاد، والمُجاهِدونَ يَختَطِفونَه\"

\"أعِدّوا طريقَ الربِّ؛ واجعَلوا سُبُلَهُ مُستَقيمَةً\" (متّى3: 3). كلُّ مَن يُبَشِّر بالإيمان الحقيقيّ وبالأعمال الصّالحة، إنّما يُعِدُّ طريقَ الربّ في قلوب مُستَمِعيه لكي تَبلُغَها النعمة وتُنيرَها الحقيقة، فيجعلَ بذلك سُبُلَ الله مُستَقيمَةً... \"فمنذ أيّام يوحنّا المعمدان إلى يومنا هذا، يؤخَذُ ملكوت السَّموات بالجِهاد، والمُجاهِدون يَختَطِفونَه\". هذه فكرة تستحقّ التعمّق فيها. ثمّة ما يدعو إلى التساؤل حول كيفيّة أخْذ ملكوت السموات بالجِهاد. مَن يمكنه أن يدخُلَ إلى السماء؟ وإن كان صحيحًا أنّ ملكوت السموات يؤخذ بالجِهاد، فلماذا لم يحصل ذلك إلاّ منذ زمن يوحنّا المعمدان وليس قبله؟
كانت الشريعة القديمة تطالُ الخطأة بعقوباتها القاسية، لكن بدون أن تعيدَهم إلى الحياة من خلال التوبة. غير أنّ يوحنّا المعمدان المُبشِّر بنعمة المُخلِّص، جاء مثل إيليّا ثانٍ ليُبشِّرَ بالتوبة، كي يتمكّن الإنسان الخاطئ الذي مات بسبب خطيئته، من أن يحيا من خلال توبته. هذا يعني أنّ ملكوت السماوات انفتحَ فعلاً منذ ذلك الحين للذين يأخذونَه بالجِهاد... منذ زمن يوحنّا المعمدان نبيّ الكلمة، بدأ ملكوت السموات يؤخذ بالجِهاد؛ فحين دعا الخطأة إلى التوبة، علَّمهم كيف يدخُلونَ إلى ملكوت السموات بالجِهاد. أيّها الإخوة الأحبّاء، في زمن استعدادنا لمجيء المُخلِّص، فلنُفكِّر نحن أيضًا في كلِّ ما اقترفناه من آثام... ولنَسرُق إلى الملكوت من خلال توبتنا. إنّ يسوع المسيح يريد أن يتحمَّلَ منّا هذا الجهاد. إذًا، هلمّوا ندخلُ إلى المكان الذي لا نستَحقُّه بجَدارتِنا.