الأربعاء الثاني من زمن المجيء : Mt 11,28-30

تعليق على الإنجيل
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، أسقف أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة

\"إنّي وديعٌ مُتواضع القلب\"

إنّ الله متواضعٌ؛ أمّا الإنسان، فهو متكبّر. إنّ القاضي عادلٌ؛ أمّا المجرم، فهو وقح. يتفوّهُ الحرفيّ بكلمات متواضعة؛ أمّا الطين، فهو يلقي خطابًا على غرار الملك. \"تعالوا إليَّ وتَتَلمَذوا لي لأنّي وديعٌ مُتواضع القلب\". هو لا يأتي بالسوط ليَجلدَ، بل بالدواء ليَشفي.إذًا، فكّروا في صلاحه الفائق الوصف. هل سترفضون أن تعبّروا عن محبّتكم للمعلّم الذي لا يضرب أبدًا، وعن إعجابكم بالقاضي الذي يطلب السماح للمذنب؟ من مستحيل أن تبقوا غير مبالين أمام كلماته البسيطة: أنا الخالق وأحبّ صنيعتي؛ أنا الحرفيّ وأعتني بما صنَعَتْه يديَّ. لو كنتُ لا أبالي سوى بكرامتي، لما رفَعتُ الإنسان الخاطئ. لو لم أعالجْ مرضَه العضال بالأدوية المناسبة، لما استعادَ عافيتَه. لو لم أواسيه، لَفارقَ الحياة. لو اكتفَيتُ بتهديده، لَهَلِك. هو مطروح على الأرض، لكنّني سأشفيه بالزيت والخمر (لو10: 34). ممتلئًا رحمةً، أنحني نحوه لأنتَشلَه من سقطته. فذاك الذي يكون واقفًا لا يستطيع أن يُقيم إنسانًا مُستلقيًا على الأرض بدون أن ينحني ليمدّ له يده. \"تعالوا إليَّ وتَتَلمَذوا لي لأنّي وديعٌ مُتواضع القلب\".